نسب جماعة من المفسرين إلى داود... أشياء لا تليق بأهل المروءة والحياء، فضلاً
عن الأنبياء المعصومين، وذكروا قصة طويلة جاءت في سفر صموئيل الثاني الأصحاح 11 و12
من العهد القديم المحرف بحكم القرآن، وشهادة التاريخ، ونصوص العهد نفسه التي ترفضها
الفطرة، ولا يقبلها عقل عاقل.
وتتلخّص تلك القصّة أو الفرية، بأنّ داود عشق زوجة رجل من خدمه وجنوده، يدعى «أوريا»،
فاحتال داود لقتله بالسَّيف، واستأثر بزوجته، وقالت التَّوراة: إنّ الله غضب لذلك
غضباً شديداً، وهدَّد داود على هذا الفعل الشّنيع والجريمة النّكراء، وقال له فيما
قال: «قتلت أوريا بالسّيف، وأخذت امرأته.. والآن لا يفارق السّيف بيتك إلى الأبد،
لأنك احتقرتني.. ها إذا أقيم عليك الشرّ من بيتك، وآخذ نساءك أمام عينيك، وأعطيهنّ
لقريب من أقربائك، فيضطجع مع نسائك في عين هذه الشّمس، لأنّك أنت فعلت بالسرّ، وأنا
أفعل هذا الأمر - أي الزّنا - قدّام جميع إسرائيل وقدّام الشّمس».
وفي الإصحاح الأول من سفر الملوك الأوّل: إن زوجة «أوريا» اسمها «بثشيع»، وأنّها هي
أمّ سليمان بن داود.
داود يزني سراً.. فيعاقبه الله ويؤدبه على فعلته النّكراء، لا بإقامة الحدّ، ولا
باللّوم والتّأنيب، بل بهتك نسائه وحرائره وتجريدهنّ، والفجور بهنّ علناً وفي وضح
النهار وعلى رؤوس الأشهاد.
هذه هي الأسفار «المقدَّسة»، تصف خالق الكون بأوصاف أوحش الوحوش، وأخبث اللّئام
والطّغام، تعالى الله علوّاً كبيراً عمّا يقول الظّالمون.
هذا مثال واحد من عشرات الأمثلة.. اقرأ مصارعة الله ليعقوب، وعجز كلّ منهما أن يغلب
صاحبه، حتى اضطرّ يعقوب أن يضرب «حقّ فخذ الله».
واقرأ أيضاً الإصحاح السابع من سفر التّثنية من التّوراة، الّذي جاء فيه: إنّ الرّبّ
التصق باليهود، وأباح لهم أن يأكلوا جميع الشّعوب من غير شفقة.
وعلى هذه الإسرائيليّات اعتمد جماعة من أهل التّأويل، وفسّروا بها آي الذّكر البشير
النّذير.. فعلى القارئ أن يواجه أقوالهم وتفاسيرهم باليقظة والحذر.
*من كتاب "تفسير الكاشف"، ج 6.