أَنُنَاجيكَ، والنَّجَاوى تطولُ
حَسْبُهَا مِنْكَ أنَّكَ المأمولُ
لَوْعةٌ نَحْنُ، ها هُنا، وَجِرَاحٌ
تَتَنَـزَّى في وعْيِنَا، وَتَسيلُ(1)
كُلَّما امْتَدَّتِ الحَيَاةُ وطَالَ الدَّر
بُ، واشْتَدَّ بِالسُّؤالِ، السّؤولُ
وَأَطَالوا الحَديثَ في السِّرِّ والإِعْلا
نِ، ماذا قالوا؟ وَماذا نقولُ
وَحَكَيْنَا لَهُمْ أحاديثَ مَنْ عا
شُوا طَويلاً.. إِنْ قيلَ: عُمْرٌ طَويلُ
رَدَّنا لِلْحَقيقةِ الِبكْرِ وَحْيٌ
خَالدٌ، شَدَّ آيَهُ التَّنـزيلُ
أنْتَ كالشَّمْسِ في هُدَانا وإِنْ
ضَلَّتْ بِمَعْناكَ، في الدَّياجِي، العُقولُ
أَنُنَاجيكَ، كَيْفَ يَسْمو بِنَا القَوْ
لُ، وَمَاذَا؟ إِذا دَهَانا المُحُولُ(2)
أيُّ لَفْظٍ لَمْ يُبتَذَلْ، أيُّ معنًى
لم يتاجِرْ بهِ خؤونٌ جَهولُ(3)
أيُّ دمعٍ في الأعينِ الحمرِ لم يُس
فَحْ رياءً، إنْ أَعْوَزَتْنا الحُلولُ
أيُّ فكرٍ لم نهدُرِ الطَّاقةَ الكُبـ
رى بهِ للطُّغاةِ حينَ يَجولُ
أنُناجيك للشَّكاوى الّتي تلـ
ـتاعُ فينا وترتجي، وتَميلُ
بين شكوىً تهُزُّنا بحديثِ الظُّلمِ،
طوراً يخبو، وطوراً يَصولُ
وشكاوى تنعى لكَ الدِّينَ والدُّنـ
ـيا، ويشتَدُّ بالنَّعي العويلُ
أيُّ شكوى لمْ تَصطنِعْهَا خطايا
نا، لم تجرِ في مداها الخيولُ
أيُّ ظلمٍ لم تنتصرْ فيه للظّا
لمِ منَّا، أسنَّةٌ ونُصولُ
من هم الظَّالمونَ؟ من أين جاؤوا
أينَ كانوا؟ ومن هوَ المسؤولُ
نحن سوطُ الطُّغيانِ، نحنُ سُيوفُ
البَغيِ، يَستلُّهَا الدَّعيُّ الدَّخيلُ(4)
كان فرداً وجاءَ زيدٌ وعمرو
حولَهُ، ثمَّ عامرٌ وعقيلُ
ثم أغرى بالمالِ كُلَّ ضعيفٍ
حُلْمُهُ في المدى، عطاءٌ جزيلُ
ثمَّ مدَّ السِّماطَ، وامتدَّت الأيـ
ـدي، فهذا هو الجوادُ المُنيلُ(5)
ثمَّ أهوى بالسَّوطِ يلسعُ فيهِ
كُلَّ حرٍّ لا ينحني أو يزولُ
فإذا بالنِّفاقِ، في مهرجانِ الشِّعـ
ـرِ، يزهو بمدحِهِ ويَطولُ
هُوَذَا المُصلحُ الكبيرُ فمن ذا
يتحدَّى الإصلاحَ، أين العذُولُ؟
وتعودُ السِّياطُ تهوي عليه
فهي تدري أنَّ النِّفاقَ ذليلُ
وتَدورُ الدُّنيا، فهذا الّذي
صفَّق للظُّلْمِ، وهو غِرٌّ عَليلُ (6)
هو ذا في السُّجونِ يُغضي عـ
ـلى الذلّةِ، وهو المعذَّبُ المغلولُ(7)
ويُنادي: عجِّلْ لنا الفرجَ الأكـ
ـبـرَ، إنَّ الحياةَ عبءٌ ثقيلُ
هو عبءُ الحياةِ أثقلَ دنيا
ها فعاشَتْ، بالزَّيفِ، هذي الفُلولُ
نحن نرجوكَ مِنْ جديدٍ، لكي تظـ
ـهرَ فينا، ليستريحَ القبيلُ
لتُرينا أنَّ العقيدةَ لمْ تشـ
ـرِق ليقتادَها جبانٌ دخيلُ(8)
أو ليلهو بها دعيٌّ يعيشُ الـ
ـعمرَ جهلاً، كما يعيشُ الكسولُ
أو ليَستَامَ وحيَها تاجرٌ يلـ
ـهَثُ في السُّوقِ حِلْمُهُ المعسولُ
أو لتحيا لها جلالاً وَجاهاً
يلتقينا به الصّراعُ الطّويلُ
فإذا بالّذينَ يحتضنونَ الـ
ـحقَّ وحياً يسمو به جبريلُ
عادتِ الأمنياتُ تلعبُ فيهم
فهيَ دينٌ لَهم ودنيا تدولُ
أيُّهُم يُمسكُ الذُّرى بيديهِ
فهو ذاك العظيمُ، وهو الأصيلُ
أيُّهم ينشرُ اسمَهُ كلَّما امـ
ـتدَّ به العمرُ، فهو ذكرٌ جميلُ
أيّ شيءٍ نرجو، أنرجوكَ للـ
ـحقِّ، فها نحن جيشُهُ المخذولُ
أيّ حلمٍ نهفو إليه؟ ألم يُقـ
ـتَلْ لدينا حلمُ الحياةِ النَّبيلُ
ربَّما نرتجيكَ أن تقهرَ الزَّيـ
ـفَ، فهذا شعارنا المحمولُ
مَنْ تُرَى زيَّفَ الحقيقةَ فينا
أنّه عندَنا العظيمُ الجليلُ
دَمْعُهُ يملأُ الجفونَ، وإن شا
ء اصطياداً، فبسمةٌ تستميلُ
حسبُهُ من سذاجَةِ النَّاسِ أن يجـ
ـري لديهِ التَّكبيرُ والتَّهليلُ
ويعيشُ المزّيفونَ على اسم الـ
ـحقِّ، والحقُّ بينهم مقتولُ
تظهر فينا، فقد أُضيعَ السّبيلُ
إنَّها حكمةُ الإلهِ، فلا تبـ
ـلُغُ أسرارَها لدينا العُقولُ
غير أنّا نهفو إليك وفي الرّو
حِ حنينٌ، وفي الحياة ذُهولُ
نحنُ في وحشةِ الطّريقِ حيارى
ولديكَ الهُدى وأنتَ الدّليلُ
نظمت في طهران في ذكرى مولد الإمام المهديّ(عج).
المصدر: من ديوان "قصائِد للإسلام والحياة".