يا ظلالَ الإسلامِ.. وامتدّتِ اللُّعبةُ.. واشتدَّ حولَها اللاّعبون
وتعالى الهُتافُ للاَّعِبِ الأكبرِ حتّى اسْتثارَهُ الهاتِفون
غيْرَ أنَّ الملاعِبَ السُّمْرَ غشَّتْ بالرِّمالِ السَّوداءِ، منها، العُيون
حيثُ تهتزُّ في الثَّرى كُرةُ اللّعبِ شمالاً على المدى ويمين
* * *
ويلُفُّونَ حوْلَها ويدورونَ.. ويجْرُونَ بينَ دفْعٍ وجَذبِ
ويهُزُّونَ قبْضةَ الغدِ في وجهِ السَّرايا، إنْ حنَّ للفجرِ شعْبي
وتظلُّ الأحلامُ تهتزُّ في أجفانِنا الحُمْرِ في ابتهالٍ وحُبِّ
وتضيعُ الخُطوطُ في غمْرةِ الأحلامِ في التَّيْهِ بين دربٍ ودرْبِ
* * *
إنَّها لعبةُ الدُّمى.. تَدَعُ المسرَحَ يحيا يضُمُّ لهْوَ الأماني
يحضنُ الحُلْمَ في الدُّجى ويُناغِيهِ، ليغفو بهدهداتِ الحنانِ
ويجيءُ الصَّباحُ.. فالحُلْمُ كابوسٌ ثقيلٌ مخضَّبُ الألوانِ
تستفيقُ الحياةُ فيه على عسفِ اللَّيالي ولَسْعةِ الأُفْعوانِ
* * *
إنَّها لُعبَةُ الكِبارِ مع الأطفالِ في قهقهاتِهِم في اللَّيالي
في الخُطوطِ العَمياءِ.. في الأحْرف البلْهاءِ، في سرِّ صنعةِ الأبطالِ
في حديثِ الثَّوراتِ، تمتصُّ بالثَّورةِ ما اشتدَّ من هُمومِ النِّضالِ
في الأحاجي تُخَدِّرُ الفِكْرَ.. تُلهيهِ بلَغْوِ الأقْوالِ والأفعالِ
* * *
إنَّهُم يزرَعونَ بالشَّوكِ درْبَ الحقِّ.. والدَّربُ غارقٌ في الظَّلامِ
ويُحيلونَ كلَّ يُنبوعِ حُبٍّ بلهيبِ الأحقادِ وَقْدَ ضَرامِ
ويُثيرونَ بالسَّذاجاتِ دُنيانا بلحْنٍ منوَّعِ الأنغامِ
ويُغطُّونَ بالمساحيقِ وجهاً شوَّهتْهُ نوازِعُ الإجرامِ
* * *
إنَّها لُعْبَةُ الشُّعوبِ الّتي تعبثُ بالحربِ في حياةِ الشُّعوبِ
تسْتثيرُ الأهوالَ في حاضرِ الأُمَّة، تقتادُ داجياتِ الخُطوبِ
تستفزُّ المشاعرَ السُّودَ.. تُدمي الأرْيَحيَّاتِ بالسِّلاحِ الرَّهيبِ
تستعيدُ التَّاريخَ.. تروي حَكاياهُ الدَّوامِي في لَهفةِ المنكوبِ
* * *
إنَّها لُعبةُ الكبارِ تُثيرُ الجوَّ بالفِكرِ والتُّقى والصَّلاحِ
ليعيشَ المُفكِّرونَ، مَعَ الفِكرِ صِراعاً مُحَطَّمَ الألواحِ
وُيثيرَ الصَّلاحُ في وسوساتِ الرّوحِ هَوْلاً من عاصفاتِ الرِّياحِ
مِنْ هِياجِ الهُدى على زُمْرةِ الكُفْرِ على كُلِّ فاسقٍ فضّاحِ
* * *
ويثورُ الغُبارُ في جدلِ الفكرِ وتضْرى العُقولُ في كلِّ ساحِ
ويطوفُ اللَّهْوُ المُفكِّرُ مجنوناً جديبَ الأفكارِ والأرواحِ
همُّهُ: أن يُحرِّكَ الجوَّ بالفِكرةِ مهما تحرّكَتْ بالجِراحِ
أو أثارَتْ كُلَّ التَّفاهاتِ والأحقادِ واللَّغوِ في ضجيجِ الرِّياحِ
* * *
وتثورُ المشاعرُ الحُمرُ بالنَّخْوةِ إن سَعَّرَ التُّقى النِّيران
