إنّ المرأة عضو فاعل في المجتمع، وهذا يمكّنها من أن تتحرَّك في أداء دورها
الطليعيّ المتمثّل في عدد من المهامّ، منها: إشاعة مفاهيم التّنمية في الحياة
الاجتماعيّة، والعمل على أساس إيجاد مبادرات في الأماكن التي تستطيع فيها أن تتحرّك
بحريّة، وأن تعمل في خطّ جهاديّ طويل على إقناع الرّجل بأنّها إنسان، وأنّها تستطيع
أن تقوم بعمليّة التنمية، سواء أكان ذلك على المستوى الثقافيّ أم الاقتصاديّ أم
الاجتماعيّ، كما يقوم الرّجل، لأنّ طاقاتها ليست بأقلّ من طاقته عندما يتمُّ
استخدام هذه الطاقات.
إنّ المسألة تحتاج إلى مبادرة، وإلى عمليّة دخول في صراع مع المفاهيم المتخلّفة،
حتى تكون التنمية نتيجة للسّيطرة على عقليّة التخلّف، لأنّ ذلك هو الذي يمكن أن
يحقّق لنا السّيطرة على واقع التخلّف، باعتبار أنّ الله {لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ
حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[الرّعد: 11].
إنّنا نتصوّر أنّه لا بدّ للفئات المثقّفة الواعية التي تملك عقليّة حضاريّة، من أن
تندفع لإيجاد جوٍّ للتوعية الروحية والثقافية الإسلامية والسياسية للمرأة، حتّى
ينشأ عندنا جيل من النساء يمكن أن يملك المواقع الفكريّة والحضاريّة، ليتحرّك من
هذه المواقع نحو توعية بقيّة النساء، كما يحضّ من خلال الأجواء العامّة على إيجاد
فكر نسائيّ منفتح، لا يتعقّد من الطموحات الحقيقيّة الأصلية في الإسلام، والمتعلّقة
بشخصيّة المرأة وحركتها، وحركة الإسلام في الواقع.
* من كتاب "تأمّلات إسلاميّة حول المرأة".