فضل الله في أسبوع الحاج دياب في جلالا في البقاع:
لتوافق ينجز جميع الاستحقاقات الوطنيَّة والسياسيّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة
أقيم حفل تأبيني في ذكرى أسبوع المرحوم الحاج دياب دياب في قاعة حسينيَّة جلالا في البقاع، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والحزبية والبلدية والثقافية والعسكرية والاختيارية وحشد من أبناء المنطقة غصت بهم القاعة.
استهلَّ الحفل بآياتٍ من القرآن الكريم، تلاه كلمة لنجل الفقيد المسؤول الثقافي للمنطقة السابعة في حركة أمل الحاج علي دياب، عبَّر فيها عن مزايا الراحل وعن نهله من معين الإمام الصَّدر ونهجه الحواري والوحدوي، وعن العلاقة الخاصة التي ربطته بالمرجع الراحل فضل الله (رض). ثم كانت كلمة العلَّامة السيِّد علي فضل الله جاء فيها:
يعزُّ عليَّ أن أقف في ذكرى إنسان عزيز عرفناه وعرفنا مدى الحب الذي يحمله، والرحمة التي يعيشها، والخير الذي كان يسعى إليه، وهذا المكان شاهد على دوره في العطاء مع المحسن الكريم الحاج علي ضاهر، فضلاً عن حضوره الفاعل في ميدان الخير والعمل والإصلاح.
أضاف سماحته: لقد عاش الحاج دياب الإيمان بصدق ومسؤولية، فلم يكن عنده الإيمان كلمة تقال أو ممارسة شكليّة فحسب، بل هو ترجمه قولاً وفعلاً وسلوكاً وعملاً وحضوراً، وهذه الوجوه الطيّبة تشهد على ذلك، مشدّداً على أنه بمثل هذا النموذج الإيماني تبنى الحياة وتستقيم العلاقات وتزدهر المجتمعات.
ولفت سماحته إلى أنّه لا يمكن للإنسان أن يكون مؤمناً إلا إذا حمل عناوين الخير والمحبة والعطاء والانفتاح والتواصل ومدّ الجسور مع الآخرين، وكان نابذاً للانغلاق، بعيداً كل البعد عن التقوقع والتعصب والأنانية.
وتابع سماحته: مشكلتنا في هذا الوطن الجريح أن كل طائفة فيه ومذهب واتجاه سياسي ينطلق في مواقفه وتحركاته من موقع طائفي أو مذهبي أو فئوي ليلبي مصالحه الخاصة، ولا يتوانى عن استحضار كل سلبيات تاريخ العلاقات بين الطوائف والمكونات اللبنانية والتركيز على ما حدث من خلافات ومشكلات من أجل تأجيج العداوات والعصبيات والكراهية، بهدف تحقيق مآرب ومصالح ولو على حساب وحدة الوطن ومنعته.
وأكد سماحته أن الوطن لا يقوم إلا بالاستناد إلى المشتركات الوطنية والإسلامية، فمن خلالها نعيش التلاقي والتفاهم والانفتاح والحوار الصادق والشفاف حول المسائل التي نختلف فيها، بدلاً من أن نعيش حالة التوتر التي قد تتحوَّل إلى مشكلة هنا أو فتنة هناك.
وأوضح سماحته أن انطلاق الحوار من روحية التلاقي والتواصل يهيّئ لنا السبل الكفيلة بالتعامل الجدي والصادق مع الهواجس والمخاوف لدى هذه الطائفة أو تلك، ويمكن في حال توفرت الصَّراحة والشفافيَّة، أن يتبيَّن لنا أنَّ أغلب حالات القلق من الآخر غير واقعيَّة، أو مبنيَّة على سوء فهم له، ويمكن لبعضها أن يكون حقيقياً، ما يتطلب تقديم ما من شأنه أن يشكل طمأنينة له.
ونبه سماحته من الذين يستغلون هذه الخلافات القائمة من أجل تمرير مشاريع تمس وحدة الوطن أو تعبث بمكوناته، أو تعمل على فرض شروط على هذا الوطن الذي قدم التضحيات والشهداء من أجل عزته وكرامته.
وتوجه إلى الواقع السياسي بالقول: هذا الوطن لا يمكن أن يبنى على غلبة طائفية أو سياسية، ولقد جربنا نتائج مثل هذا التوجه في الماضي، ودفعنا كوطن ومواطنين أثماناً باهظة من العمران والأرواح والخسائر المادية والمعنوية، من دون أي فائدة أو نتيجة. لذا، فلنوفر على هذا الوطن وإنسانه هذه المآسي، ونعمل بكل جدية على التوافق، حتى نستطيع أن نمرر جميع الاستحقاقات الوطنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ينتظرها اللبنانيون، وأولها انتخاب رئيس للجمهورية، مطالباً بالكف عن رهان هذا الطرف أو ذاك على تدخل خارجي لإنقاذ الوطن، لأن الخارج ليس جمعية خيرية، فضلاً عن أنّه إما مشغول بأزماته، أو مهتم بتحقيق الأهداف التي تخدم مصالحه.