وطَني تلفَّتْ.. هل تُحِسُّ هُن
ـ عبرَ الغَدِ الآتي ـ طيُوفَ سَنَ
أتُحِسُّ أنّكَ لمْ تعُدْ حُلُم
يُغْري بأجْفانِ الهَوى الوَسَنَ
وربيعَ وحْيٍ نسْتثيرُ بهِ
خ ِ صْبَ الحَياةِ.. فنُمْرِعُ الزّمَن
أينَ الحُقُولُ الخضْرُ زاهيةً
بالنّبْعِ يمْرحُ منْ هُنا وهُنا
هذا ثراكَ.. وفي قراراتِهِ
يُعطي الحياةَ.. فلا نمُدُّ لهُ
كفَّا تُباركُ فيه نبْعَ مُنَى
تئِدُ الحياةَ وتخْنُقُ الوطَن
تحْنو عليهِ برِقَّةٍ وهوًى
لتَخيطَ منْهُ لشَعْبِكَ الكفَن
حتّى إذا ازْدهَرَتْ حضارتُه
واسْتَبْدَلَتْ صحْراءَها مُدُن
واسْتَثْمرَتْ تاريخَنا فمضَتْ
تختطُّ فيهِ لمجْدِها سكْنَ
ورَنَتْ إلينا في مُغازَلَةٍ
كانتْ لها أرواحُنا ثَمَنَ
عُدنا إليكَ فلَمْ نجِدْ أثَر
إلا الأسى والجَوعَ والمِحَنَا
وطني تلفّتْ هل تُحسُّ هُن
أنّ الدُّجى القاسي يُحيطُ بن
هذا الشّبابُ وفي سواعِدِهِ
دِفءٌ يهُزُّ الرُّوحَ والبَدَن
وبِروحهِ عزْمٌ لوِ اصْطَدَمَتْ
نجْواهُ بالدُّنْيا لمَا وهِنَ
وعلى رُؤاهُ تطوفُ أخْيِلَةٌ
تحيا.. لتنْحَرَ باسْمِكَ الإحَنَ
أمْسى فأبْصَرَ فيكَ شاطِئَهُ،
للْواثِبِينَ عليكَ، مُرْتَهَن
ترْعى الدُّجى والجَهْلَ.. والحزن
والمصْنَعَ الجبّارَ مُتّجَر
لعصابَةٍ.. لم تُعْطِهِ أُذُن
فتمرَّدَتْ نجواهُ واقْتحَمَتْ
عبرَ الدّياجي ـ المرْكَبَ الخَشِن
وإذا بشاطِئِكَ الجَميلِ يرى
دمْعَ الحنينِ.. يوَدِّعُ السُّفُن
لتعُودَ بعْد غدٍ.. فيمْلأه
فوجٌ.. أبَتْ دنيَاهُ أن يَهِنَ
وغداً ستعْلَمُ إذْ يعودُ صدى
نجْواكَ بالآهاتِ مقْتَرِن
وتعودُ أرضُكَ وهْيَ قاحلةٌ
تشكو الظّمَا والمحْلَ والعَفَنَ
وتُحِسُّ أنَّ بنيكَ لم يجِدو
في ظلّ دوْحِكَ.. مرْبعاً حسَنَ
أنَّ البلادَ إذا غَدَتْ ثَمَراً
للأجْنَبيِّ أعادَها دِمَنَا
وطني تلفَّتْ إنَّ شرْذَمةً
عادَتْ إليكَ.. تُؤلِّهُ (الوثَنَا)
وتُهيبُ بالأحْقادِ.. يُلهبُه
ظُلْمُ القوى.. أنْ تزرعَ الفِتَنَ
ستَمُدُّها كفّاً تُهدِّم منْ
مجْدِ الحضَارةِ فيكَ رَمْزَ هَنَ
وتُحطِّمُ الرُّوحَ الّتي انْبَثَقَتْ
عنْ وحْدةٍ تتعهَّدُ الوطَنَ
فاقْطَعْ أنامِلَهَا فقدْ عبَثَتْ
بِحيَاتِنا.. وترشَّفَتْ دَمَن
وهُناكَ يا وطني ستسْمَعُ مِنْ
حريَّةِ الأجْيالِ لحْنَ غِنَ
ونعودُ نمرحُ في ثَرَاكَ كمَا..
كنّا نُغازِلُ باسْمِكَ الزَّمَنَ
* من وحي الحركات الاستعماريّة الّتي خنقت الحقول الاقتصاديّة
في المجتمع العربيّ.
ـ المصدر: من ديوان "قصائد للإسلام والحياة".