توفّي الدبلوماسي والكاتب والمفكّر الألماني المسلم مراد ويلفريد هوفمان يوم الإثنين الفائت عن عمر ناهز 89 عاماً، بعد صراع طويل مع المرض، وحياة كانت حافلة بالعمل الفكري والتأليف لكتب مهمّة في الفكر الإسلامي، منها "يوميات ألماني مسلم"، و"الإسلام كبديل".
هو دبلوماسي بارز ومخضرم ومؤلّف ألماني مسلم بارز، ولد سنة 1931 في ألمانيا، كان في البداية منتمياً إلى شبيبة هتلر عندما كان في سنّ التاسعة من العمر، ولكن إلى جانب ذلك، كان منتميا إلى عصبة محظورة مناهضة للنازية في الوقت ذاته.
قرّر قراءة القرآن بنفسه، وقال عنه: "كلّ شيء في مكانه، منطقيّ تماماً". وتحوّل هوفمان من الكاثوليكيّة إلى الإسلام العام 1980.
بدأ بدراسة القانون بعد حصوله على شهادة البكالوريا في ميونخ، وحصل بعدها على الدكتوراه في القانون. عمل منذ الخمسينيات في سفارة ألمانيا الاتحاديّة في الجزائر، وهذا جعله يشاهد عن قُرب الثّورة الجزائريّة التي يبدو أنها أثارت اهتمامه الشّديد ودفعته إلى التّأمل، وهو صاحب العديد من الكتب التي تتناول مستقبل الإسلام في إطار الحضارة الغربيّة وأوروبّا.
تقلّب في مناصب عديدة، حيث عمل خبيراً في مجال الدّفاع النّوويّ في وزارة الخارجية الألمانية، وكان إسلامه موضع جدل بسبب منصبه الرّفيع في الحكومة الألمانيّة.
ثم عمل مديراً لقسم المعلومات في حلف النّاتو في بروكسل من العام 1983 حتى 1987، ثم سفيراً لألمانيا في الجزائر من 1987 حتى 1990، ثم سفيراً في المغرب من 1990 حتى 1994.
تحوّله إلى الإسلام:
من خلال مطالعة عدد من مؤلفات هوفمان: مذكرات ألماني مسلم، الإسلام كبديل، الإسلام عام 2000، الإسلام في الألفية الثالثة، ديانة في صعود، خواء الذات والأدمغة المستعمرة، يتبيَّن لنا أنّ وصوله إلى الإسلام لم يكن وليد موقف عاطفيّ، بل كان حصيلة تراكم طويل من المواقف والخبرات والتأمّل والدراسة المتأنية.
قاده السؤال إلى ضرورة الوحي والدّين، وجاءته الإجابة من خلال قراءته المتكرّرة للآية الكريمة: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[النجم/38].
يشرح هوفمان تصوره عن هذه الآية، فيقول: "لا تعبّر هذه الآية عن مبدأ أخلاقي فحسب، بل تتضمّن مفهومين دينيين يمثلان أساساً وجوهراً لفكر ديني، هما: إنكارها لفكرة وراثة الخطيئة، وإلغاؤها إمكانيّة تدخّل فرد بين الإنسان وربّه، وتحمّل الوزر عنه. وهذا المفهوم ينسف مكانة القساوسة ويحرمهم من نفوذهم، وينفي فكرة الوساطة بين الإنسان وربّه".
لقد شكّلت فكرة إنكار الخطيئة الأصليّة أهميّة قصوى في تفكير هوفمان، لأنها، حسب رأيه، تفرّغ التعاليم المسيحيّة من عدة عناصر جوهريّة، مثل: ضرورة الخلاص، والتجسيد، والثالوث، والموت على سبيل التضحية.
عندها لم تعد المسيحيّة تبدو بنظره سوى أنها ترتكز على أساطير متنوّعة ومتعدّدة. كما تحوّلت نظرته إلى الإسلام لتتجذّر أكثر، حتى صار يعتقد أن الإسلام هو الدين الحقّ والبديل الوحيد للمجتمعات الغربيّة.