اهتزّ الناس بخبرٍ مفجع، لن يكون الأوّل، وقد لا يكون الأخير في سياق ما يشهده المجتمع من تقهقر المنظومة القيمية والأخلاقية، وهشاشة الوضع الإنساني والروحي، وفي ظلّ تصاعد منسوب الجرائم الأخلاقيّة وغيرها، والتي تعرّي حالنا وما وصلنا إليه، وتضعنا أمام النتائج الكارثية لسلسلة الانكفاءات على الذات والإهمال والتغاضي عن الحقيقة، والتهرّب من المسؤوليات، وتحويل الإنسان إلى مجرد سلعة يُباع ولا يُشرى، في سوق غلبة الأهواء والنزوات المسيطرة، للأسف، على كلّ تفاصيل الحياة.
جريمة مستنكرة قام بها شبابٌ بحقّ قاصر، ويستمرّ المسلسل البشع ما دمنا نعمي عيوننا عن حقيقة الأسباب الكامنة وراء كلّ تلك، وما وصلت إليه المناعة الأخلاقيّة والروحيّة في البلد من انحطاط.
الجريمة حصلت ولن ينفع الاستنكار، مع أنّه مطلوب، بقدر ما ينبغي على الجميع من التنبّه لأولادهم وللأجيال عموماً، ومراجعة أساليب التربية، وتوجيه المراهقين والشباب، التوجيه الذي يأخذ بأيديهم إلى شاطئ الأمان، فخير ما نردّ به على مثل هكذا جرائم، أن نحمي أجيالنا من سطوة الرّغبات والنزوات، عبر تحصين مناعتهم الروحية والأخلاقية، ومن خلال تكاتف وتعاون الأهل والمربين والمؤسّسات التربوية والإعلامية والدينية، إذ لا بدّ من إطلاق حالة طوارئ اجتماعيّة، فالجرائم الأخلاقية والمعنوية، والتعديات على الحقوق والكرامات والحرمات، باتت تعصف بالبنية الاجتماعيّة ككلّ، ما يهدّد بسقوطها، ويُنذر بمزيدٍ من الكوارث والويلات.
إنّه جرحٌ كبير لا يندمل في ضمير الذّات الجماعيّة، ما لم يتمّ السّعي والمبادرة إلى مراجعة كلّ وسائل التوجيه والتربية للأجيال الصّاعدة، وإعادة تأسيسها وتغذية روحها وعقلها على ما ينفعها ويحميها من إلهامات أنفسها الشرّيرة.
لقد أصبح واقعنا محاصراً بشتّى أنواع الأمراض الروحيّة والأخلاقيّة، وباتت نسبة كبيرة مستغرقة في غيِّها ومفاسدها، من دون حركة جادّة وفاعلة ومدروسة من القيّمين على المصلحة العامّة. فإلى أين نحن ذاهبون أكثر من ذلك؟!
إنّنا أمام لحظة حاسمة ومصيريّة، فإمّا أن نتقاعس عن واجباتنا ومسؤوليّاتنا في تأهيل الأجيال كما يجب، وإمّا أن نكون من الّذين يدفعون بها إلى أحضان الفساد والرذيلة والسقوط، فالأمر يستدعي وعياً ومسؤوليّة في التّعاطي، ولم يعد يحتمل مزيداً من التّمييع والتّجاهل، لأنّ الموس ـ كما يُقال ـ أضحى يطاول رقبة المجتمع برمّته..
إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.