حدّثيني يا أرضُ ـ هلْ دَرَجَ البَغْ
ـيُ.. على ساعِديْكِ طفلاً رضيعَا
يرْضَعُ النَّبْعَ من عيونكِ رَقْر
قاً، ليجْري في ناظرَيْكِ ـ دُموعَ
ويَمُصُّ الجمَالَ منْ حقْلِكِ النّضْ
ـرِ... ليُردِيهِ في الخَريفِ صريعَ
ويثيرُ الظّلامَ في أفْقِكِ الرَّحْ
ـبِ.. ليُطْفي منْ مقْلتَيْكِ الشُّموعَ
أنتِ غذَّيتِهِ بنُعْماكِ ـ فَام
ـتدَّ.. وألقى على يديْكِ ـ الرَّبيع
وجرَى في دِماكِ ـ كالموتِ ـ يقْتَا
دُ إلى ساحةِ الفنَاءِ الجُموعَ
حدِّثيني عنه ـ فقدْ هدأ اللّيْ
ـلُ ـ ومرَّ النّسيمُ يخطرُ وهْنَ
نحنُ في عُزْلةٍ عنِ الكونِ.. فَالح
رِسُ أغْفى واللّيلُ يْقطُرُ أمْنَ
حدِّثيني عن البذورِ بأعْمَ
قِكِ.. هلْ مسَّها الظَّما فتَجنَّى
إنّها تسْتمِدُّ من روحِكِ النّو
رَ فرِفْقاً بها إذا اللَّيلُ جُنَّ
إنّها تُمْرِعُ الحياةَ بأعْمَ
قِ اليتامى، وتُبْدِعُ الخيرَ لحْنَ
وتُثيرُ الدَّمَ النَّقِيَّ، بأعْرا
قِ الكُسالى، سواعِداً تتغنّى
حدّثيني ـ يا أرضُ ـ عن منجَلِ
الفلاّحِ.. هل مسَّهُ العَنا فتحطَّمْ
أتراهُ التَوَى ـ على قسوةِ الي
سِ، وثارَ الشَّقا به فتثَلَّمْ
يا لهولِ الطُّغيانِ، حتّى الصّخورُ
الصُّمُّ منْ عسْفِهِ تئِنُّ وتسْأمْ
إنَّها قصّةُ السّيادةِ ما زَ
لَتْ.. على أنَّةِ المساكينِ تحْلُمْ
طوَتِ الدّهْرَ.. ثمّ أهْوَتْ على الزَّرْ
عِ تَعُبُّ الحياةَ منْهُ لتَنْعَمْ
والعُيونُ الّتي رعَتْهُ ظِمَاءٌ
تلْعَقُ النّبْتَ في مجالِيهِ علْقَمْ
حدِّثيني مَالي أحِسُّ مَيَادي
ـنَكِ قَفْراً يطوفُ فيها السّكونُ
وبَواديكِ ـ يا لَروعَةِ دنْيَ
ها ـ مَتاهٌ أغْفَتْ عليهِ الشُّجونُ
أيْنَ واحاتُها الّتي تمْلأ الأفْ
ـقَ اخْضِراراً، يموجُ فيهِ الفُتُونُ
يا لجهْلِ الإنسانِ يشكو منَ الفَ
قَةِ، والكنْزُ في يدَيْهِ مَصُونُ
لو درَى كيفَ يصنعُ الفجْرَ في
الكونِ لثارَتْ على مدَاكِ العُيونُ
ولألْفَى النّعيمَ يمْرَحُ في وَا
ديكِ حُرّاً كما تشاءُ الظّنونُ
حدّثيني ـ يا أرضُ ـ عنْ غَايةِ
الإنسانِ ـ ماذا يريدُ بالإنسانِ
خلْفَ هذا الصّراعِ غيرُ الدّخَانِ
وسِبَاقٌ على كنوزِكِ يمتدُّ، ليطْو
ي الرّبيعَ في الأكْوانِ...
بعضُ ما فيهِ: أنّه يدَعُ المَلْ
ـعَبَ، نَهْباً لخائِرٍ أو جبَانِ
ويشلُّ الخُطَى: إذا هدَرَ الرَّكْبُ،
ليَجْري على جَنَاحِ الزّمانِ
حدِّثيني فالحرْبُ تُوشِكُ أنْ تدْ
عو الضّحايا إلى اكْتِسابِ الرِّهانِ
إنّ حديثَ الأمِّ عذْبٌ يَلذُّ للأرْواحِ
نحنُ نجْري في البحْرِ.. والموجُ م
زالَ.. يهُزُّ السَّفينَ بينَ الرِّياحِ
فمتَى يُفْصِحُ الصَّباح.. عن المَرْ
فـأ.. والشُّهْبُ آذَنَتْ بالرّواحِ
علَّنا نبْدأ الحياةَ برُوحٍ
تتلظّى على نداءِ الكِفاحِ
في مجَالٍ يعيشُ فيهِ بَنو الأرْ
ضِ سواءً في عزَّةٍ وطِماحِ
وَهُنَا: سوْفَ تسْمَعينَ غِنَاءَ المِـ
ـنْجَلِ الحُرِّ في يَدِ الفلاَّحِ
المصدر: من كتاب "قصائد للإسلام والحياة".