[يقول الإمام زين العابدين (ع) في دعاء الصَّباح والمساء:]
"اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَوَفِّقْنا في يَوْمِنَا هَذا وَلَيْلَتِنَا هَذِهِ وَفِي جَمِيعِ أيَّامِنَا... لاتِّبَاعٍ السُّنَنِ، وَمُجانَبَةِ البِدَعِ".
اللَّهمَّ إنَّك شرّعت لنا في شريعتك، في كتابك وسنَّة نبيِّك، الكثير مما أردت لنا أن نفعله في أعمالنا، أو نتركه في أمورنا، في الأحكام التي تتعلَّق بأفعال الإنسان وتروكه، وأردت لنا أن لا نحيد عن ذلك ولا ننحرف عنه، لأنّه الطَّريق المستقيم الَّذي يؤدِّي إليك ويتَّصل بمواقع رضاك، ولأنّه المنهج الَّذي جعلته للحياة كلِّها في حركة الإنسان، والطريقة الحقَّة التي تمثِّل خطَّ السَّير في الواقع كلِّه.
وقد حذَّرتنا من البدعة في الدين، مما يكون مضادّاً للتشريع الإسلامي بشكلٍ مباشر، أو مما لم يشرّعه الشَّارع ولا يلتقي برضاك، لأنّك لم ترد لعبادك أن يتدخَّلوا في التشريع على خلاف ما شرّعت أو بعيداً منه، حتى إنّك لم ترخّص لنبيِّك محمَّد (ص) _ الذي هو أقرب خلقك إليك _ أن يزيد حرفاً أو ينقص حرفاً عمَّا أوحيت به إليه أو شرّعته له، فقلت - سبحانك- : {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}(الحاقّة: 44-47).
وبهذا كانت البدعة انحرافاً عنك، وتمرّداً عليك، وابتعاداً عن خطّك المستقيم وعن معنى العبوديَّة في عمق التزامها بك وخضوعها لك، فإنَّك أردت أن تكون عبادة عبادك لك من حيث تريد أنت في التَّخطيط التّشريعي، لا من حيث يريدون، لأنَّك أعرف بأسرار الأشياء، وبما يصلح أمرهم أو يفسده، فلا حريَّة لهم في التحرك في خطِّ المنهج العملي إلَّا من خلال ما منحتهم منها في ما أوكلت إليهم أمره.
اللَّهمَّ وفِّقنا لاتّباع السنن التي شرّعت، في ما أوحيته لرسولك أو ألهمته بها، ومجانبة البدع التي ابتعدت عن ذلك، حتى تكون حياتنا صورةً لإرادتك فينا، ولا تكون حركتنا بعيدةً عن منهجك.
اجعلنا مسلمين نلتزم بالإسلام كما أنزلته، ولا تجعلنا مسلمين منحرفين عن الخطِّ المستقيم.
*من كتاب "آفاق الروح"، ج1.