اليوم: الأربعاء12 ربيع الأول 1445هـ الموافق: 27 سبتمبر 2023

دور المعاهد والمراكز الاستراتيجيّة الأمريكيّة وتأثيرها

حاوره:محمّد فضل الله - بينات

في مقابلة مع الدّكتور محسن محمد صالح حول:
دور المعاهد والمراكز الاستراتيجيّة الأمريكيّة وتأثيرها

إنّ لمراكز الأبحاث والدّراسات الاستراتيجيّة دوراً فاعلاً ومؤثّراً في صناعة القرار في الولايات المتّحدة على كلّ الصّعد، إضافةً إلى تأثير اللّوبيات، وأبرزها اللّوبي الصّهيوني، وقد تزايد عدد هذه المراكز والمعاهد عبر العالم بالنّظر إلى حجم دورها المؤثّر في رسم سياسات الدّول في كلّ المجالات، فهل تملك الأمّة العربيّة والإسلاميّة مراكز ومعاهد أبحاث تعمل على تطوير سياساتها المختلفة وتفعيل دورها محليّاً وعالميّاً؟

وللإضاءة على كلّ ذلك، كان هذا الحوار مع الدّكتور محسن محمد صالح، مدير مركز الزّيتونة للدّراسات والاستشارات:

مراكز صناعة القرار الأمريكيّ

س: إنّ مثل هذه المراكز والمعاهد ترتدي ثوب الحياد الأكاديميّ، كما تُبدي لنا، ولكن، ما الدّور الحقيقيّ الّذي تلعبه هذه المعاهد والمراكز البحثيّة؟!

ج: تلعب مراكز الدراسات الاستراتيجيّة ومراكز التفكير الأمريكيّة دوراً مهماً في صناعة القرار الأمريكيّ على المستويات المختلفة، السياسيّة والاقتصاديّة والأمنيّة والعسكريّة وغيرها. وهناك ما يزيد عن 1,800 مركز في الولايات المتّحدة يرتبط نحو نصفها بالجامعات الأمريكيّة. والكثير منها محترف مهنيّاً وأكاديميّاً، غير أنّ هناك عدداً آخر يخدم أجندات خاصّة بالتيّارات وقوى الضّغط (اللّوبيات) التي ينتمي إليها. وعندما يتعلّق الأمر بالمنطقة العربية والإسلامية، فإن معظمها ـ للأسف ـ يتعاطف مع السياسات الإسرائيلية، ويتأثر باللوبي الصهيوني وأفكاره وآرائه. وتتفاوت هذه المراكز في درجات تأثيرها في صانع القرار الأمريكيّ، بحسب خلفية مؤسسة الرئاسة الديمقراطية أو الجمهورية، والخلفية الدينية والثقافية، والميول الليبرالية أو المحافظة، والاهتمامات السياسية والاقتصادية... وغير ذلك.

دور المراكز في رسم السّياسات

س: إلى أي حدّ تساهم هذه المعاهد والمراكز في رسم السياسة الأمريكيّة، وهل أصبح السياسيّون منفّذين لما ترسمه هذه المعاهد وتنتجه هذه المراكز من رؤى استراتيجيّة؟!

ج: إنّ مراكز الدّراسات الأمريكيّة هي أحد مداخل صناعة القرار في أمريكا، ولكنّها ليست الصّانع الوحيد أو الرّئيس لهذه القرارات؛ فهناك مؤسّسة الرّئاسة بذاتها، وهناك مجلس الأمن القومي، وهناك لوبيات الضغط السياسية والإعلامية والاقتصادية، ومن أبرزها اللّوبي الصهيوني ولوبي الأسلحة ولوبي النّفط...، وهناك المؤسّسة العسكريّة والاستخباراتيّة، فضلاً عن وزارة الخارجيّة وسفاراتها، ومستشاري الرئيس والكونغرس الأمريكي.

وبالطّبع، فالسياسيّون يتأثّرون بما تنتجه هذه المراكز، أو بما يوظّفونه في خدمة رؤاهم وتصوّراتهم.

