يَا فَتَاةَ الإِسْلامِ ... هَذا طَريقُ الله ... رَحبٌ منضَّرٌ
بِالرَّبيعِ
كُلُّ آفاقِهِ، هُدىً يَفتحُ الرُّوحَ وَنُورٌ يُضيءُ كلَّ
الرُّبوعِ
وَعَطَاءٌ يَهمي كَمَا الشَّمسُ في الصَّحو، كَمَا الرَّيُّ
فِي خُطى اليُنبوعِ
وَانطلاقٌ يُوحي لَنَا بانْفِتَاحِ العَقْلِ فِي كُلِّ دَعْوَةٍ
لِلْجُموعِ
* * *
إفْتَحِي رُوحَكِ الطَّلِيقةَ فِي نَجْوَاهُ، فِي وَحْيِهِ
الطَّلِيقِ الرَّفِيعِ
إنَّهُ دَعْوَةُ السُّمُوِّ إلى القِمَّةِ تَرْنِيمَةُ الْجَمَالِ
البَدِيعِ
حَسْبُهُ أنْ يُلَوِّنَ الرُّوحَ بِالسِّحْر وَيَنْسَابَ بسمةً
فِي الدُّموعِ
فَإذا بِالْحَياةِ فَيْضٌ مِنَ الْحُبِّ الإِلهِيّ فِي حَنَانٍ
بَدِيعِ
* * *
يَا فَتَاةَ الإِسْلاَمِ، مَنْ أَنْتِ هَلْ أَنْتِ بَقَايَا
عُهودِنَا السَّوداءِ
حَيْثُ لا يَسْتَرِيحُ لِلْفَجْرِ تَارِيخٌ يُثِيرُ الْحَيَاةَ
بِالإِيحَاءِ
كُلُّ مَا عِنْدَهُ حَديثُ اللَّذَاذاتِ، وَلَهْوُ الغِوَايَةِ
الْحَمْراءِ
لَسْتِ فِيهِ إِنسانةً بَلْ كَيَاناً أُنْثَوِيّاً يَعِيشُ
لِلإِغْرَاءِ
* * *
يَا فَتَاةَ الإِسْلاَمِ مَنْ أَنْتِ، هَلْ تَلْهُو الثَّقَافَاتُ
بِالْخُطى الْمَسْحُورَهْ
إِنَّها قِصَّةُ الْمُسَاوَاةِ تَحْكي لِلسَّرايا الْمَطَالِبَ
الْمَشْهُورَهْ
أَنْتِ مَظْلُومَةٌ .. فَهَلْ لِدُمُوعِ العَصْرِ، غَسْلُ الكَرَامَةِ
الْمَهْدُورَهْ
غَيْرَ أنَّ الرُّوادَ، زَادوا ظُلامَاتِ العَذَارى في السَّاحةِ
الْمقْهُورهْ
* * *
أَنْتِ إِنسانَةٌ .. كَمَا هُوَ إِنْسَانٌ .. فَلِلْكَونِ،
مِنْكُمَا جُهْدُ حُرِّ
لَكِ جُهْدُ الْحَيَاةِ، فِي رَوْعَةِ الإِيْمَانِ، إِنْ عِشْتِ
فِي جِهَادٍ وَصَبْرِ
لَكِ حُرِّيَّةُ الإِرَادةِ إِن جُنَّتْ قُوى الظُّلْمَ فِي
انْفِعَالٍ وَقَسْرِ
وَعَلَى مَوْعِدِ الأُمُومَةِ يَحْبُو الفَجْرُ طِفْلاً عَلَى
حَنَانٍ وَطُهْرِ
* * *
أَنْتِ مَخْلُوقَةٌ لِيَنْسَابَ بِالرَّحْمَةِ وَاللُّطْفِ
عَالَمٌ مَقهُورُ
لِيَعِيشَ الْحَنَانُ رُوحاً إِلِهيّاً يُنَاجِيهِ خَافِقٌ
مَذْعُورُ
وَتَفيضُ الأُمُومَةُ الطُّهُرُ بِالْحُبِّ كَمَا فَاضَ فِي
الصَّبَاحِ النُّورُ
حَسْبُهَا مِنْ عَطَائِكِ السَّمْحِ أنَّ الكَوْنَ مِنْهُ اِبتسامةٌ
