[يقول الإمام زين العابدين (ع) في دعاء الصَّباح والمساء:]
"اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، واجْعِلْهُ أيْمَنَ يَوْمٍ عَهِدْنَاهُ، وَأفْضَلَ صَاحِبٍ صَحِبْنَاه، وَخَيْرَ وَقْتٍ ظَلِلْنَا فِيهِ، واجْعَلْنَا مِنْ أرْضَى مَنْ مَرَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ من جُمْلَةِ خَلْقِكَ، أشْكَرَهُمْ لِما أوْلَيْتَ مِنْ نَعَمِكَ، وَأقْوَمَهُمْ بِما شَرَعْتَ مِنْ شَرائِعِكَ، وَأوْقَفَهُمْ عَمّا حَذّرْتَ مِنْ نَهْيِكَ".
يا ربّ، إنَّك أردت منّا أن نتطلَّع إلى الأفضل والأعلى في حياتنا، مما نأخذ به من أسباب الخير والسَّعادة، وممّا نحلم به من زيادة البركة والفضل، وممّا نرغب به في عبوديَّتنا لك من الحصول على الدَّرجة العليا من رضاك، وها نحن نبتهل إليك في هذا اليوم، أن يكون يومنا هذا في عطائه الروحي وحركته العمليَّة، من أكثر الأيَّام التي مرَّت علينا بركةً وسعادةً في طاعتنا لك، وعملنا في سبيلك، وأن يكون من أفضل الأصحاب الَّذين صحبناهم، بما في ذلك الزمن الَّذي يمثّل عمرنا المنفتح على وجودنا، بحيث يكون الأوفى في وقفته لنا، من خلال النتائج العظيمة التي نحصل عليها منه، وأن يكون خير وقتٍ نستظلّ فيه ونسترخي ونرتاح، في عطائه المعنوي في دنيانا وآخرتنا.
إنّنا نريد - يا ربّ - عمراً يتحوَّل الزمن فيه إلى خطّ تصاعدي يتَّجه إلى معارج القدس عندك في كلّ يوم، وينطلق نحو مدارج الأنس في القرب منك في كلّ لحظة، أن أكون الأرضى لك من بين عبادك، من خلال الرّضى بقضائك، والإخلاص لك، والصِّدق في العمل في سبيلك، والانفتاح على كلّ مواقع محبَّتك، فأكون الأكثر شكراً لما أوليتني من نعمك الظاهرة والباطنة في حياتي كلّها، والأقوم بكلّ شرائعك التي شرَّعت، وأحكامك التي فرضت، ليكون قيام حياتي كلّها في المواقع التي تجسِّد الالتزام العملي الأقوى في الثَّبات على خطِّك المستقيم، والأوقف الَّذي يزداد حذراً وخوفاً واستقامةً أمام حدودك الَّتي حدَّدتها، ونواهيك التي نهيت عنها، وتعاليمك الَّتي دعوت إليها، فأقف عند مواقع حرامك، فلا أقترب منها حتى على مستوى الشّبهة، ولا آخذ بما يؤدّي بي إلى الضّعف عن الطاعة، أو إلى القوَّة على المعصية، وأتطلَّع إلى رضاك في كلّ ما يقرِّبني من رضاك، لأنَّ ذلك هو الذي يحقِّق لي الحصول على محبَّتك، ويجذبني إلى ساحة قربك، ويخرجني من الظّلمات إلى النّور في أيَّام حياتي كلّها، فأزداد نوراً في كلّ يوم، من خلال طاعتي لك وانفتاحي عليك.
* من كتاب "آفاق الرّوح"، ج1.