يعتبر المؤتمر التربوي لجمعيَّة المبرات محطّة أساسيّة على روزنامتها السنويّة، تحضر فيها "المبرات" بمدرائها ومعلّميها وموظّفيها، وحتى طلابها، من مختلف مؤسّساتها التربوية والرعائيّة متكاتفة لتحقّق الأهداف والنتائج المرجوّة.
بعد عنوان " شركاء مع الأهل" العام الماضي، اختارت المبرّات هذا العام "الرعاية المهنيّة في المجتمع التربوي- احتضان وتمكين"، عنواناً لمؤتمرها السنوي السّادس والعشرين، إيذاناً بانطلاقة العام الدّراسي الجديد.
ماذا تعني الرّعاية المهنيّة، وماذا تحمل من أهداف ودلالات؟ جولة ميدانيّة في أروقة المؤتمر التربوي للمبرّات، كانت كفيلةً لإيجاد الإجابات الوافية والشَّافية على لسان المشاركين في المؤتمر.
تشرح الدّكتورة ريما كرامة، أستاذ مساعد في الجامعة الأميركيّة في الإدارة التربويّة، ومديرة مشروع "تمام"، لموقع "بيّنات"، بعضاً من أهداف الرِّعاية المهنيَّة التي تراها "مقاربة ومنحى ذهنيّاً وليست آليّة عمل"، وترى أنَّ مشروع "تمام" هو عبارة عن مشروع بحثيّ للتّطوير التربويّ النابع من المدرسة، يتوجَّه إلى المدارس الرسميَّة والخاصَّة في العالم العربيّ. بدأ تنفيذه في الجامعة الأميركيّة في بيروت في العام 2007 بتمويل من مؤسّسة الفكر العربيّ. يهدف "تمام" إلى بناء مجتمع من المهنيين المجدِّدين، عن طريق مدّ جسور للحوار والتعاون والتشبيك بين ثلاث جهات رئيسة، هي: المدارس، والجامعات، ووزارات التربية والتعليم. تتحدّث الأستاذة كرامة عن تجربتها مع المبرات التي بدأت قبل ما يقارب التّسع سنوات بالتعاون مع الجمعية، مثنيةً على المهنية العالية والحسّ التّطويري للمبرّات.
نقل الخبرات والكفاءات أمر مهمّ بين الكوادر العاملة في المبرات
وحول مشاركتها في المؤتمر، تقول كرامة: "أعتزّ بمشاركتي المبرّات في مسيرة تطويرها التي بدأناها في تجارب سابقة مع إنشاء "برنامج التّقييم الذّاتي"، وإنشاء وحدات التّطوير، واليوم، الرعاية المهنيَّة لاستكمال الخطوات السابقة، حتى تبقى المبرات أمثولةً يحتذى بها في مجال البناء والتّطوير التربوي".
وتضيف: "المبرات تبني نفسها، وتحترم سياقها ومجتمعها وقيمها وحاجاتها، وفي الوقت نفسه، تُدخِل المبادئ التربويّة ذات المستوى العالمي وتؤقلمها على حسب ظروفها، وتستخدمها بطريقة فاعلة ومؤثّرة، خطوة صغيرة في رحلة طويلة تستكملها مؤسَّسات المبرات بزخم وإرادة، وإلى الأمام يوماً بعد يوم".
بدوره، يتحدّث أستاذ تعليم العلوم في الجامعة الأميركيّة، الدكتور صوما أبو جودة لـ "بينات"، عن أهميّة عنوان المؤتمر الذي يركّز على المرافقة المهنيّة التي تعتبر اليوم أهمّ من ورش العمل التي تنظَّم للموظّفين والأساتذة بغية التّنمية المهنية، هذه المرافقة تساهم في نقل تجربة سنوات عديدة للأستاذ الجديد، فيتشاركان المعرفة والخبرات، وهذا يأتي في سياق تنظيم عمليّة التنمية المهنيّة حتى تصبح فعّالة، مؤكّداً "ضرورة معرفة المعلّم باستراتيجيات التعليم، والعلاقات المهنيّة بين الزّملاء والأهل والمجتمع والإدارة، والمرتبطة بالقيم والأخلاقيّات المهنيّة".
ويلفت أبو جودة إلى علاقته القديمة مع جمعيّة المبرّات التي بدأها مع ثانويّة الكوثر من خلال برنامج "تمام"، ومشروع التطوير التربوي، بالمشاركة مع الهيئة اللّبنانيّة للعلوم التربويّة.
الرّعاية المهنيّة في المؤسّسات الرعائية تعتبر حاجة أساسيّة وملحّة
احتضان وتمكين..
تؤكّد منسّقة المؤتمر لهذا العام، الأستاذة رنا الصّايغ، أهمية هذا الحدث التربوي السنوي في المبرات، الذي تجتمع تحت طياته كافّة المؤسّسات التربوية والرعائية خدمةً للعنوان والموضوع. وحول عنوان المؤتمر هذا العام "الرعاية المهنيّة في المجتمع التربوي - احتضان وتمكين"، تشرح الصّايغ أهميّة هذا العنوان الذي يندرج في إطار نقل الخبرات والكفاءات بين الكوادر العاملة في المبرات. ينقل ذوو الخبرات تجاربهم إلى زملائهم ضمن خطّة استراتيجيّة، يختصرون عليهم سنوات وسنوات أمضوها في التعلّم واكتساب المعارف والخبرات، يزكون علمهم بإنفاقه على زملائهم المعلّمين والمعلّمات، فينعكس هذا التّمكين على الطلاب، وتتحقَّق الإفادة على المخرجات "الطلاب".
هذا، وتؤكّد مديرة مكتب المؤسّسات الرعائية في المبرات، الأستاذة سهير شرارة، وهي عضو في اللجنة المركزية للمؤتمر، أهمية الرعاية المهنيّة في المؤسّسات الرعائيّة، إذ تعتبر حاجة أساسيّة وملحّة لاستمرار عمل المؤسّسات التي تستقبل موظّفين جدداً يحتاجون إلى التزود بالخبرة والكفاءة. وتشير شرارة إلى أنّ المؤسسات الرعائية قائمة على الخير والتطوّع، ويأتي تبادل الخبرات في إطار المنهجية الخيرية للمبرات التي تعزّز مبدأ تبادل التجارب والخبرات مع الآخر من أجل تمكينه، حتى يعمل بإنتاجية أكبر، ويحقّق التقدّم في عمله.
وفي الختام أعزائي القراء، لا شكّ في أنّ عنوان المؤتمر التربوي للمبرات هذا العام، يعكس قيمة تربوية مميَّزة تحتاجها المؤسّسات التربوية والرعائية، كما كلّ المجتمع، على قاعدة التكافل الاجتماعي، من خلال إنفاق العلم والمعرفة، فزكاة العلم إنفاقه، هذا المبدأ الذي يسري على مختلف مجالات الحياة.
بوركت جهود المبرات، وعلى أمل تحقيق الأهداف والنّتائج في العام الدراسيّ الجديد.
إنّ الآراء الواردة في هذا التّحقيق، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.