إنَّ «مؤمن آل فرعون» هو رجل من قوم فرعون آمن بموسى (عليه السلام)، وظلّ يتكتم
على إيمانه، ويعتبر نفسه مكلفاً بالدفاع عنه (عليه السلام).
لقد كان الرجل ـ كما يدلّ عليه السياق ـ ذكيّاً ولبقاً، يقدّر قيمة الوقت، ذا منطق
قويّ، حيث قام في اللّحظات الحسّاسة بالدّفاع عن موسى (عليه السلام) وإنقاذه من
مؤامرة كانت تستهدف حياته .
تتضمّن الرّوايات الإسلامية وتفاسير المفسِّرين أوصافاً أخرى لهذا الرجل، سنتعرّض
لها بالتدريج.
البعض مثلاً يعتقد أنّه كان ابن عمّ ـ أو ابن خالة ـ فرعون، ويستدل هذا الفريق على
رأيه بعبارة (آل فرعون)، إذ يرى أنّها تطلق على الأقرباء، بالرّغم من أنّها تستخدم
أيضاً للأصدقاء والمقرّبين.
والبعض قال: إنّه أحد أنبياء بني إسرائيل، كان يعرف اسم «حزبيل» أو «حزقيل».
فيما قال البعض الآخر: إنّه خازن خزائن فرعون، والمسؤول عن الشّؤون المالية.
وينقل عن ابن عباس أنّه قال: إنَّ هناك ثلاثة رجال من بين الفراعنة آمنوا بموسى (عليه
السلام)، وهم آل فرعون، وزوجة فرعون، والرّجل الذي أخبر موسى قبل نبوّته بتصميم
الفراعنة على قتله، حينما أقدم موسى على قتل القبطي، ونصحه بالخروج من مصر بأسرع
وقت : {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ
الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ
النَّاصِحِينَ} (القصص: 20).
لكنّ القرائن تفيد أن ثمّة مجموعة قد آمنت بموسى (عليه السلام) بعد مواجهة موسى مع
السّحرة، ويظهر من السياق أنَّ قصّة مؤمن آل فرعون كانت بعد حادثة السحرة.
والبعض يحتمل أنَّ الرجل كان من بني إسرائيل، لكنّه كان يعيش بين الفراعنة ويعتمدون
عليه، إلا أنّ هذا الاحتمال ضعيف جداً، ولا يتلاءم مع عبارة «آل فرعون»، وأيضاً
نداء "يا قوم".
ولكن يبقى دوره مؤثّراً في تأريخ موسى (عليه السلام) وبني إسرائيل، حتى مع عدم وضوح
كلّ خصوصيّات حياته بالنّسبة إلينا.
*من كتاب "تفسير الأمثل"، ج 12.