وَشُعُورُ
* * *
أَنْتِ إِنْسَانَةٌ، تَعِيشُ لِيَحْيَا فِي الْمَدى الرَّحْبِ
عَالَمُ الإِنْسَانِ
كُلُّ طَاقَاتِهَا، يُفَجِّرُهَا الإِيْمَانُ.. يُنبوعَ رَحْمَةٍ
وَحَنَانِ
وَحَيَاةً تَمْتَدُّ بِالْحَقِّ وَالقُوَّةِ فِي أَريحيَّةِ
الإِيْمَانِ
وَحَكَايَا يُهَدْهِدُ الْمَهْدُ نَجْوَاها بِوحْي الطُّفُولَةِ
الرَّيّانِ
* * *
أَنْتِ إِنسَانَةٌ.. تُزَغْرِدُ لِلْفَجْرِ كَمَا زَغْرَدَتْ
طُيورُ الرَّبيعِ
يُومِضُ النُّورُ فِي قِرارَة عَينيْها، بِوَحْيٍ يَعيشُ زَهوَ
الشُّموعِ
حُلمُها البِكرُ: أَنْ يَسودَ السَّلامُ الأرضَ، بِالْحُبِّ
فِي لِقاءِ الْجُموعِ
وَيَعُودَ الإِسْلاَمُ، فِي رِحْلَةِ التَّارِيخِ، دَرباً مَفْتُوحَةً
لِلْجَميعِ
* * *
يَا فَتَاةَ الإِسْلاَمِ .. هَذِي هِيَ الزَّهْرَاءُ .. هَلْ
تُبْصِرِينَ قُدْسَ السَّمَاءِ
عَاشَ فِي وَعْيِهَا، رِسَالَةَ وِجْدانٍ، كَمَا الوَحيُ فِي
هُدَى الأَنْبِيَاءِ
كُلُّ أَحْلامِهَا الرِّسالةُ... تَرعَاهَا بِقَلْبٍ يَفيضُ
بِاللأْلاءِ
هِي بِنْتُ الرَّسولِ .. حَسْبَ الذُّرَى الشَّماءِ مَجْداً
إِطْلالةُ الزَّهراءِ
* * *
عَاشَتِ العُمرَ طِفْلَةً .. يُرْهِقُ الآلامَ إِحسَاسُها ..
بِعُنفِ العَذَابِ
لَمْ تَجِدْ أُمَّهَا الْحَنُونَ لِترعَاهَا حَناناً فِي لَهْفَةٍ
وانسيابِ
رَفْرَفَ الْمَوتُ حَوْلَها .. فَتَهاوَتْ أُمْنيَاتُ الصِّبا،
عَلَى الأعْتَابِ
وَمَشَتْ فِي طُفولةِ العُمْرِ تَحْيَا رَقْرَقَاتِ الدُّموعِ
فِي الأَهْدَابِ
* * *
يَا لِرُوحِ الطُّفُولَةِ الغَضِّ يَجْتَاحُ ابتسَامَاتِها
بُكاءُ اللّيالي
وَالأمَاني تَرْتَاعُ فِي قَسْوَةِ الإِعْصَارِ، حَتَّى يَجُنَّ
بِالأَهْوالِ
غَيْرَ أنَّ الرِّسَالةَ الطُّهرَ تُوحِي بِالْهُدَى السَّمِحْ
فِي رِحَابِ الْجَلالِ
لِيُشدَّ القُلوبَ، فِي مَوعِدِ الإِيْمَانِ، بِالعَزمِ فِي
طَريقِ النِّضالِ
* * *
فَإِذَا الطِّفْلَةُ الفَتِيَّةُ رُوحٌ يَتَحَدَّى بِالْحَقِّ
وَحيَ الدُّمُوعِ
عَاشَتْ الفَجْرَ مُشْرِقاً فَاسْتَشَارَتْ كُلَّ أَحْلامِهَا
لِصَحْوٍ بَدِيعِ
وَمَشَتْ فِي خُطى أَبيهَا رَسْولِ الله تَرْعَاهُ بِالْحَنَانِ
الوَدِيعِ
