الترتيب حسب:
Relevance
Relevance
Date

في ذكرى شهادةِ إمامِ الحقِّ والعدلِ

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الخطبة الدينية

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}. صدق الله العظيم.

في مثل هذا اليوم، في الحادي والعشرين من شهر رمضان، نستعيد الفاجعة الكبرى الَّتي ألمت بالمسلمين، وهم يرون إمامهم مسجياً، وهو الَّذي ملأ حياتهم علماً وعملاً وجهاداً وبذلاً وعطاءً، وكان لهم أباً رحوماً وكهفاً حصيناً، ومن حمل همومهم وآلامهم وآمالهم وتطلّعاتهم، وبقي على ذلك حتى الرَّمق الأخير، لذلك، رغم عمق الجرح الَّذي أصابه بضربة ابن ملجم له، لم يتوقَّف عن إيداعهم وصاياه، ويحثّهم على سؤاله قبل فراقه لهم بقوله: "سلوني قبل أن تفقدوني"، فقد كان لا يريد أن يغادر الحياة إلَّا وقد أدَّى دوره كاملاً فيهم، واطمأنَّ إلى أنهم سيكونون على خير في دنياهم وعلى سلامة من دينهم.

لكنَّ هذا الحزن الذي لفّ الأمّة من أقصاها إلى أقصاها، باستشهاد أمير المؤمنين عليّ (ع)، لم يكن كذلك عنده؛ كان هذا اليوم بالنّسبة إليه يوم سعادة واطمئنان واعتزاز، عبَّر عنه بقوله بعد أن ضربه ابن ملجم على رأسه: "فزت وربِّ الكعبة". قالها وهو يستعرض كلَّ ماضيه، فهو منذ أن فتح عينيه على الحياة، لم يكن في حياته إلَّا الله، كان الله هو هدفه، ولأجله كان سعيه في هذه الحياة، وها هو يغادر الحياة في بيت الله مطمئنّاً إلى أنَّه على سلامة من دينه.

ونحن اليوم، أيُّها الأحبَّة؛ وفي هذه المناسبة الحزينة والأليمة على قلوب المحبّين لعليّ (ع)، سنتوقَّف عند بعض المواقف التي أشارت إلى موقع الله في حياة هذا الإمام، والَّذي عبَّر عنه إنسانيّةً وعدلاً وحرصاً على مصالح الناس ومقدّراتهم وأموالهم.

مواقفُ في الحقِّ والعدلِ

الموقف الأوَّل: بعد تولي عليّ (ع) الخلافة، جاء إليه رهطٌ من شيعته وأنصاره مشفقين على حكمه من معارضيه من رؤساء القبائل والوجهاء وممن لهم مواقع قوَّة، فاقترحوا أن يستثنيهم من مشروعه الإصلاحيّ الّذي سيقوم به وأن يغدق المال عليهم. قالوا له: "يا أمير المؤمنين، لو أخرجت هذه الأموال، ففرَّقتها في هؤلاء الرّؤساء والأشراف، وفضَّلتهم علينا، حتَّى إذا استوثقت الأُمور، عدت إلى أفضل ما عوَّدك الله من القسم بالسويَّة، والعدل في الرعيّة؟"، فقال يومها: "أَتَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ فِيمَنْ وُلِّيتُ عَلَيْه، والله لَا أَطُورُ بِه مَا سَمَرَ سَمِيرٌ، ومَا أَمَّ نَجْمٌ فِي السَّمَاءِ نَجْماً، لَوْ كَانَ الْمَالُ لِي لَسَوَّيْتُ بَيْنَهُمْ، فَكَيْفَ وإِنَّمَا الْمَالُ مَالُ الله!". ثم قال: "والله لو أعطيت الأقاليم السّبعة بما تحت أفلاكها، على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة، ما فعلته".

لقد رفض أن يساوم أو أن يجامل أحداً، مهما كان كبيراً، على حساب الحقّ والعدل ومصالح النّاس، ولو كلَّفه ذلك ما كلَّفه، وقد كلَّف ذلك عليّاً (ع) خسارة الكثير من الَّذين تركوه أو وقفوا في وجهه، حتى قال: "ما ترك لي الحقّ من صديق".

