شاعرُ الرّيف: كم تُقاسي وكم تَلقى بدنياكَ، مِنْ عذابٍ وسجنِ
لوّعتني طيوفُ روحِكَ.. فاهتزَّ كياني على صَداها ولحني
فتهالكْتُ أَستحثُّ نجاواكَ فأبكي بوحيها.. وأُغنّي
عِشتَ في عالمٍ تَواثبُ فيه نافراتُ الصّدى على كلّ فنِّ
لا يُحسُّ الحياةَ يبدعُها الشّاعرُ.. في روعةِ الضُّحى المطمئنّ
وتخطّيتَ دربَهُ.. وبألحانِكَ جُرحٌ.. يستلُّ زهوَ التَّغنّي
وعلى ثغرِكَ ابتسامةُ هُزءٍ بسرابٍ يهفو له كلَّ جفنِ
عرفت روحُكَ الطّموحةُ سِرَّ الكونِ فاخترْتَ أن تعيشَ لتبني
لم يشوِّه ضميرُكَ الحرُّ.. تهويلَ اللّيالي ولا خداع التمنّي
أنتَ تشدو: وليسَ ثمّة من يدري بحقٍّ ماذا تقولُ وتعني
يحسبونَ الحياةَ كأساً من اللّهو.. وقيثارةً بكفِّ المُغنّي
وصراعاً يجتاحُ كلَّ ضعيفٍ في ظِلالِ الأذى وعسفِ التّجنّي
ليسَ يدرونَ: أنَّ للحقِّ فجراً يترامى على الرّبيعِ الأغنِّ
يخنقُ القوّةَ الّتي تلدُ الشرَّ.. وترعاهُ بين خوفٍ وأمنِ
* * *
وجِّه الرّيفَ للحياةِ ونضِّر أفقَهُ الرّحِبَ بالنّشيدِ المرنّ
وتوثّبْ به إلى المُرتقى الأعلى.. وأطلِقْ صَداهُ في كلِّ أُذنِ
حسبَ دنياكَ، أن تبثّ بذوراً من نثارِ السّما بأطيبِ ذهنِ
* * *
شاعرَ الرّيف: عِشْ مع الفجرِ.. فالفجرُ يضمُّ الأحرارَ من
غيرِ منِّ
يُترعُ الكأس بالسّناءِ.. ويجلو عن حناياكَ كُلَّ بؤسٍ وحزنِ
عِشْ مع الفجرِ: إنّ فجْركَ رفّافٌ بلطفٍ من الرّبيع وحسنِ
فستحيا مع الخلودِ وينداحُ ظلامُ الحياةِ عنكَ وعنّي
حسبنا أنّنا نعيشُ لنمتصَّ سُلافَ الهوى بأطهرِ دنِّ
نغرسُ الزّهرَ بالحقولِ، ونستافُ عبيرَ الحياةِ منها.. ونجني
حسبُنا: أنّنا نسيرُ مع الحقِّ ونأوي منه إلى خيرِ ركنِ
المصدر: من ديوان "على شاطئ الوجدان".