هذا الشّبابُ: الطّالعُ النّشوانُ.. من خمرِ الحياه
الظّامئُ الصّادي إلى فيضِ الهوى بين الشِّفاه
يجري ولا يدري المصيرَ.. وأين منه أن يراه
ويهيبُ بالدّنيا نداهُ لتسمعَ الدّنيا نداه
هيّا إلى سُبلِ الهناءِ فما الحياةُ سوى الرّفاه
والكونُ.. إنَّ الكونَ روضٌ.. فلنمتّع في رُؤاه
..ويعودُ صفرُ الكفِّ يذوي كالهشيمِ على ثراه
ماذا تُرى صنع الشّباب مع الحياةِ وما جناه
* * *
هذا الشّبابُ يسيرُ دونَ هُدًى، فيخدعُه السّراب
ودروبُه.. مُغبَّرةُ الأرجاءِ يغمرُها الضّباب
وحياتُه.. حلمٌ يموتُ.. يغورُ في عمقِ التّراب
ورؤًى من الدّنيا.. تُغشيها غيومٌ من عذاب
وهواجسٌ تطغى عليه، تموجُ في القلبِ المذاب
ما بين حبٍّ خافتِ النّجوى وشكٍّ وارتياب
خنقتْهُ ثائرةُ الحوادثِ بين أحلامٍ عِذاب
وظلامُ دنيا راعَها، أن ينجلي فجرُ الشّبابِ
***
هذا الشّبابُ الحرُّ.. يحملُ مشعلَ الفجرِ الجديدْ
في ظلمةِ اللّيلِ البهيمِ وزحمةِ الدّربِ البعيدْ
إن لم يُحطِّم خطَهُ الباغي، بأسياطِ الجنود
يجري وفي شفتيْهِ يرقُصُ حُلُمُ دنياهُ السّعيد
حُلُمُ الخلودِ.. النّضرِ، والأرواحُ تخفقُ للخلود
وبروحِهِ لحنُ الحياةِ يموجُ رقراقَ النّشيد
ما بين حُلُمٍ مشرقِ البسماتِ في ثغرِ الورود
وخواطرٍ.. طافت على دنياهُ بالنّصرِ المجيد
* * *
وتمرُّ أشباحُ الحياةِ عليهِ حالكةَ البرود
أشباحُ عهدٍ مظلمِ الآفاقِ يزخرُ بالجمود
وقفت حواليْها رؤى الماضي تُلوِّح بالقيود
فيروحُ يبعثُ صرخةَ الأعماقِ في قلبِ الوجود
ويثيرها هِمماً تلهَّبُ بالصّواعقِ والرُّعود
ويهيجُها حرباً تُمثِّل ثورةَ الفكرِ العنيد
ويزيحُ عن هذي الخواطرِ ما تبقّى من ركود
هذا الشّبابُ دُنًى من الآمالِ تحفلُ بالسّعود
النجف - من ديوان: على شاطئ الوجدان .