السيِّد جعفر فضل الله في حفل تكريم المكلَّفات في جويا:
التّكليف مرحلة ينتقل فيها الإنسان من التّبعيّة إلى تحمّل المسؤوليَّة
كرّمت ثانويَّة الإمام جعفر الصّادق (ع) في جويَّا زهراتها اللّواتي بلغن سنّ التّكليف الشّرعيّ، في احتفال حاشدٍ أقامته في قاعة البتول (ع)، رعاه المشرف الدّينيّ العام في جمعيّة المبرّات الخيريّة سماحة السّيّد الدكتور جعفر محمّد حسين فضل الله، وبحضور مدير الثّانويّة الأستاذ محمّد حيدر نصر الله، ومسؤول العلاقات العامّة في جمعيّة المبرّات الخيريّة في الجنوب علي أحمد حسين، وفاعليات بلديّة واختياريّة وتربويّة واجتماعيّة وثقافية وذوي المكلَّفات.
استهلّ الحفل بآيٍ من القرآن الكريم بصوت التّلميذ حسين علي نعمة، ثم النَّشيد الوطني، بعدها دخلت الزّهرات المكلّفات على وقع الموسيقى، حيث قدّمن باقةً من الأناشيد بعنوان "زيّنت العمر" ، و"رعيتك في خافقي" للإمام المنتظر (عج) في أجواء شهر شعبان المبارك، ثم ألقت كل من سارة عبّاس شوربا، و"زهراء حسين أحمد" كلمة المكلَّفات.
بعدها، كانت كلمة راعي الحفل لسماحة السّيِّد الدّكتور جعفر فضل الله، حيث توقّف عند فلسفة الحجاب في الإسلام، والتي تنطلق من فهم متكامل للعلاقة السليمة التي يريدها الإسلام بين المرأة والمجال العام، حيث يريد للمرأة أن تطلَّ على هذا المجال بإنسانيَّتها لا بأنوثتها، والّتي تعبّر عنها بعلمها وكفاءتها وأخلاقها ومساهمتها في البناء الحضاريّ، وهو الّذي يريده المجتمع أيضاً من الرّجل، أن يطلَّ بإنسانيَّته لا ذكوريّته...
وأضاف: المسألة تشبه المعايير الّتي تضعها بعض المؤسَّسات المهنيّة على لباس المرأة، انطلاقًا من فكرة الرّسالة الّتي يبرزها اللّباس للآخر، وبالتَّالي ما الّذي يجب التّركيز عليه وما الّذي يجب حجبه.
وأشار إلى أنَّ دائرة الأنوثة هي دائرة الخاصّ وليس العام، تمامًا كما هو الأمر في دائرة الذّكورة، بغضّ النّظر عن اختلاف الأنوثة والذّكورة في كثير من الأبعاد.
وتوقَّف السّيّد جعفر عند الاعتراض على حفلات التّكليف، باعتبارها نوعًا من غسل الأدمغة أو التّعليب، موضحًا أنَّ التّكليف مرحلة ينتقل فيها الإنسان من التّبعيّة الكاملة لغيره، إلى بدء التّدرّب على أن يكون مسؤولًا، وهو ما يُبنى على مقولة أنَّك أنت منذ الآن مسؤول عن أفعالك وتحاسَب عليها، ذلك أن رفع التّوقعات من الإنسان شرطٌ ضروريٌّ لتحمل المسؤوليَّة، حيث في المقابل ثمة أنماط في المجتمع ترفض إخراج الإنسان من دائرة الطفولة، حتّى وهو يعبّر عن مستوى عال من الرّشد والنّضج، لافتاً إلى نموذج المبدعين الذين لم يبلغوا سن الثّامنة عشرة، واستطاعوا أن يبدعوا ما عجز عنه الكبار، عندما تأمّنت لهم ظروفٌ تعترف بنضجهم وتمنحهم الثّقة بقدرتهم على الإنجاز والإحساس بالمسؤوليّة.
وختم فضلُ الله بالتّوجّه إلى المكلّفات بالتّهنئة والتّوجيه بأن يحرصن في هذه المرحلة على أمور خمسة: دوام الصّلة بالله وعمادُها الصَّلاة، وأن يكثرن من السّؤال ليعرفن ما يجهلن، وأن تبحث كلّ واحدة عن نقطة قوَّتها وشغفها، لتعمل على تتنميتها، وتخرج منها مكنونات شخصيَّتها إبداعاً علمياً أو أدبياً أو فكرياً أو فنياً جمالياً، وأن يحرصن على الوقت من الضّياع، وأن يحافظن على علاقة قويّة بأسرهم.
واختُتم الحفلُ بتوزيع الهدايا على زهراتنا المكلّفات وأخذ الصّور التّذكاريّة.