قال تعالى : {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي
الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ
قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: 68].
المشهور بين علماء المسلمين أنّه يتمّ مرّتين فقط، وظاهر الآية يوضّح هذا أيضاً،
كما أنّ مراجعة آيات القرآن الأُخرى، تبيّن أنّ هناك نفختين فقط، لكن البعض قال:
إنّها ثلاث نفخات، والبعض الآخر قال: إنّها أربع.
وبهذا الشكل، فالنفخة الأولى يقال لها نفخة (الفزع)، وهذه العبارة وردت في الآية
(87) من سورة النمل {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي
السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ }.
والنفختان الثانية والثّالثة يعتبرونهما للإماتة والإحياء، والتي أشير إليها في
آيات بحثنا وفي آيات قرآنية أخرى، أولاهما يطلقون عليها نفخة (الصعق) (الصعق تعني
فقدان الإنسان حالة الشعور، أي يغشى عليه، وتعني أيضاً الموت)، والثانية يطلق عليها
نفخة (القيام).
أمّا الذين احتملوا أنّ النفخات أربع، فيبدو أنّهم استشفّوا ذلك من الآية (53) من
سورة يس، والتي تقول بعد نفخة الإحياء {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً
فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ}، وهذه النفخة هي (لجمعهم وإحضارهم).
والحقيقة أنّه ليس هناك أكثر من نفختين، ومسألة الفزع والرعب العام في الواقع هي
مقدمة لموت جميع البشر، والذي يتم بعد النفخة الأُولى أو الصيحة الأولى، كما أن
نفخة الجمع هي تتمة لنفخة الإحياء والبعث، وبهذا الشكل، فلا يوجد أكثر من نفختين (نفخة
الموت) و (نفخة الإحياء)، وهناك شاهد آخر على هذا القول، وهو الآيتان (6 و 7) من
سورة النازعات، اللّتان تقولان: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا
الرَّادِفَةُ} [النازعات: 6، 7].
*من كتاب: "تفسير الأمثل".