لأهل رسول الله (ص) في قلوب المصريين - وبخاصّة الإمام الحسين (ع) - محبّة
مميّزة وتقدير عظيم، ففي كلّ عام، يحتفل المصريون باللّيلة الختامية لمولد الإمام
بن الحسين بن عليّ، بالمنطقة المحيطة بمسجد سيّدنا الحسين في شارع الأزهر.
ويعود تاريخ بناء مسجد سيدنا الحسين (ع) الّذي يضمّ رأسه الشريف، إلى العام 1154م
في عهد الدولة الفاطميّة.
يشارك في الاحتفال منشدون يحييون هذا المولد بالأناشيد الدينيّة الخاصّة، على الرغم
من صعوبة الأجواء والبرد القارس الذي يُلزم الكثيرين منازلهم، إلّا أن مريدي الحسين
وأحبابه لا يحول بينهم وبين إحياء مولد سيدهم أي عائق، فيخرجون كالأمواج من كلّ حدب
وصوب يستقبلون مقامه، مردّدين الأشعار والأهازيج التي تعيد عبق الزّمن الجميل،
فتشعر الجميع بالدّفء وعبق المناسبة الجليلة.
تلك الأعداد الهائلة من البشر تمثّل جميع الشّرائح من كلّ صوب واتجاه، من شمال مصر
وجنوبها، وأيضاً من كلّ فئات المجتمع المصري والعربي.
عشرات آلاف الزوّار قدموا من القاهرة ومن مختلف المدن المصريّة ومن أقاصي الصعيد
على بعد مئات الكيلومترات، بل إنّ منهم من قدموا أيضاً من خارج مصر.
على مدار مئات السنين، الأنوار والبخور والأناشيد والأطعمة، بل حتى المهرجانات، هي
أبرز مشاهد مولد الحسين التي تجذب فئات عديدة من المصريين، حيث تتنافس الطرق
الصوفيّة والعائلات الشهيرة في إقامة خيام باسمها لتقديم الأطعمة والمشروبات الحلوة
لجذب الجمهور، مع حلقات "الذكر"، حيث يتمايل الجمهور على أنغام الأناشيد.
قديمًا، كان الاحتفال بمولد الإمام الحسين (ع) يقام عند سفح جبل الدّراسة، حيث
تنتشر الخيام لاستقبال المصريّين، وتجهيز الملاعب والمراجيح، احتفاءً بمولد سبط
النبيّ (ص).
إنَّ محبَّة الحسين وآل الرسول (صلى الله عليه وآله) مدعاة عزّة وافتخار، ويحفزنا
على التضامن والوحدة ونبذ الخلافات والتعصّب، ومدّ جسور التّواصل بين المسلمين
جميعاً، الذين يجتمعون على محبّة الله ورسوله وأهل بيته الكرام.