في هذا اليوم، السّابع من صفر، نلتقي بذكرى وفاة الإمام الحسن بن عليّ
(ع)، وهو الَّذي قال النبيّ (ص) عنه وعن أخيه: «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل
الجنّة» ، وقال عنهما إنّهما «إمامان قاما أو قعدا»، وقال وهو يشير إليهما:
«اللَّهمَّ إنّي أحبّهما، فأحبّهما وأحبّ من يحبّهما» ؛ ليُدخلَ رسول الله
الحسن والحسين في وجدان المسلمين، من أجل أن يعيشوا الاقتداء بسيرتهما، والالتزام
بخطّهما الّذي هو خطّ الإسلام.
وهذا هو معنى إمامة أهل البيت (ع)؛ أن نلتزم بالإسلام الَّذي جسّدوه في أقوالهم
وأفعالهم في كلّ مجالات الحياة. فإذا تحدّثنا عن أفراحهم وأحزانهم، فإنَّ علينا أن
نتحدّث عن علاقة أفراحهم بأفراح الإسلام، وعن علاقة أحزانهم بأحزان الإسلام. إنَّ
أهل البيت كانوا للإسلام كلّه وللإنسان كلّه، وعلينا أن ننقل كلّ حياتهم وأفكارهم
ومبادئهم إلى الإنسان في هذا العصر، لنغتني في واقعنا المعاصر من خلال إمامتهم،
بدلاً من أن نحبسهم في زوايا عصبيَّاتنا وتعقيداتنا.
ولننْظرْ إلى صورة موجزة عن الإمام الحسن (ع) بما يتحدَّث به الإمام زين العابدين
(ع)، يقول (ع):
«كان أعبدَ النّاس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم؛ كان إذا حجَّ حجَّ ماشياً، وربَّما
مشى حافياً، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنّشور
بكى، وإذا ذكر الممرّ على الصِّراط بكى، وإذا ذكر العرض على الله شهق شهقةً يُخشى
عليه منها، وكان إذا قام في صلاته، ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزَّ وجلَّ، وكان إذا
ذكر الجنّة والنّار اضطرب اضطراب السَّليم، وسأل اللهَ الجنّة وتعوّذ به من النّار.
وكان لا يقرأ من كتاب الله عزَّ وجلَّ {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا} إلا قال: لبّيك اللّهمّ لبّيك، ولم يُرَ في شيء
من أحواله إلَّا ذاكراً لله سبحانه...» .
وكان الإمام الحسن (ع) يعظ النّاس فيقول: «يا بن آدم، عُفَّ عن محارم الله تكن
عابداً، وارضَ بما قسم الله تكن غنيّاً، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً، وصاحب
النّاس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك به تكن عادلاً. إنَّه كان بين أيديكم أقوام يجمعون
كثيراً ويبنون مشيداً ويأملون بعيداً؛ أصبح جمعهم بوراً، وعملهم غروراً، ومساكنهم
قبوراً. يا بن آدم، لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمِّك، فخذ ممَّا في يدك
لما بين يديك...» .
أيُّها الأحبَّة، هؤلاء هم أئمَّتنا، وهم قدوتنا، ومن خلالهم نتعرَّف إلى الإسلام
أكثر، والسّلام على إمامنا الحسن المجتبى، يوم ولد، ويوم انتقل إلى رحاب الله، ويوم
يُبعث حيّاً.
* من خطبة جمعة لسماحته، بتاريخ: 7 صفر 1431هـ/ الموافق:
22 كانون الثّاني 2010م.
***
سنن الترمذي، الحديث 3768.
سنن الترمذي، الحديث 3769.
بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج43، ص 331.
بحار الأنوار، ج 78، ص 112.