[ما هو النَّصيب؛ هل هو كلمةٌ نقصدُ بها رفعَ مسؤوليَّة اختيارِنا صحيحاً كان أو خطأً، أم هو عاملٌ لا إراديٌّ يوجِّهنا إلى ما يريد دون اختيارنا؟].
إنَّ النصيب يمثّل واقع حياتنا، ولكنَّ نصيبك هو حظّك في الحياة، في صحَّتك، وفي علمك، وفي موقعك... وهكذا.
ونصيبنا ككلِّ شيء يوجد في الحياة، قد يكون ناشئاً من اختيارنا، كأن يختار أحدنا زوجة معيّنة، فيدرس خصالها ويسأل عنها ثم يتزوّجها، فهي نصيبه، فإذا وجد أنّها ليست صالحة، فهي نصيبه الذي تمّ اختياره، وإذا كان هناك من تقصير، فهو تقصيرك في مقدّمات البحث والمعرفة، لأنّك استعجلت أمراً كان ينبغي أن لا تستعجل فيه.
فالعمل والزواج والدراسة وغيرها تنطلق من اختيارك، لأنَّ الله تعالى جعل هذه الأمور تحت اختيارنا.
وقد تكون المسألة مربوطة بالنظام الكونيّ، فنصيبك من اللّون والشكل مثلاً، هو هذا الذي أنتَ عليه، ونصيبك في أن تكون جميلاً هو حصيلة العملية الوراثيّة والتناسليّة، كما أنّ نصيبك في أن تكون في أرض مزدهرة اقتصادياً أو بالعكس، أو في أن تكون في أرض واقعة تحت حكم ظالم أو عادل، فهذا كلّه حظّك. ولكن قد يكون حظّنا ناشئاً من اختيارنا، وقد يكون ناشئاً من خلال علاقتنا بالنظام الإنسانيّ والكوني، ولا يمكن للإنسان أن ينفصل عن وجوده وعن كلِّ ما يتَّصل بوجوده.
أمَّا أن نقول بأنَّ النصيب شيء خفيّ، بحيث يتحرَّك دون قوانين وضوابط فلا، فكلّ واحد منّا لو درس ما هو فيه من حياة زوجيّة أو حياة مادية أو اجتماعية، فإنّه يستطيع أن يعرف الأُسس التي ارتكز عليها نصيبه، ومن الصّعوبة أن تجد نصيباً خفيّ الأُسس، بحيث لا يمكن أن يفهم. نعم، قد لا نفهم الواقع المحيط بالموضوع، وقد تكون بعض الأمور خفيّةً عنك كخفاء كثير من الأشياء في حياتك.
والله سبحانه وتعالى يحاسبنا على نصيبنا الذي اخترناه، ولا يحاسبنا على نصيبنا الَّذي اختاره لنا من خلال النظام الكونيّ.
*من كتاب "النَّدوة"، ج 3.