الشيخ هادي بن المهدي السبزواري ولد سنة 1212 وتوفي 28 جمادى الأولى سنة
1289هجرية، ودفن خارج سبزوار جنب الطريق الذاهب إلى مشهد الرّضا، وبني على قبره
قبّة بناها الميرزا يوسف ابن الميرزا حسن مستوفي الممالك الذي صار صدراً أعظم لناصر
الدين شاه القاجاري.
الحكيم الفيلسوف العارف الورع الفقيه الزاهد الشاعر بالعربيّة والفارسيّة، كان أبوه
تاجراً وملاكاً في سبزوار، ولما بلغ المترجم الحادية والعشرين من عمره، رغب في طلب
العلم، وكان متميزاً في العلوم الغريبة والسطوح الفقهية، فعزم على الحجّ، وجاء إلى
أصفهان، وكانت دار العلم، فبقي فيها شهراً يحضر درس الكلباسي والشيخ محمد تقي صاحب
الحاشية، فاستهوته حلقات الدروس، وعدل عن الذهاب إلى الحجّ، فحضر على الآخوند ملا
إسماعيل، وعلى المولى علي النوري، وظلّ على ذلك نحواً من ثماني سنين إلى سنة 1240،
حيث جاء الشيخ أحمد الأحسائي إلى أصفهان فحضر درسه.
ولما توجّه ملا إسماعيل إلى طهران سنة 1242، ذهب المترجم إلى خراسان، وأقام في
المشهد في مدرسة حاجي حسن، وجعل يباحث في العلوم العقليّة والنقليّة، وفي أواخر
سلطنة فتح علي، سافر إلى الحجّ، وفي رجوعه، ذهب إلى كرمان، فبقي فيها نحو سنة، وبعد
الرجوع من مكة، بقي عشر سنوات في المشهد في زمان سلطنة محمد شاه، يباحث في المعقول
والمنقول، وله تلامذة مجتهدون أصحاب فتوى وقضاء في المشهد وسبزوار.
وكان له يد في علم الطبّ، وينقل أنّه أيام إقامته في كرمان، كان مشغولاً بالرياضة.
وقال السيّد صالح الشهرساني نزيل طهران:
في الحقيقة أن المترجم قد أنشأ في سبزوار، وبمدرسة الفصيحيّة التي كان يدرس فيها،
والتي يعود تاريخ بنائها إلى سنة 1126، أكبر كلية للفلسفة والحكمة والمنطق في ذلك
القرن، حيث تخرَّج منها، وعلى يد المترجم، عدد لا يستهان به في المتضلّعين في هذه
العلوم. كما أنَّ داره البسيطة المتواضعة كانت تعجّ دوماً بالوافدين عليه من مختلف
الجهات لارتشاف العلم منه.
وقد زاره فيها الشاه ناصر الدين شاه القاجاري يوم أوّل صفر 1284 عند مروره بسبزوار
في طريقه لزيارة مرقد الإمام الرّضا (ع) في المشهد، وتناول معه طعام الغداء
المؤلَّف من الثريد في غرفته المبنيّة من اللّبن الطوب.
وقال في تتمّة أمل الآمل: أستاذ العصر وفيلسوف الزمان، حكيم إلهيّ متأله إشراقي،
انتهت إليه حكمة الإشراق في عصرنا، وإليه تشدّ الرحال أفاضل الرّجال. كان معروفاً
بالزهد والورع، لا يترك القيام بالثلث الأخير من اللّيل للتهجّد والتنفّل، وله
المواظبة على السنن وإقامة عزاء الحسين (ع)، والدقة التامّة في إخراج زكاة غلّته
وأداء خمس فاضل مؤونته.
وبالجملة، كان في الطريقة المستقيمة، لم يعز إليه شيء أبداً، بل كان للناس الوثوق
والاعتقاد التامّ فيه، يعدّونه من العلماء الربّانيّين والصالحين الزاهدين، كان له
مزرعة يتعيش بها هو وعياله بالاقتصاد، وكان قد رتب أوقاته باللّيل والنّهار ترتيباً
صحيحاً، وكان له مجلس درس عال يحضره جمع من الأفاضل، غير أنّ بعض تلامذته لم يخرج
على منهاجه في التشرّع، وكان هو على منهاج أستاذه العالم الربّاني المتألّه المولى
علي النوي بأصفهان.
مؤلَّفاته :
1- حاشية على كتاب المثنوي المعروف بشرح المثنوي.
2- منظومة في الحكمة مشهورة مطبوعة مع شرحها ومنفردة.
3- اللآلئ المنتظمة، منظومة عربيّة في المنطق وشرحها .
4- شرح دعاء الجوشن الكبير.
5- شرح دعاء الصباح .
6 -أسرار الحكم .
7- حواشي الأسفار .
8- حواشي شواهد الربوبية .
9- حواشي مفتاح الغيب .
10- ديوان شعره الفارسي المعروف بديوان أسرار.
هذه مؤلفاته المطبوعة والّتي لم تطبع، هي:
11- منظومة في الفقه وشرحها عليها.
12- أسرار العبادة في الفقه .
13- الرحيق في علم البديع.
14- حاشية على المبدأ والمعاد لملا صدرا.
15- المقباس في المسائل الفقهيّة منظومة.
16- أجوبة المسائل المشكلة .
17- كتاب في الحكمة.
18- حاشية على شرح ألفية ابن مالك في النحو للسيوطي.
19- المحاكمات في الرد على الشيخية .
20- راح الأفراح في علم البديع .
21- مطلع الشمس في معرفة النفس ومعرفة الحقّ، وفيه شرح العينية لابن سينا.
وقال السيد صالح الشهرستاني متحدّثاً عن مؤلّفيه اللآلئ وغرر الفوائد:
للمترجم بعض الشروح والحواشي التي تفسر ألغاز وغوامض هاتين المنظومتين، وقد قام
كثير من العلماء والحكماء في عصر المترجم وبعد وفاته بشرح المنظومتين والتّعليق
عليهما، ورفع الغموض عن كثيرٍ من خفاياهما في كتب ورسائل أكثرها مطبوعة:
أ - فيض الباري في إصلاح منظومة السبزواري للسيّد هبة الدين الحسيني الشهرستاني
المعاصر، وهي مجموعة شعريّة طبعت في بغداد قبل 30 سنة، أراد بها الناظم إصلاح بعض
ما أخذه على السبزواري من الناحية الأدبيّة، ورفع الغموض عن كثير من معانيها.
ب - منظومة للحاج الشيخ محمد حسين الأصفهاني النجفي في نفس الموضوع، خطيّة، توجد
نسختها في النجف، ولم يوفّق الناظم إلى إتمامها حيث وافته المنيّة.
ج - حاشية على منظومة السبزواري للشيخ محمد بن معصوم على الهيدجي الزنجاني المتوفى
بطهران سنة 1346، وقد طبعت في 432 صفحة، منها 79 صفحة في شرح منظومة اللآلي،
والباقي في شرح غرر الفرائد.
د - درر الفرائد في شرح غرر الفرائد للعلامة السيّد ميرزا محمد حسين الشهرستاني
المرعشي المتوفَّى سنة 1315.
هـ - حاشية المنظومة للشيخ الحاج محمد تقي الآملي، طبعت في طهران، وحاشية الميرزا
مهدي الآشتياني، طبع قسم منها بطهران، شرح السيد حقّ اليقين الخراساني.
إلى غيرها من الشّروح والتعاليق.
*من كتاب "أعيان الشيعة"، ج 10.