تصاعد غضب المسلمين في الهند
تصاعَد الغضب الشعبي ضدّ رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، بعد مضيّ ما يزيد على أسبوع مِن خروج احتجاجات مناهضة لـ«قانون المواطَنة»، الذي ينطوي على تمييز واضح ضدّ الأقلية المسلمة في البلاد. قانونٌ يضاعف، وفق البعض، القلق من تحوّل الهند إلى «أمّة هندوسيّة» قوميّة على غرار الكيان الصهيونيّ.
وقالت صحيفة ليبراسيون الفرنسيّة إنّ قانون الجنسيّة الجديد بتبنيه التّمييز الصارخ ضدّ المسلمين الذين يرغبون في الحصول على الجنسيّة الهنديّة، قد وضع الأوساط الأكاديميّة والمعارضة في تناقض مع حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي القوميّة.
وأشار المراسل إلى أنّ الحكومة إذا نجحت في تمرير هذا القانون وتطبيقه، فإنّ الدين سيصبح عاملاً في اكتساب الجنسيّة الهنديّة، ومعياراً جديداً للتّمييز ضدّ المسلمين المستهدفين أصلاً من قبل القوميّين الهندوس ومن رأس السلطة.
وقال مراسل ليبراسيون إنّ حكومة ناريندرا مودي نجحت من خلال لعبة من التحالفات والضغط على الأحزاب الإقليمية في تمرير هذا التشريع المثير للجدل في مجلس الشيوخ، حيث لا تتمتّع بالأغلبية المطلقة، غير أنّ نخب الجامعات الكبيرة هم الذين يثورون اليوم ضدّ هذه الإهانة للأسس العلمانية في البلاد.
وكان البرلمان الهندي أقرّ مشروع قانون مثير للجدل يمنح الجنسيّة للمهاجرين ما عدا المسلمين.
وذكرت صحيفة إنديان إكسبرس المحليّة، أنّ مجلس راجيا سابها (الغرفة العليا في البرلمان) أقرّ مشروع القانون بموافقة 125 صوتاً مقابل رفض 105 أعضاء.
وينبّه المراسل إلى أن الشرارة التي أشعلت روح التمرّد هذه كانت القمع الذي قوبلت به الاحتجاجات يوم الأحد في محيط الجامعة الإسلامية بالعاصمة، حيث دخلت الشرطة الكلية بالقوّة، دون الحصول على إذن من إدارتها، وأطلقت الغاز المدمع في المكتبة وأصابت العديد من الطلاب، بينهم اثنان بعيارات نارية.
ويقول مراسل الصحيفة الفرنسية، إن أحزاب المعارضة التي صوّتت ضدّ النصّ في البرلمان، تسير على خطى هذه الحركة الشعبيّة، حيث قادت رئيسة حكومة منطقة البنغال في كلكتا مسيرة قطعت خلالها سبعة كيلومترات يوم الإثنين، كما نظم الكونغرس حشداً كبيراً لتوطيد الوحدة يوم السبت في دلهي.
وفي مقالها السابق بصحيفة واشنطن بوست، بعنوان "المحكمة العليا في الهند تؤيّد رؤية يمينيّة تجعل المسلمين مواطنين من الدّرجة الثانية"، شخصت الكاتبة الهنديّة رنا أيوب أحوال مسلمي البلاد وقالت: إنهم "على حافة الهاوية".
ويقول منتقدو القانون إنّه يميز ضد المسليمن الذين يشكّلون أكبر أقلية في البلاد، و14 في المئة من سكانها، بل يرى كثيرون أنه أحدث خطوة في مشروع يعمل عليه رئيس الوزراء ناريندرا مودي على مدى سنين، من أجل إعادة بناء الهند، الجمهوريّة العلمانيّة التعدديّة التي أسّست في العام 1947، دولة هندوسية.
وذكر مقال لصحيفة نيويورك تايمز، أنّ القانون، مثلما يقدّر مسلمو الهند، لا علاقة له بمساعدة المهاجرين، وإنما الأمر يتعلّق بالحملة التي قام مودي ووزير داخليته، أميت شاه، لتهميش المسلمين، وتحويل الهند إلى وطن للهندوس الذين يشكّلون حوالى 80 في المئة من السكان.
بدورها، دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الشّرطة إلى ضبط النفس، وطالبت بالتحقيق في سلوك الشرطة.
وقال المدير التنفيذي لمنظمة العفو الدوليّة أفيناش كومار في بيان، إن "الطلاب لديهم الحقّ في الاحتجاج.. لا يمكن تحت أيّ ظرف تبرير العنف ضد الطلاب المحتجين سلمياً".
من جهته، قال رئيس وزراء باكستان عمران خان، إن ملايين المسلمين قد يفرون من الهند بسبب فرض حظر التجوّل في إقليم كشمير المتنازع عليه، وقانون الجنسيّة الجديد في الهند الذي اعتبر أنّه خلق أزمة لاجئين.
وأعرب خان خلال كلمة ألقاها في المنتدى العالمي للاجئين في جنيف، عن قلقه من أن تتفاقم الأزمة وتتطوّر من أزمة لاجئين إلى صراع بين دولتين مسلّحتين نوويّاً.
يقدَّر عدد المسلمين في الهند بـ200 مليون نسمة، ويشكّل الهندوس أغلبيّة سكانه البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة.