{قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}، فحاولوا أن يدبّروا المكائد، ويخطّطوا
لتهديم أسس العقيدة التوحيدية، في فكر الإنسان وحياته. ولكن الله عطّل كل مؤامراتهم
من حيث لا يشعرون.
{فَأَتَى اللهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ الْقَوَاعِدِ}، فهدّم كل ركائزهم الفكرية، من
الكفر والشرك والضلال، في الفكرة والمنهج والأسلوب، وذلك من خلال قوّة الركائز التي
انطلق منها الإيمان والتوحيد والرشاد .
{فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ}، لأنّ أيّ سقف، مهما كانت قوّته، لا
يمكن أن يحمي صاحبه، إذا ارتكز على قاعدةٍ منهارةٍ، لأنه لا يحمي نفسه.
ويريد الله بذلك أن ينبه أية جماعة تتطلّع إلى الامتداد الواسع عبر فكرة معينة أو
محور معين، أنّ كلّ ما تحقّقه سوف ينهار ويسقط إذا سقطت القاعدة التي يرتكز عليها.
{وَأَتاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ}، فهو العذاب الذي يتنوّع في
طبيعته وفي شكله، حسب مقتضيات الحكمة الإلهية، في ما ينزله على الكافرين من صنوف
البلاء الذي يتحوّل إلى حالةٍ من العذاب، بطريقةٍ مباشرةٍ أو غير مباشرة.
{ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ}، في موقفهم الحائر الخائف المهزوم أمام هول
المحشر، في محضر الخلائق الذين يشهدون على جرائمهم، ويشاهدون عذابهم، ويتطلّعون
إليهم وهم واجمون أمام السؤال الحاسم الذي يوجّهه الله إليهم، من موقع التأنيب
والتوبيخ، لما كانوا يعيشونه من انحرافٍ، في منطقهم الضعيف الذي لم يرتكز على أساسٍ
من علم.
*تفسير من وحي القرآن ، ج13.