كَلِمَاتٌ تَحْنو، وَبَسْمَاتُ حُبٍّ وَحَنِينٌ إِلى الْجَلالِ
الرَّفيعِ
* * *
فَإذَ بِالْفَتاةِ أُمّ أبيهَا فِي انسياب الرُّوحِ الْحَنونِ
الطَّهُورِ
كَانَ جوعُ الْحَنَانِ يَأكُلُ، فِي حِسِّ اليَتامَى ـ لَدَيْهِ
دِفءَ الشُّعُورِ
وَإِذَا بِالزَّهْرَاءِ، فِي لَوْعَةِ اليُتْمِ ـ تُغَذِّيهِ
بِالْحَنَانِ الكَبِيرِ
تَفْرُشُ القَلْبَ وَهْوَ غَضٌّ لِبَلْوَاهُ، فَيَغْفُو بِهَدْهَدَاتِ
السُّرُورِ
* * *
إِنَّهَا قِصَّةُ الرِّسالَةِ تَطوي بِخُطَاهَا فَجَائِع الأيّامِ
حَسبُها أن تُفَجّرَ الرُّوحَ بِاليُنبوعِ يَنْسَابُ بِالْهُدَى
وَالسَّلاَمِ
فَإذَا بِالْمَدى امتدادُ حَيَاةٍ تَتَسَامَى بِالطُّهْرِ وَالإِلْهَامِ
كُلُّ آفَاقِهَا الرِّسالةُ، فِي فِكرٍ رَحيبٍ مُنَضَّرٍ بِالسَّلامِ
* * *
وَتَهَادَتْ مَعَ الشَّبَابِ، كَمَا يَخْطُرُ بِاللّطْفِ، فِي
الْحَيَاةِ الرَّبيعُ
وَعَليٌّ يَخْطو كَمَا الفَجْرُ يَنْهَلُّ فَتَهْتَزُّ بِالعُطور
الرّبوعُ
رُوحهُ البِكرُ مُلْتَقى الأريحيَّاتِ، فَمِنْهَا تَفَجَّرَ
اليُنْبُوعُ
وَعَلى هَدْيِهِ، استراحت خُطى التَّاريخِ فَالأرْضُ مِنْ شَذَاهُ
تَضُوعُ
* * *
وَعَليٌّ يَهْفُو إلى الطُّهرِ، فِي جَوٍّ حَميمٍ، يَضُمُّهُ
الإِسْلاَمُ
كُلُّ أحْلاَمِهِ تَطُوفُ مَعَ القِمَّةِ، تَهتَزُّ حَوْلَها
الأنْغَامُ
وَعَلَى اسمِ الزَّهراءِ تَرتَاحُ دُنْيَاهُ وَيَنْسَابُ فِي
خُطَاهَا السَّلامُ
وإذا بِالسَّماءِ تُوحي .. ففي الأرضِ لِقاءٌ، وفِي السَّمَاءِ
ابْتِسَامُ
* * *
هُوَ كُفْؤ الزَّهْرَاءِ، لا النَّسَبُ العَالِي هُداهُ، وَلاَ
الْمَقَامُ العظِيمُ
إنَّها قِصَّةُ الْحَيَاةِ، إذا اشتدَّت خُطاها نَحْو السَّماءِ
النُّجُومُ
هَو صِنْوُ الذُّرَى الّتي يَهْدُرُ اليُنْبُوع فيها، وَتستَريحُ
الكُرُومُ
حَسْبُهُ رُوحه الّتي امتدَّ فِيها الْخُلُقُ الرَّحبُ والسَّمَاحُ
الكَرِيْمُ
* * *
يَا لِرُوحِ الزَّهْراءِ يَخْشَعُ فِي أعماقِهَا النُّورُ فِي
ابتهالِ الدُّعاءِ
فِي سُمُوِّ السُّجُودِ لله فِي إشراقَةِ الرُّوحِ بِالدُّموعِ
الوضاءِ
أيُّ سِرٍّ فِي القَلْبِ إذْ تَنْبُضُ الْخَفْقَةُ فِيهِ بِأُمْنِيَاتِ
السَّمَاءِ