إنّ في كُلِّ كِلمةٍ شرَراً يمتدُّ.. يلهو.. يُهيِّجُ الأضغان
وعلى كلِّ صيحةٍ ثورةٌ تجتاحُ كُلَّ السُّرى وتَطوي الزَّمان
وتُناجي كُلَّ السَّذاجاتِ روحُ الخيرِ حتّى تُهدِّمَ البُنيان
* * *
ويعيشُ الكبارُ خلفَ سذاجاتِ الخُطى الطيِّباتِ، عبرَ الظِّلالِ
وتعيشُ الشُّعوبُ تحكي معَ التَّاريخِ ما امتدَّ من جهادِ الرِّجالِ
ويَظَلُّ الضَّبابُ يَطوي المسافاتِ مع اللَّيلِ طافِحاً بالجمالِ
ثُمَّ يمضي السُّرى سريعاً وتبدو للمُجِدِّينَ لعْبَةُ الأجيالِ
* * *
هو حِلْفُ الشَّيطانِ، هل حدَّقَتْ عيناكَ، كيفَ استثارَنا الشّيطانُ
فغرِقْنا في ألفِ حزبٍ وعشْنا تزدَهينا الأشكالُ والألوانُ
وعَرَفْنا أنَّ الدُّروبَ الّتي سرنا عليها يجتاحُها الطُّغْيانُ
غيرَ أنّا ـ والذُلُّ يأكُلُ نجوانا ـ خضَعْنا وشاقَنا الإذْعانُ
* * *
إنّها لُعْبةُ الكِبارِ الّتي تزْرَعُ درْبَ العقولِ عُشباً جديد
يزدهينا فيهِ اخضرارُ الغدِ الرّيّانِ، إنْ أغدقَ الكبارُ الوعود
يرسِمونَ الفكرَ الجديدَ على دربِ الثّقافاتِ منهجاً مَرصود
ليُعيدوا الإنسانَ من عُمقِ تاريخٍ سحيقٍ يَطوي لَديهِ العُهود
* * *
وبدأنا نعودُ للأمسِ في (بابل) طوراً وفي (الفراعين) أخرى
وعلى اسْمِ الملوكِ من عَهْدِ (ساسان) وقفنا نجدِّدُ العهدَ فخْر
.. وافترقنا.. فلم تعُدْ كلماتُ اللهِ توحي فتبعثُ الحقَّ فجْر
واندفعْنا في اللّيلِ، في ظُلمةِ الأوهامِ نحوَ الضَّلالِ برّاً وبحر
* * *
.. ومضى الدّارسونَ للشّرقِ في استشراقِ تاريخنا وخطوِ سُران
فأثاروا الغبارَ في شِرعةِ اللهِ.. وفي قُدسِ فِكْرِنا وهُدان
.. وضَعُفْنا.. واستسلمَ الضَّعفُ للقُوّةِ تجتاحُ بالضَّلالِ قِوان
ووقفْنا نستشرقُ الغَدَ من قِصَّةِ فكرٍ يُقدِّسُ الأوثان
* * *
وأفَقْنا على الثّقافاتِ تَغزونا.. تُثيرُ الرِّمالَ في الأجواءِ
تتحدَّى.. ترتاحُ للشَّكِّ يَطوي بالدّياجيرِ روعةَ الأضواءِ
ثم تُغري الجيلَ الّذي رضَعَ الأوْهامَ فِكراً من فِتْنةِ الظّلماءِ
وتُناديهِ: أن يُحطِّمَ قُدْسَ الحقِّ جهلاً باللَّغوِ والضَّوضاءِ
* * *
إنَّها لُعبةُ الكبارِ.. تُديرُ الكأسَ للشَّاربينَ بينَ النَّدامى
فلكلٍّ خمرٌ تثقِّلُ أجفانَ السَّرايا وتُسكِرُ الأحلام
ولكلٍّ ما يشتهي من لَذاذاتٍ تُغنِّي.. فتبعَثُ الأنْغام
ولكلٍّ من وَحْيِها بعضُ أوهامٍ كبارٍ تُعقِّلُ الأوهام
* * *
ويمرُّ الكُهّانُ في لعبةِ التَّبشيرِ بالخيرِ يستثيرُ الشُّعوب
بين كفٍّ ترعى اليتيمَ وتحنُو في ظلالِ المأساةِ قلباً حبيب
ويدٍ تمسحُ الجراحَ.. وأعمالٍ كبارٍ تَجلو بِهِنّ الكُروب
ونوادٍ للعِلْمِ.. للمَرَحِ اللاَّعبِ تَقْتادُنا شباباً وشِيب