الموقف الثاني حصل مع مالك الأشتر في مرحلة الصّراع مع معاوية، حين قال له: "يا أمير المؤمنين، قلَّ العدد، وأنت تأخذهم بالعدل، فإن تبذل المال، تميل إليك أعناق الرّجال، وتصفو نصيحتهم لك، وتستخلص ودّهم". فقال (ع) له: "أمّا ما ذكرت من عملنا وسيرتنا بالعدل، فإنَّ الله يقول: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}، فأنا من أن أكون مقصِّراً فيما ذكرت (أي في العدل) أخوف، وأمَّا ما ذكرت من أنَّ الحقَّ ثقيل عليهم، ففارقونا لذلك، فقد علم الله (وأنا أحمده) أنّهم لم يُفارقونا من جَوْر، ولا لجأوا إذ فارقونا إلى عَدْل، ولم يلتمسوا إلَّا دنيا زائلة عنهم كأن قد فارقوها؛ وَلَيُسْأَلُنَّ يوم القيامة: أللدّنيا أرادوا أم لله عملوا؟…"، فقال له الأشتر.. والله صدقت يا أمير المؤمنين.

ففي منطق عليّ (ع)، كسب الأصوات لا ينبغي أن يكون على حساب الحقّ والعدل.

الموقف الثَّالث: تذكر السِّيرة أنَّ الإمام كان يوماً في بيت مال المسلمين، عندما جاء إليه طلحة والزّبير يطالبانه بحصّتهما في المناصب، باعتبار أنهما كانا أوَّل من بايعاه على الخلافة، وكان أوّل شيء فعله الإمام (ع) قبل أن يبدأ بالكلام، هو أن أطفأ الشَّمعة التي كان يستعين بها في عمله وأضاء شمعة أخرى، وعندما سألاه، لِمَ ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال إنَّ الشمعة الأولى كانت من بيت مال المسلمين، فأنا لا أقبل أن أستعمل تلك الشَّمعة في سبيل أمر خاصّ جئتما إليه.. فأين شمعة عليّ (ع) في واقعنا؟!

الموقف الرابع: ورد أنّ "قنبر"، وكان عاملاً لعليّ (ع) في بيت مال المسلمين، جاء إليه يوماً وقال له: يا أمير المؤمنين، إنّك رجل لا تطيق شيئاً، وإنَّ لأهل بيتك في هذا المال نصيباً، ولقد خبّأت لك خبيئة، قال: وما هي؟ قال: انطلق، فانظر ما هي؟ قال: فأدخله بيتاً فيه آنية ذهب وفضَّة مطليَّة بالذّهب، وقال له: هذا ادَّخرته لعائلتك من بيت المال، فأنت لك حقّ فيه... فلمَّا رآها عليّ، قال: "ثكلتك أمُّك، لقد أردت أن تدخل بيتي ناراً عظيمة"، ثمّ جعل يزنها ويعطي الناس منها.. هنا نسأل أنفسنا: أين نحن من منطق عليّ (ع)؟!

والموقف الأخير، حيث ورد أنّ علياً (ع) لما ضربه ابن ملجم ضربةً أدّت إلى استشهاده، دعا بني عبد المطلب، أي عائلته، وقال لهم: "يا بني عبد المطلب، لا ألفينَّكم تخوضون دماء المسلمين خوضاً، تقولون قُتِلَ أميرُ المؤمنين، ألا لا يُقتلنَّ بي إلَّا قاتلي، انظروا إذا أنا مِتُّ من ضربتِه هذهِ، فاضربوه ضربةً بضربةٍ، ولا يُمَثَّلْ بالرّجل، فإني سمعتُ رسول الله (ص) يقول: إيّاكم والمثلة ولو بالكلب العقور".

ثم قال لولده الإمام الحسن (ع): "بحقّي عليك، فأطعمه يا بنيّ مما تأكله، واسقه مما تشرب، ولا تقيِّد له قدماً، ولا تغلّ له يداً". أيّ عدل هذا هو هذا العدل، وأيّ خلق هو هذا الخلق؟!

إنسانيّةُ عليٍّ (ع)

أيّها الأحبَّة: هذه المواقف وغيرها الكثير الكثير من المواقف والأقوال، أشارت بكلّ وضوح إلى إنسانيّة عليّ (ع)، وإلى عدله وحرصه على مصالح الناس ومقدّراتهم، وإلى وفائه الأمانة الَّتي ائتمن عليها عندما تصدَّر المسلمين.. سرّ عليّ (ع) في ذلك لم يكن ذاتياً، بل هو تعبير عملي عن الروحية التي أراده الله أن يكون عليها، وهي التي أشار إليها الله سبحانه عندما قال: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}، والذي لأجله كان قادراً على أن يقول بكلّ ثقة: "فزت وربِّ الكعبة"، فقد باع عليّ (ع) نفسه لله وأفناها في سبيله، لم يتحرَّك إلَّا حيث أراده الله أن يتحرَّك، ولم يقف إلَّا عندما أراد الله أن يقف.