كُلُّ أَحلامِهِ النَّجَاوَى النَّديَّاتُ مَعَ الله فِي ربيعِ
الرَّجَاءِ
* * *
وَالتَّسابيحُ تَستغيثُ وَتَلْتاع وَتَهْفُو وَتَلتقي بالنِّداءِ
رَبِّ يَا بَاعِثَ الْحَيَاةِ شُعَاعاً في الصَّحارَى، في اللَّيلةِ
الظَّلْمَاءِ
هَبْ نعيمَ الإِيْمانِ، فِي يَقظةِ الطُّهرِ لِلاهِينَ عَنْ
غَدِ الأُمَنَاءِ
إِنَّهُمْ غَافِلُونَ عَنْ مَوعَدِ النُّورِ إذَا اهتَزَّ فَجْرُهُ
بِالضِّيَاءِ
* * *
رَبِّ هَبْ لِلّذِينَ تَكْدَحُ دُنْيَاهُمْ وَتَشْقى فِي قَبضةِ
الضَّراءِ
رَاحَةَ الرُّوحِ وَالْحَيَاةِ، الّتِي تَمْلأُ بِالعزمِ أعْيُنَ
الضُّعَفَاءِ
أعطِ قَومِي حِسَّ الْمَحبَّةِ فِي جَوٍّ حَمِيمٍ عَلَى صَعيدِ
الإِخاءِ
وَاحتَضِنْ لَوْعَةَ اليَتَامَى بِنُعْمَاكَ بِلُطْفٍ مُنَضَّرِ
الآلاءِ
* * *
وَيَطُوفُ الدُّعَاءُ فِي هَمَسَاتِ الرُّوحِ يَنْسَابُ مِنْ
هُدَى الزَّهْرَاءِ
وَإذا بِالطُّفولَةِ الغَضَّةِ البِكْرِ تُنَاجِي فِي هَمْسَةِ
الأنْدَاءِ
قَال أمّاهُ .. أنتِ تَذوينَ .. فِي عَسفِ اللَّيَالِي وَفِي
جُنونِ الشِّتَاءِ
وَالدُّعَاءُ الْحَزينُ لَهْفَةُ قَلبٍ صَعَّدتْها حَرارةُ
الأرْزَاءِ
* * *
أَنتِ أنتِ الطُّهرُ الّذي يَرشُفُ الفجرُ نَداهُ في رَوعَةٍ
وَنَقَاءِ
دَعوةُ الرُّوحِ مِنكِ تَسمو إلى الله فَتهمي مَسَاكِبُ الأشذاءِ
وَيَعيشُ الرِّضْوانُ واللُّطفُ والرَّحْمَةُ فيها من خَالِقِ
النَّعماءِ
دَعوةً تَخْرُقُ الْحَواجِزِ مَهْمَا امتدَّ في دَربِها الفَضَاءُ
النَّائِي
* * *
وَتَطُوفُ الطُّفُولَةُ الطُّهرُ بالحبِّ سُؤالاً كَلَفْتَةِ
الأحْلامِ
لِمَ هَذا الْحِرمَانُ، فَالْكَلِماتُ البِيْضُ تَلْتَاعُ فِي
ابْتِهَال السَّلامِ
كُلُّ هَذا الدُّعاءِ للنَّاسِ .. أُمَّاهُ وَدُنْياكِ مَرْتَعُ
الآلامِ
إنَّنا يا بُنيّ ـ لِلجَارِ ثُمَّ الدَّارِ .. إنَّا على هُدى
الإِسْلامِ
* * *
نحنُ نحيَا للمُتعبينَ الّذينَ استْنزفَتْ جُهْدَهُم صُروفُ
الزّمانِ
هؤلاء الّذينَ يَحْيونَ بالآلامِ، إنْ عاشَ غيرُهُمْ لِلأماني
إِنَّنَا للمُعَذَّبينَ... لِمَنْ عَاشُوا اللّيالي في غُمْرَةِ
الأحزانِ
كُلُّ تاريخِنَا...رسالةُ حُبٍّ وَجهادٍ لكلِّ قلبٍ عانِ
*المصدر: من ديوان "يا ظلال الإسلام".