* * *
ويمرُّ الكبارُ بالخيرِ والتَّبشيرِ في قصَّةِ الشُّعوبِ الفقيرَه
وعلى اسمِ الإحسانِ والقِيَمِ الكُبرى تموتُ الكرامةُ المهْدوره
.. ويظلُّ المبشِّرون، مع البُؤسِ المدمَّى.. في الأُمنياتِ الصَّغيره
ليعود الكبارُ للأرضِ والإنسانِ يرعَوْنَ بالخِداعِ أمورَه
* * *
ويظلُّون ينصحون.. ويدعُون.. وتبقى الشُّعوبُ صرعى النَّصيحهْ
في غدٍ تهزمُ النّصائِحُ فيهِ الفجرَ إن فتَّحَ الرِّياءُ جُروحَهْ
أو أثارَ الكبارُ فيه الرّياحَ الهُوجَ في أرضِهِ الطَّهورِ الفسيحَهْ
.. ويمرُّ الدُّجى.. ويكتشفُ التّاريخُ.. من ذا وراءَ هذي الفضيحهْ
* * *
وتَلاقى التَّبشيرُ.. والظُّلم.. يا للحِلْف يجري ليَخنُقَ الإسلام
كُلُّ ما عندَه.. إذا عاشَتِ المأساةُ فينا.. أن يجرحَ الآلام
.. أن يفِرَّ الإسلامُ منَّا كِياناً يتخطَّى الحُدودَ والأعلام
ويعودَ الإيمانُ في لُعبةِ الأصنامِ فكراً يُقدِّسُ الأصنام
* * *
وابتعدْنا عنِ الجُذورِ وسرْنا في رياحٍ مجنونةِ الأهواءِ
بينَ فِكْرٍ يدْعُو إلى الكُفْرِ دُنيانا وفِكرٍ يتيهُ في الصَّحراءِ
وحياةٍ تلوَّنَتْ وأثارتْ في خُطى الجيلِ فكرةَ الإغراءِ
واطمأنّت للحسِّ والشَّهوةِ الخرساءِ في ظلِّ دعوةٍ حمراءِ
* * *
إنّها لُعبةُ الكبارِ الّتي استسلَمَ في لهوِها الطَّروبِ الصِّغارُ
سرُّ مأساتِنا.. طُموحٌ صغيرٌ يتلهّى بخطوِهِ الأغرارُ
وشُعورٌ تمرُّ فيه الأماني كالحاتٍ، كأنّهنَّ الغُبارُ
يرقُدُ المستحيلُ فيها، كما ترقُدُ، في عتمةِ الدُّجى الأخطارُ
* * *
سرُّ مأساتِنا، مع اللُّعبةِ الكُبرى، ضميرٌ مخدَّرٌ مذعورُ
خدَّروا وَعْيَهُ، بِسِحْرِ الرَّبيعِ الغضِّ، تلهو على مداهُ الزُّهورُ
وأثارُوا لَدَيْه في دَمدَماتِ البَحرِ رُعْبَ الأمواجِ وهيَ تثورُ
وأشارُوا إلى السّفينةِ والشّاطئِ.. مِنْ ها هنا يطيبُ المَسيرُ
* * *
سرُّ مأساتِنا، مع اللاّعبينَ البيضِ، أنَّ السَّوادَ جرمٌ كبيرُ
أنَّ للَّونِ قيمةَ القمةِ الكبرى.. فَمِنْ نَبْعِهِ تَفيضُ العُطورُ
وَلَهُمْ كُلُّ هذهِ الأرْيَحيَّاتِ، الَّتي تَنْحَني لَدَيْه العُصورُ
ولن كلُّ حقدِهِم.. كيف يحي الجرحُ فين وكيفَ كانَ يثورُ
***
كيفَ تَزهُو حُرِّيَةُ الفَجْرِ في أعماقِن الحُمْرِ في دُروبِ الصِّراعِ
هلْ لن أنْ نعيش للشَّمسِ تَحدونا.. تُغَذِّي عُيونن بالشُّعاعِ
كيفَ تَجري أقدامُن في طريقٍ عبَّدَتْ دَربَهُ أكفُّ الرُّعاعِ
كيفَ يبني التَّاريخُ للغَدِ مِنّ قوّةً ل تُطيقُ وَحْيَ الضَّياعِ
***
سرُّ مأساتِنا، مَعَ اللُّعبَةِ الكُبرى بأنَّ نقدِّسُ الأصناما