لم يفكّر يوماً ما في مصلحة ذاتيّة أو حساب شخصيّ أو عائليّ أو طائفيّ، تجاوز كلَّ الحسابات لحساب الحقّ والعدل، رغم أنه كان قادراً على أن يبلغ ذلك كما قال: "فَوَاللهِ مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً، وَلَا ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً، وَلَا أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً"، "وَلَوْ شِئْتُ لَاهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ إِلَى مُصَفَّى هَذَا الْعَسَلِ، وَلُبَابِ هَذَا الْقَمْحِ، وَنَسَائِجِ هَذَا الْقَزِّ، وَلَكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ".

الإخلاصُ لعليٍّ (ع)

أيّها الأحبّة: لقد كلّفت هذه المبادئ عليّاً وأتعبته، فلأجل ذلك، عانى من الناكثين والقاسطين والمارقين، وكلّ مشكلتهم معه شخَّصها بعبارة واحدة قالها لهم مباشرة: "ليس أمري وأمركم واحداً، إنّي أريدكم لله، وأنتم تريدونني لأنفسكم". وبقي عليّ صلباً ثابتاً، لم يغيِّر ولم يبدِّل ولم يتراجع عن مشروعه الإصلاحيّ في الأمَّة، وأوصى بها من بعده.

لذلك، إنَّ إخلاصنا له لن يكون إلَّا بالإخلاص لكلّ المعاني التي عبَّر عنها في حياته، والتي لأجلها استشهد، أن نخلص للعدل والإصلاح في مواجهة الظّلم والفساد، لا نجامل على حساب الحقّ والعدل فاسداً أو ظالماً أو منحرفاً، مهما كلَّفنا ذلك من أعباء وتضحيات كما كلّفت عليّاً (ع).

وبذلك نكون جديرين بالولاية له والانتماء إليه، كما أرادها هو عندما قال: "ألا وإنَّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه، ألا وإنَّكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفّة وسداد".

فلنعاهده على أن نكون الورعين عن الحرام، والمجتهدين في طاعة الله، والعمل لإعلاء كلمته، لا نتنازل عن ذلك لبلوغ موقع أو كسب أحد أو الحصول على فرصة من فرص الدّنيا، فنكون الواعين في كلّ موقف نقفه وفي كلّ خطوة نخطوها.

رحمك الله يا أبا الحسن؛ كنت أوَّل القوم إسلاماً، وأخلصهم إيماناً، وأشدّهم يقيناً، وأخوفهم لله، وأعظمهم عناءً، وأحوطهم على رسول الله (ص) وآمنهم على أصحابه، وأفضلهم مناقب، وأكرمهم سوابق، وأقربهم من رسول الله (ص)، وأشبههم به هدياً وخلقاً وسمتاً وفعلاً، وأكرمهم عليه، فجزاك الله عن الإسلام وعن رسوله (ص) وعن المسلمين خيراً كثيراً.

الخطبة السياسية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به عليّ (ع) ولده الحسن (ع) قبل أن يغادر هذه الحياة، عندما قال: "أُوصيك يا حسن، وجميع أهل بيتي، وولدي، ومن بلغه كتابي، بتقوى الله ربّكم، ولا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا، فإنّي سمعتُ رسول الله (ص) يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامّة الصّلاة والصّيام".

ثم قال (ع): "الله الله في الأيتام! لا يضيعوا بحضرتكم. الله الله في القرآن! فلا يسبقنّكم إلى العلم به غيركم. الله الله في جيرانكم! فإنّ رسول الله (ص) مازال يوصي بهم حتى ظننّا أنّه سيورّثهم. الله الله في بيت ربّكم! فلا يخلو منكم ما بقيتم.. الله الله في الصَّلاة! إنها عماد دينكم. الله الله في الزّكاة! فإنها تطفئ غضب ربّكم. الله الله في صيام شهر رمضان! فإنَّ صيامه جُنّة من النار. الله الله في الفقراء والمساكين! فشاركوهم في معائشكم. الله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم! قولوا للنّاس حسناً كما أمركم الله، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيُولّي الله أمرَكم شرارَكم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم. عليكم بالتّواصل والتّباذل والتبادر، وإيَّاكم والتَّقاطع والتَّدابر والتفرّق، وتعاونوا على البرّ والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".

