إنّنا عندما نريد أن نصوغ المرأة، ومنذ بدايتها الطفوليّة، ولغاية مراحل تدرّجها
في الحياة، لا بدّ لنا أن نُعنى بإنسانيّتها، بأن نجعلها تعيش عناصر إنسانيَّتها
التي تجعل منها إنساناً مسؤولاً عن حركة الحياة من حولها، لتكون الأمومة بعض
مسؤوليَّاتها لا كلّ مسؤوليَّاتها، تماماً كما هو الرّجل عندما نريد أن ننمّيَ
عناصر إنسانيَّته ليرتبط بالحياة، لتكون أبوَّته جزءاً من مسؤوليَّته لا مسؤوليَّته
كلّها، ثم نحاول في هذا المجال أن لا نجعل المرأة تشعر بأنَّ أنوثتها نقطة ضعف في
حياتها، بل علينا أن نوحيَ إليها بأنّها شيء طبيعيّ، كما نقول للرّجل إنّ ذكوريّته
شيء طبيعيّ له، باعتبار أنّ هذا أمر يدخل في طبيعة التّكوين الإنسانيّ، وعلى
الإنسان أن لا يتعقّد من تكوينه الإنسانيّ، حتّى لو صادف بعض الصّعوبات في هذا
المجال.
وفي هذا الجوّ، لا بدّ أن نربّيَ المرأة الزّوجة بحيث تدخل الحياة الزوجيّة وهي
تختزن في داخلها شخصيّة الزوجة، لتعيَ دور الزوجة في حياتها وفي حياة الإنسان الآخر،
تماماً كما هي المسألة في ما نقوله عن الرّجل.
وعلينا أيضاً أن نعطيها الفكرة التي لا تتعقّد من مسألة الأمومة، لتعتبر أنّ
الأمومة رسالة، وليست مجرّد عبءٍ ثقيل عليها تريد أن تتحرَّر منه لتأخذ حريّتها
المطلقة في العبث واللّهو، كما تفعل بعض النّساء اللّاتي يتعقّدن من الأمومة، ولذا
ينسحبن من الأمومة تماماً، أو اللاتي لا يردن أن يضحّين في مسألة الأمومة، فيقتصرن
على ولدٍ واحد، بقطع النّظر عن الجوانب الاقتصاديّة أو التربويّة، بل لحبّ الراحة
والابتعاد عن المسؤوليّة.
لهذا، لا بدّ للمرأة أن تشعر بأنَّ الأمومة حالة أساسيّة في شخصيّتها وفي حركة
إنسانيّتها، كما تشعر بأنّ الزواج يمثّل دوراً في صنع الرّجل وإغناء شخصيّته، كما
يفكّر الرّجل أنّ الزواج حركة في صنع شخصيّة المرأة وفي تنمية عناصرها الإنسانيّة.
* من كتاب "تأمّلات إسلاميّة حول المرأة".