{
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء
مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ
} لا توالوا الكافرين في محاورهم الفكريّة، وفي محاورهم
السياسيّة، وفي خطواتهم الاجتماعيّة، وتتركوا المؤمنين لتكونوا أولياء للكافرين من
دون المؤمنين.. المسألة فيها خطورة، افتحوا قلوبكم لهذه الآية، افتحوا مشاعركم،
اعرفوا الخطر الّذي تطلُّون عليه..
وماذا بعد؟ الله يتحدَّث، الله يطلق الإنذار، الله يطلق التَّهديد... {
لاَ
تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن
تَجْعَلُواْ للهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِين
}[النساء: 144] إذا أنتم فعلتم
ذلك، فستكون الحجّة من الله عليكم، وإذا كانت الحجّة لله عليكم، فأين تذهبون، وأين
تهربون، وأين تفرُّون؟ هل ينقذكم هؤلاء الكافرون من يدي الله؟ فكِّروا في القضيّة
بعقلٍ واعٍ، ولا تفكّروا في القضية بطريقة ساذجة.
ثمّ يقول الله بعد ذلك: {
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ
النَّارِ...
}[النساء: 145].
أمّا الذين أضلَّهم المنافقون، فأبعدوهم عن الخطّ المستقيم، وتركوهم في خطّ النفاق،
فهؤلاء يفتح الله لهم باب التّوبة فتوبوا إليه، والله يدعوكم إلى الرّجوع إليه
فارجعوا إليه {إِلَّا الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللهِ}
بعدما كانوا اعتصموا بالشّيطان {وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للهِ}، يعني ليست توبة
باللّسان، بل تابوا وأصلحوا، غيَّروا الطّريق من الفساد إلى الصّلاح، واعتصموا
بالله وتركوا الاعتصام بغيره، {
فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ
اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيم
}[النساء: 146].
على هذا الأساس، لا بدَّ لنا إذا أردنا لقاء الله ونحن مرفوعو الرّؤوس، إذا أردنا
لقاء الله ونحن مطمئنّون، إذا أردنا لقاء الله من خلال رغبتنا في أن يحبّنا الله،
فعلينا أن نرجع إليه، وأن نترك كلّ سبيل النّفاق، وأن نسير مع المؤمنين، لأنَّ مَن
كان المؤمنون أولياءه، فإنَّ الله هو وليّه، ومَن كان الكافرون أولياءه، فإنَّ
الشيطان هو وليّه.
*من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".