ضحايا السياسة الأمريكيّة

س: هل يصحّ أن يُقال اليوم إنَّ مجتمعاتنا العربيّة والإسلاميّة ضحيّة لما ترسمه هذه المؤسّسات، وإنّها حقل تجارب لأبحاثها؟

ج: إنَّ مجتمعاتنا العربيّة والإسلاميّة هي بشكلٍ أو بآخر ضحيّة للسياسة الأمريكيّة والغربيّة في المنطقة، والّتي تعدّ مراكز الدّراسات هذه أحد مداخلها.

ظاهرة مراكز الدّراسات

س: هناك في العالم اليوم مئات المراكز والمعاهد الاستراتيجيّة، ما جعل منها ظاهرة عالمية، ما مردّ هذه الظاهرة وانتشارها السّريع؟ وهل هي تابعة للحكومات بشكل مباشر أو غير مباشر؟!

ج: في العالم، حسب معطيات سنة 2011 ، هناك حوالى 6500 مركز دراسات استراتيجيّة وخزّان تفكير Think Tanks؛ نحو 30% منها في أمريكا، وهناك نحو 430 مركزاً في الصّين، و300 مركز في الهند، و290 مركزاً في بريطانيا، ونحو 200 في ألمانيا و180 في فرنسا، وهناك 54 مركزاً في الكيان الصّهيوني، و34 مركزاً في مصر، و32 مركزاً في إيران، و12 مركزاً في لبنان... إلخ.

ومن أسباب انتشار هذه الظّاهرة، تنامي التقدير العالميّ لأهميّة مراكز الدراسات الاستراتيجيّة ودورها في صناعة القرار، وتقديم الإرشادات والاستشارات اللازمة في المجالات المختلفة. والكثير منها يأخذ دعمه من الحكومات ومن المؤسّسات والشخصيات الداعمة للبحث العلمي، لكنّ أعداداً أخرى هي مؤسّسات خاصّة تخدم أغراض منشئيها "النبيلة وغير النبيلة"!! بحسب الجهات الّتي تقف خلفها. وقد يكون بعضها غطاءً لعمل شخصيات متقاعدة في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد والعسكر والإدارة، كما قد يخدم بعضها أغراضاً استخباراتيّة لبعض الدّول، وخصوصاً البلدان الغربيّة.

سبل إنشاء مراكز عربيّة فاعلة

س: كيف السّبيل لإنشاء مراكز استراتيجيّة عربيّة وإسلاميّة فاعلة ومؤثّرة في مواجهة ما تثيره المؤسّسات الأخرى، تعمل للدّفاع عن قضايا الأمّة وحقوقها، وتساهم في عمليّة التّخطيط والتّنمية؟

ج: إنّ إنشاء مراكز استراتيجيّة عربيّة وإسلاميّة فاعلة ومؤثّرة يعتمد أساساً على:

أ. توفير كفاءات متخصّصة ومتميّزة لإدارة هذه المراكز والعمل فيها.

ب. تأمين الدّعم المعنويّ والمادّي اللازم لإنجاح هذه المراكز، وضمان استقلالها عن أيَّة مصادر دعم مشروطة، أو تؤدّي إلى ارتهانها لأعداء الأمّة وخصومها.

ج. ضمان استقلال هذه المراكز، وضمان حريّتها في التّفكير والبحث والاستشارات، بحيث لا تكون مجرّد واجهات للأحزاب أو المموّلين أو لتيّارات محدّدة؛ وبحيث تؤدّي دورها النقديّ والإبداعيّ في أجواء حرَّة لا يقيِّدها سوى ولائها لأمّتها العربيّة والإسلاميّة، واحترامها لمناهج البحث العلميّ وضوابطه.

د. أن يزداد الاهتمام لدى صانع القرار العربيّ والمسلم ـ حكومات وأحزاب وتيّارات وأكاديميّون ومتخصّصون... ـ بهذه المراكز وإنتاجها العلميّ الجادّ، بحيث ينعكس عطاؤها على مختلف مجالات الحياة، وبحيث يعدّها صانع القرار مدخلاً أساسيّاً من مداخل قراره.

هـ. أن تتوزّع هذه المراكز على التخصّصات المختلفة سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً وتعليميّاً وإدارياً...، وأن تعمل بروح التّكامل، وألا تقع في تضييع الجهد والمال على جهود مكرّرة، أو في قضايا غير ذات أولويّة.

