هو الإمام علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام أجمعين)، وكنيته أبو الحسن الثّالث، وذلك تمييزاً له عن الإمام علي بن موسى الرّضا(ع)، الّذي يكنّى بأبي الحسن الثّاني، وألقابه: "النجيب" و"النقيّ" و"الهادي" و"المتوكّل"، وأشهرها "الهادي"، وهو الإمام العاشر من أئمّة أهل البيت(ع)، ولد في الخامس عشر من شهر ذي الحجّة في العام 212هـ في نواحي المدينة المنوّرة، وقد عاصر الخلفاء: المعتصم والواثق والمتوكّل، وغيرهم من خلفاء بني العباس.
وقد أجمع علماء الأمّة وأرباب السّير والتّاريخ على علمه الّذي لا يدانيه فيه أحد، وقد ذكر الشّيخ الطوسي في مؤلّفه (رجال الطوسي)، مائةً وخمسةً وثمانين تلميذاً وراوياً تتلمذوا على يديه ورووا الحديث عنه.
وكان مقصداً ومرجعاً لأهل العلم، وقد حفلت المراجع التاريخيّة بما أُثِر عنه من معارف وعلوم في الفقه والمناظرة والتّفسير والحديث وغير ذلك.
عاش الإمام الهادي(ع) في المدينة المنوّرة مع والده الإمام الجواد(ع) قرابة سبع سنوات، وروى المسعودي في كتاب (إثبات الوصيّة)، أن الإمام الجواد(ع) لما حضرته الوفاة، نصّ على إمامة ابنه الهادي(ع).
وكان الخلفاء الّذين عاصرهم الإمام(ع) من المعادين لآل بيت الرّسول(ص)، وخصوصاً منهم "المتوكل" حيث ينقل أبو الفرج الأصفهاني في متن كتابه الشّهير (مقاتل الطالبيّين، ص:395): "كان المتوكّل شديد الوطأة على آل أبي طالب، غليظاً على جماعتهم، مهتمّاً بأمورهم، شديد الغيظ والحقد عليهم، وسوء الظنّ والتّهمة لهم، واتّفق أنّ عبدالله بن يحي بن خاقان ـ وزيره ـ كان يسيء الرّأي فيهم، فحسّن له القبيح في معاملتهم، فبلغ فيهما ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العبّاس قبله".
ويروى أنّ تاريخ وفاته كانت في شهر رجب سنة 254 للهجرة، حيث دفن في داره في سامراء، بعد أن استدعاه إليها المتوكّل من المدينة المنوّرة.
لقد عاش الإمام الهادي(ع) كغيره من أئمّة آل البيت(ع) للإسلام كلّه، حيث كان همّه أن يخرج الإسلام من قمقم الأنانيّات والعصبيّات الّتي تحاصره وتخنقه، وتغيّب مفاهيمه.
لذا عمل، رغم قصر عمره الشّريف، على تنقية الإسلام من كلّ التّحريف والفهم الخاطئ لقيمه، فكان في كلّ مواقفه وحركاته وسكنات، يحاول إيضاح ما يهدف إليه الإسلام الصّحيح، من بناء جيل إسلاميّ رساليّ واعٍ ومنفتح على قضايا الإنسان والوجود، مؤمن بالعمق والمضمون، لا مجرّد ممارس للشكليّات الّتي تسلب الشخصيَّة قيمتها ودورها الحقيقيّ في البناء الإنساني والحضاريّ..
في ذكرى ولادته الميمونة، ولادة الإسلام الأصيل والمنفتح، على الأمّة أن تقدم بكلّ محبّة وتقدير ووعي ومسؤوليّة وجرأة، على دراسة تاريخ هذه الشّخصيات العظيمة، واستلهام الدروس العمليّة منها، من أجل تعزيز المسيرة الإسلاميّة والشخصيّة الإسلاميّة، لتبقى حاضرةً وحيّةً على الدّوام، من خلال ارتباطها الواعي برموزها الّذين ضحّوا من أجل عزّة الإسلام وكرامته، وبقائه حاضراً وقويّاً.
إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .