الترتيب حسب:
Relevance
Relevance
Date

صورةُ المجتمعِ الإسلاميّ: الرَّحمة للمؤمنين والشّدَّة للأعداء

العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله

قال تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُم}[الفتح: 29].
وقد جاءت [كلمة الرّحمة] في الآية الكريمة التي تحدَّثت عن الأسلوب الليّن المرن الّذي خاطب به النبيّ محمَّد (ص) المشركين من قومه، وعن الروح الوديعة التي انسابت في سلوكه الإنساني معهم، وعن القلب الكبير الذي اتّسع لهم، ففاض عليهم بالحنان والعطف والمحبَّة، لتجعل ذلك كلّه مستمدّاً من الرحمة في الإنسان، وفي الرسالة: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران: 159].
وجاء الحديث عن الرَّحمة، أيضاً، في الآية التي ركَّزت أساس العلاقة الزوجيَّة في الإسلام على المودَّة والرحمة، باعتبار أنَّ المودَّة تمثِّل العاطفة، في إطار الشعور المتبادل بالمحبّة، بينما تُجسّد الرحمة الفكرة التي تحكم الحياة الزوجيَّة، من خلال تقدير كلٍّ من الزوجين لظروف الآخر، كتجسيد للرَّحمة في إطار العمل والممارسات اليوميَّة لقضايا الحياة: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الرّوم: 21].
وهكذا نفهم من ذلك كلّه، أنَّ الرحمة ليست شعوراً طارئاً يعيش في القلب، ليعبّر عن نفسه في نفحات روحيَّة عاطفيَّة تنهمر في حياة الآخرين الشعوريَّة عاطفة طيّبة ساذجة، بل هي منهج للتعامل وللعلاقات، وللسلوك العلمي العام، بما يتضمَّنه من مراعاة للظروف الموضوعيَّة المحيطة بأفراد المجتمع، ومن مواجهته للعلاقة الإسلاميَّة التي اعتبرت الإيمان بالله وبرسله عاملاً وجدانياً ومعنوياً، يؤاخي بين الناس كما يؤاخي بينهم في النَّسب الذي يجمعهم في ظلّ أب واحد وأُمّ واحدة، كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات: 10].
ما يؤكِّد لنا أنّ الجانب الاجتماعيّ في التعامل، مرتبط بالجانب الوجداني المتّصل بالإيمان بالله الذي ألّف بين قلوبهم. وعلى ضوء هذا، لا يشعر الإنسان في طبيعة العلاقات بالجانب القانوني الذي يخضع لتوجيهات فوقيَّة تأتي من خارج الذّات، بل يتلمَّسه طبيعياً عفوياً كأيّ علاقة أخرى عفويَّة، أو أيّ تصرّف عفويّ طبيعيّ، تنساب دوافعه الخيّرة من ينابيع الروح الفيّاضة بمعاني المحبَّة والعطاء.
وهكذا نفهم كيف تكون هذه الصّفة {رُحَمَاء بَيْنَهُم} عاملاً من عوامل التماسك الاجتماعي، وبالتَّالي مصدراً من مصادر القوّة الاجتماعيَّة.
فإذا انتقلنا إلى الصفة الثَّانية في هذه الآية: {أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ}، نجد العوامل النفسيَّة الموحّدة التي تلتقي بالشدَّة والعنف في الموقف، تجاه الكفّار الذين يمثلون العناصر الخارجيَّة التي تهدّد وحدة المجتمع وسلامته، بتهديدهم للأساس الذي يقوم عليه تماسكه وقوّته، وهو الإيمان بالله وبرسله، فيقفون منهم صفّاً واحداً عنيفاً لمواجهته بشدّة وقسوة، لأنَّ القضيَّة ليست قضيّة دعوة واقتناع، بل هي قضيَّة ردّ للاعتداء، وردع للأعداء، وحماية للمستقبل، وقد صوَّر الله لنا هذا الموقف، في صورة تفصيليَّة، في آية أخرى من آيات القتال: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ}[الصفّ: 4].
وقد نستوحي من هذه الآية، أنَّ هذه الشدّة على الكفّار، لا تقتصر على مواقفهم من المؤمنين، بل تمتدّ وتتَّسع لكلِّ عمل من الأعمال التي يراد بها إضعاف المجتمع من الداخل، بإضعاف إيمانه، أو إضعاف نتائج الإيمان، ولهذا التقت المواقف الإسلاميَّة في دعوتها إلى إعلان الحرب على المنافقين، بالقوّة والأُسس نفسها في إعلان الحرب على الكافرين، كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}[التَّوبة: 73].
فتتكامل - في هذا الموقف الموحّد - الصورة الإسلاميَّة الرائعة للمجتمع، في علاقاته المستندة إلى الرَّحمة والتَّعاون من الداخل ليبني الأساس، وعلاقاته المبنيَّة على الشدَّة والقوَّة والعنف، في الداخل والخارج، ليحمي البناء من الهدم والتصدُّع.
* من كتاب "الإسلام ومنطق القوَّة".
تويتر يحذف حساب عهد التميمي تويتر يحذف حساب عهد التميمي الاحتلال يعتقل 3 فتية من الخليل الشيخ عكرمة صبري: من يفرط في القدس يفرط في مكة والمدينة شيخ الأزهر يؤكد أهمية تدريس القضية الفلسطينية في مقرر دراسي حماس تدين جريمة كنيسة مارمينا في القاهرة الهيئة الإسلامية المسيحية: الاعتداء على كنيسة حلوان إرهاب يجب اجتثاثه الحكم على محمد مرسي بالحبس 3 سنوات بتهمة إهانة القضاء الحكم على محمد مرسي بالحبس 3 سنوات بتهمة إهانة القضاء منظمات أممية تدعو لوقف الحرب في اليمن داعش تتبنى هجوم الأربعاء على متجر بسان بطرسبورغ الميادين: مسيرات حاشدة في مدن إيرانية رفضاً للتدخل الخارجي بالبلاد بنغلاديش تستعد لترحيل 100 ألف لاجئ من الروهينغا إلى ميانمار فى يناير/ كانون الثاني وزير ألماني محلي يدعو للسماح للمدرسات المسلمات بارتداء الحجاب صحيفة أمريكية: الولايات المتحدة تفكر فى قطع مساعدات مالية عن باكستان مقتل 3 عمال في إطلاق نار في ولاية تكساس الأميركية بوتين يوقع قانوناً لإنشاء مختبر وطني لمكافحة المنشطات مسلح يقتل عمدة مدينة بيتاتلان المكسيكية علماء يبتكرون لقاحاً ضد الإدمان على المخدرات منظمة الصحة العالمية: السكري سابع مسببات الوفاة في 2030 دراسة: تلوث الهواء يقتل 4.6 مليون شخص كل عام المشي 3 كيلومترات يومياً يحد من تدهور دماغ كبار السن ضعف العلاقات بين المهاجرين ندوة في بعلبكّ: دور الحوار في بناء المواطنة الفاعلة شهرُ رجبَ شهرُ الرَّحمةِ وذكرِ الله لمقاربةٍ لبنانيَّةٍ وحوارٍ داخليٍّ قبل انتظار مساعدة الآخرين السَّبت أوَّل شهر رجب 1442هـ مناقشة رسالة ماجستير حول ديوان شعريّ للمرجع فضل الله (رض) الحجاب واجبٌ وليس تقليدًا اجتماعيًّا في عصر الإعلام والتّأثير.. مسؤوليَّة تقصّي الحقيقة قصّة النبيّ يونس (ع) المليئة بالعبر المرض بلاءٌ وعذاب أم خيرٌ وثواب؟! فضل الله في درس التفسير الأسبوعي
يسمح إستخدام المواضيع من الموقع شرط ذكر المصدر