على نيّة دعم المرأة والأسرة، كان هناك ما يقارب العشرين مشاركة ضمن الدّورة التدريبيّة المتخصّصة التي قدَّمتها رئيسة منظّمة بنت الرافدين في العراق، والمهتمّة بقضايا حقوق الإنسان، الرّوائية والكاتبة ومدرّبة التنمية البشريّة، الأستاذة العراقية علياء الأنصاري، بدعوة من المركز الإسلامي الثقافي في بيروت.
تركَّز النِّقاش خلال أيّام الدَّورة الأربعة على مختلف القضايا والمواضيع ذات الصِّلة بالمرأة والعنف، لجهة الأسباب والنَّتائج، وصولاً إلى تمكين المشارِكات لتقديم الدَّعم النَّفسي الاجتماعي للنِّساء، وتقديم الاستشارات... وخصوصاً فيما يتعلَّق بالعنف الأسريّ، فضلاً عن تنفيذ برامج توعويّة تثقيفيّة لمناهضة العنف الأسريّ، إلى جانب توعية الشّباب من كلا الجنسين المقبلين على الزّواج، بأسس الاختيار الصَّحيح وكيفيّة بناء الأسرة.
أوّل مؤسَّسة أسّسها المرجع فضل الله(رض) هي معهد التّدبير المنزلي والتربوي
اختتمت الدَّورة بحضور سماحة السيِّد علي فضل الله، الّذي ثمّن جهود المدرّبة الأنصاري في العراق ولبنان الدَّاعمة للمرأة والأسرة، مشيراً إلى أنَّ أوّل مؤسَّسة أسَّسها المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض) في منطقة النّبعة، هي "معهد التّدبير المنزلي والتربوي" الّتي تمّ تدميرها خلال الحرب، وهي تعكس رؤية سماحة السيِّد حيال المرأة واهتمامه بها، وإيمانه بدعمها الّذي يرى فيه دعماً للمجتمع، وها نحن اليوم نحقِّق رغبة سماحته من خلال هذا الجهد المبارك، دعماً للمرأة والأسرة.
وأكَّد سماحته أنَّ المجتمع لا يمكن أن يحقِّق النّهوض والتقدّم دون المرأة التي باتت اليوم تتحمَّل الكثير من المسؤوليّات الحياتيّة والأسريّة، وأهمّها، مسؤوليّة بناء الأسرة وتطوير المجتمع، لافتاً إلى أنّه يفترض أن يكون هناك تشارك عمليّ بين الرَّجل والمرأة، مشدِّداً على ضرورة إيلاء موضوع الأسرة أهميّة خاصّة، لأنّ البناء السليم للأسرة ينسحب على بنيان المجتمع برمّته، مبيِّناً أنَّ الله سبحانه وتعالى أشار إلى ضرورة إنذار الأقربين أوّلاً: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}، ثم ننطلق إلى باقي المجتمع، وأنّ هناك مسؤولية على الأمّ والأب، ويفترض بهما أن يتعلَّما كيف يقومان بأدوارهما من خلال الاطّلاع والتعلّم، وهذا ما تقدِّمه هذه الورش المساعِدة في فهم هذه الأدوار، للتّخفيف من المشاكل المستقبليّة".
وختم سماحته بتأكيد أهميّة إعداد الزّوجين للقيام بدورهما حيال بعضهما البعض، ومن ثمّ القيام بدورهما معاً في عمليّة تربية الأبناء، داعياً المحاكم الشّرعيَّة إلى إيلاء اهميّةٍ للأهليَّة التربويّة عند الزّوجين، بحيث يُصار إلى فحص أهليّتهما التّربويّة للزّواج، كما يجري الاختبار الصّحيّ لهما، لأنَّ هذا الاختبار على المستوى التربوي والتّأهيليّ، يساعد المقدمين على الزَّواج على معرفة مختلف تفاصيل الحياة الزوجيّة.
بدوره، لفت مدير المركز، السيّد شفيق الموسوي، إلى أنَّ هذه الدَّورة من أهمّ الدَّورات التي شهدها المركز الإسلامي الثّقافي، لما حملته من رؤى ومفاهيم تساهم في تخفيف المشاكل الزوجيَّة، ومن التوتّر بين الأسر، متمنّياً للمشاركات في مهامهنّ دعم المرأة والأسرة.
من جهتها، أكَّدت الأستاذة الأنصاري، أنّ الدين هو نبض الحياة، كما تعلّمنا من المرجع فضل الله(رض)، وأنّ علينا أن نغيِّر المعادلات التي تربَّينا عليها، أن نجعل الدّين نمط حياة وسلوكاً، وليس فقط مجرّد صلاة وصوم، لافتةً إلى أنّ علينا أن نعمل ونفكّر كيف نبني مجتمعاً فاضلاً، وأن نسعى لدعم المرأة ومساندتها؛ المرأة لا يمكن أن تعمل بمعزل عن الرّجل ومساندته، مبيّنةً أنَّ المرأة تحتاج الرّجل كداعم لها ومستشار معها في ساحة الحياة، ويجب أن يكونا معاً، وأنّه من المهمّ أن نتعلّم كيف نفهم الآخر ونعيش معه، سواء في الأسرة أو المجتمع.
لا يمكن للمرأة أن تعمل بمعزل عن الرّجل ومساندته
هذا، وتميَّزت أجواء الدَّورة بالتفاعليّة بين المشاركات اللَّواتي عملن ضمن مجموعات لدراسة ظاهرة العنف ضدّ المرأة في مجتمعهنّ، ودراسة الأسباب والنتائج، مبدين رغبة في الانضمام إلى فريق المتطوّعين في المركز، خدمةً لقضايا المرأة والأسرة.
تؤكِّد الإعلاميّة سوزان شعيتو أهمية دراسة الأسرة والتحدّيات التي تعيشها المرأة، من أجل تقديم الدَّعم والمساندة المناسبة، فيما ترى زينات سلمان أهميّة تكثيف العمل من أجل التّخفيف من مخاطر الضّغوطات التي تتعرّض لها المرأة بفعل عملها داخل المنزل وخارجه. هذا، ورأت اختصاصيّة التغذية منال ترمس، أنّ الورشة أتاحت لها التفكير الجدّيّ بإقامة ورشات خاصّة بالسيّدات من أجل تقديم الإرشاد الصحّي لهنّ.
تجدر الإشارة إلى أنّ الدّورة التخصّصية لتأهيل فريق مختصّ لدعم المرأة والأسرة، تأتي في سياق التحضير لإطلاق مركز دعم الأسرة الّذي ينضوي تحت المركز الإسلامي الثقافي في بيروت.
إنّ الآراء الواردة في هذا التّحقيق، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.