إدارة الأزمات

س: تبرز في الغرب تخصّصات جديدة، مثل صناعة الأزمات أو إدارتها. ما حقيقة دور مثل هكذا تخصّصات في عمل مراكز الدّراسات الاستراتيجيّة؟

ج: تخصّص إدارة الأزمات مهمّ، وهو مفيد في إدارة ما تواجهه الدّول والمؤسّسات والتيّارات من مشاكل وتحدّيات، وهو يفيدهم في التكيّف السّريع مع أيّ أزمة جديدة، ومحاولة استيعابها والسّيطرة على مجرياتها، وإنهائها بأقلّ قدرٍ من الخسائر وأعلى قدرٍ من الأرباح. ويجب أن يستفيد العرب والمسلمون من هذا التخصّص، حتّى يتمكّنوا من تجاوز أزماتهم وتحويل التحدّيات إلى فرصٍ يستفاد منها. 

مقابلات أخرى لنفس المحاور

تعليقات القرّاء

ملاحظة: التعليقات المنشورة لا تعبّر عن رأي الموقع وإنّما تعبر عن رأي أصحابها

أكتب تعليقك

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو الأشخاص أو المقدسات. الإبتعاد عن التحريض الطائفي و المذهبي.

  • تحويل هجري / ميلادي
  • المواقيت الشرعية
  • إتجاه القبلة
  • مناسبات
  • إتجاه القبلة
تويتر يحذف حساب عهد التميمي تويتر يحذف حساب عهد التميمي الاحتلال يعتقل 3 فتية من الخليل الشيخ عكرمة صبري: من يفرط في القدس يفرط في مكة والمدينة شيخ الأزهر يؤكد أهمية تدريس القضية الفلسطينية في مقرر دراسي حماس تدين جريمة كنيسة مارمينا في القاهرة الهيئة الإسلامية المسيحية: الاعتداء على كنيسة حلوان إرهاب يجب اجتثاثه الحكم على محمد مرسي بالحبس 3 سنوات بتهمة إهانة القضاء الحكم على محمد مرسي بالحبس 3 سنوات بتهمة إهانة القضاء منظمات أممية تدعو لوقف الحرب في اليمن داعش تتبنى هجوم الأربعاء على متجر بسان بطرسبورغ الميادين: مسيرات حاشدة في مدن إيرانية رفضاً للتدخل الخارجي بالبلاد بنغلاديش تستعد لترحيل 100 ألف لاجئ من الروهينغا إلى ميانمار فى يناير/ كانون الثاني وزير ألماني محلي يدعو للسماح للمدرسات المسلمات بارتداء الحجاب صحيفة أمريكية: الولايات المتحدة تفكر فى قطع مساعدات مالية عن باكستان مقتل 3 عمال في إطلاق نار في ولاية تكساس الأميركية بوتين يوقع قانوناً لإنشاء مختبر وطني لمكافحة المنشطات مسلح يقتل عمدة مدينة بيتاتلان المكسيكية علماء يبتكرون لقاحاً ضد الإدمان على المخدرات منظمة الصحة العالمية: السكري سابع مسببات الوفاة في 2030 دراسة: تلوث الهواء يقتل 4.6 مليون شخص كل عام المشي 3 كيلومترات يومياً يحد من تدهور دماغ كبار السن ضعف العلاقات بين المهاجرين ندوة في بعلبكّ: دور الحوار في بناء المواطنة الفاعلة شهرُ رجبَ شهرُ الرَّحمةِ وذكرِ الله لمقاربةٍ لبنانيَّةٍ وحوارٍ داخليٍّ قبل انتظار مساعدة الآخرين السَّبت أوَّل شهر رجب 1442هـ مناقشة رسالة ماجستير حول ديوان شعريّ للمرجع فضل الله (رض) الحجاب واجبٌ وليس تقليدًا اجتماعيًّا في عصر الإعلام والتّأثير.. مسؤوليَّة تقصّي الحقيقة قصّة النبيّ يونس (ع) المليئة بالعبر المرض بلاءٌ وعذاب أم خيرٌ وثواب؟! فضل الله في درس التفسير الأسبوعي
يسمح إستخدام المواضيع من الموقع شرط ذكر المصدر