يا سيوف خذيني
الشاعر العراقي جواد جميل
يا سيوفُ خذيني،
وكانت يداهُ سواقيَ قمح،
تنادي الجياعْ
فاعبري من دروبِ الضّياعْ
يا وجوهَ الرّمادْ
واعبري يا بقايا الجيادْ
جسداً.. واحةً ثرَّةَ الضّوءِ..
ممطورةً بالشّعاعْ
يا سيوفُ خذيني،
إلى شرفة من جراح مسوَّرة بالعنادْ!
* * *
أنّتي وجع الأنبياءْ
وانهيارتُها كبرياءْ
يا سيوفُ خذيني،
فخلفَ اشتعالِ الدّماءْ،
ربَّما رفَّ في شفتي طيفُ ماءْ!
مَن يمنحُ الطّفلا،
قطرةَ ماء مرّة؟
مَن يمنحُ الطفلا؟
فليس في خيمتنا شيءٌ،
سوى جنائِز القتلى!
* * *
وقبل أن أملأَ كفِّي من دمِ الرّضيعْ
رأيتُ خلفَ وجهِهِ،
نافورةً من ألم فظيعْ
رأيتُ في عيونِهِ،
فراشةً تُصلبُ في مقبرِة الرّبيعْ
رأيتُ كلَّ رملة، مجنونةً... رعناءْ،
تهزأُ من شفاهِنا، تدقُّ فيها ألفَ مسمار،
لصلبِ قطرة من ماءْ!!
مسافرٌ يدري بأنَّ الزّمانْ
أشلاءُ أيام رماديَّهْ
وهمٌ رؤاها، ويداها دخانْ
تقطفُ أشجاراً خرافيّهْ!
* * *
في وجهِهِ يمتدُّ صمتُ السماءْ
وتنبضُ الأنجمُ في رِمشهِ
مازالَ يسقي الغيمَ ورداً وماءْ
وتطلعُ الأغصانُ من نعشهِ!
* * *
كلُّ الذي قال: خذي يا سيوفْ
من وَهَجِ الجرحِ، ونهرِ الضّلوعْ
أريدُ أنْ أشعلَ موتَ الكهوفْ
حرائقاً.. تمضغُ خوفاً وجوعْ!
* * *
وكانَ في عينيهِ شيء جميلْ
كالمطرِ المنقوشِ فوقَ اللّهبْ
أكفانُهُ أشرعةٌ للرحيلْ
وموتُهُ يكتبُ بدءَ الغضبْ!...
*من ديوان: الحسين لغة ثانية.