صَنَعوه لن رُؤوس وأذناباً.. يهِلُّونَ في الصَّحارى غماما
ويعيشونَ يَحرُسون لن الجَهْلَ خَطيب وحاكِم وإماما
وعلين أنْ ننحني لِلذَّراري في ابتهالٍ يقبِّلُ الأقداما
***
أنْ نُفَدِّي كُلّ القذاراتِ بالرّوحِ وأنْ نمل الفَضاء هُتافا
ونَغُضَّ العيونَ إنْ تشهَدِ الأعيُنُ مِنهم م يَستفِزُّ العَفافا
فهُمُ السَّادةُ الكبارُ فماذ إنْ أدارو ـ باسمِ الصَّلاةِ السُّلافا؟
وهُمُ المالكونَ لِلأرضِ والشَّعبِ فماذا، إنْ أوثَقون كِتافا؟
***
سرُّ مأساتِنا، انفِعالاتُ رُوَّادٍ يطيرونَ في مهبِّ الرِّياحِ
يحملونَ الذُّرى شعاراً، يعيشون لِنجواهُ في الدُّجى والصَّباحِ
غيرَ أنَّ الخطى تَساقَطُ في الدَّربِ على كلِّ نَزوةٍ للطِّماحِ
في سباقٍ، كلُّ انطلاقَتِهِ في السَّاحِ أن ينتَشي بذكرى الجراحِ
***
سرُّ مأساتِنا، معَ البحرِ أن نتلهَّى بلعبةِ الأمواجِ
في سفينٍ أضاعَ ربّانُه الشَّاطِئ في العاصفاتِ بَيْنَ العجاحِ
فهُن مَوجَةٌ تَصاعَدُ في الأفْقِ، وأخرى تَشقُّ عمقَ الدَّياجي
ويَضُجُ السُّرى.. وتبقى على الأُفْقِ بعيد منارةُ الأبراجِ
***
سرُّ مأساتِن الكَبيرُ.. معَ اللُّعْبةِ.. أنَّ نسيرُ دونَ رسالةْ
مِزَقٌ، نحنُ، منْ بقاي عُهودٍ حَمَلَتْ كلَّ كبرياءِ الجَهالةْ
فحمَلن منه الصَّدى الواهِنَ المكدودَ في روحِن بكلِّ مَلالةْ
وَوَقفن على الطَّريقِ ننادي الخُبْثَ والزّيْفَ والأسى والنَّذالةْ
***
ل يزالُ الوَحيُ المعَرْبَدُ في الأجواءِ يلْهو بجيلِن ويطوفُ
يقذِفُ الحيرَةَ الذَّليلَةَ في الأعماقِ حتّى يدِبَّ فيه الخريفُ
ويشِلُّ الفِكْرَ الرَّحيبَ عنِ الإبداعِ إنْ أرهَقَتْهُ ريحٌ عصوفُ
فإذ بالّذينَ عاشو الرِّسالاتِ يُغذِّيهُمُ الخيالُ السَّخيفُ
***
سرُّ مأساتِن الكبيرةِ.. أنَّ اللّعْبَ م زالَ يستثيرُ الرِّهانا
في هدانا.. في كلِّ أهدافِن الكُبرى، إذ شدَّتِ الحياةُ خُطانا
في الثَّراءِ العريضِ في لعبةِ الطَّاقةِ، تَقتادُن لِتَرعى الأمانا
في الخيوطِ الّتي تُحرِّكُه اللُّعبة فين ضلالَةً وهَوانا
***
إنَّه لعبةُ الكبارِ فَهَلْ تُلهِبُ أشواطَن الأماني الكبارُ
هل نعيشُ الوَعيَ المنضَّر باللهِ، كم يحضُنُ الحياةَ النَّهارُ
إنَّم المَجْدُ للشُّعوبِ الّتي يفتحُ أحداقَه الضُّحى الموَّارُ
ويثيرُ الحياةَ فيه غدٌ حرٌّ، وفكرٌ مجنَّحٌ هدّارُ
***
إنَّه قصَّةُ الشُّعوبِ، إذ جَلجَلَ فيه تاريخُه الأرْيَحيُّ
في انطلاقٍ ل ترهِقُ العَصَبيَّاتُ خطاهُ، ول الخيالُ الدّجيُّ
إنَّم تستثيرُهُ دعوَةُ الحقِّ إذ قادَه الشُّعورُ الأبيُّ
حيثُ يجري مع على ساحةِ المجدِ جهادٌ حرٌ وفكرٌ قويُّ
المصدر: من ديوان "يا ظلال الإسلام".