هذه هي وصيّة عليّ (ع) فينا، هي زادنا في هذه الحياة، فلنحفظها ولنعمل بها، حتى نثبت حقيقة ولائنا ومحبّتنا لهذا الإمام العظيم، ونكون أقدر على مواجهة التحدّيات.

الواقعُ المأزومُ

والبداية من الأزمة المعيشيّة المستمرّة التي لا يزال اللبنانيون يعانون تداعياتها وآثارها الكارثية على كل الصعد، فيما لا يبدو أن قادم الأيام سيكون أفضل من ماضيها، بل يبشَّر اللبنانيون بأيام أكثر صعوبة وسوداوية.

في هذا الوقت، نرى الطبقة السياسية تنشغل عن كل ما يجري بالسباق الانتخابي الذي تستنفر فيه الغرائز الطائفية والمذهبية والاتهامات المتبادلة أو الخطاب الشعبوي المحمل بالوعود التي لا تستند إلى واقع، والتي سرعان ما ستتبخَّر بعد الانتخابات وحتى قبلها.

ونحن ضمن هذه الأجواء، ندعو مجدَّداً القوى السياسية إلى تحمل مسؤوليتها في هذه المرحلة تجاه مواطنيها. صحيح أنَّ الوقت وقت انتخابات، ولكن هذا لا يعني تجميد الحلول أو ترحيلها، فالمطلوب المزيد من التعاون في ما بين هذه القوى بدل التَّنافر لمعالجة الأزمات الَّتي تثقل حياة المواطنين، إن على صعيد الغذاء والدَّواء والاستشفاء والكهرباء، وغير ذلك، أو بالتَّخفيف من وقعها عليهم.. فالبلد لا ينتظر، والإنسان فيه غير قادر على الاستمرار في تحمّل المعاناة، أو التسكع على الأبواب في الداخل أو الخارج لتأمين أبسط مقوّمات حياته.

إن على كل القوى السياسية أن تدرك أن اللبنانيين لن يعطوا قيادهم وأصواتهم وثقتهم لمن لا يأبه بمآسيهم ومعاناتهم، أو يكتفي لعلاجها بالأعطيات والإعانات والإعاشات أو بالمسكنات، بل من خلال إيجاد حلول للأزمات التي يعانيها البلد ويكتوي بنارها اللبنانيون.

أموالُ المودعين في خطر

وفي هذا المجال، نتوقف عند الصرخة التي أطلقها المودعون الذين باتوا أكثر خوفاً على ودائعهم بعد التسريب الذي حصل عن خطّة التعافي المالي التي أرسلتها الحكومة إلى المجلس النيابيّ، والتي ورد فيها تحميلها المودعين الخسائر المترتبة على الخزينة، والمقدَّرة بستّين مليار دولار.

ونحن في الوقت الذي نؤكّد أننا مع أيّ خطة تساهم في إخراج البلد من أزمته المستمرة، لكن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب المودعين، وهنا ندعو الحكومة إلى إعادة النظر، وعدم إقرار ما كان صادراً عنها في إطار خطتها للتعافي المالي.

كما ندعو الكتل النيابية أن تكون أمينة على من أودعوهم مواقعهم، لعدم تمرير أي قرار يكون على حساب أموال المودعين، ونحن نقف إلى جانب المواقف الداعية إلى إصدار قانون صريح بوجوب إعادتها في فترة زمنية محدَّدة غير طويلة، إذ لا ينبغي، وتحت أيّ ظرف، أن يتحمَّل المودعون خسائر خزينة الدولة، بل أن يتحملها من تسبّبوا في وصول البلد إلى هذا المنحدر.

في الوقت نفسه، ندعو إلى استمرار الضّغط الشعبي السلمي للمودعين، للوقوف في وجه أيّ قانون يكون على حساب جنى الناس وأعمارهم تحت عنوان تنفيذ مطالب صندوق النقد الدولي، فما ضاع حقّ وراءه مطالب.

لضبطِ الوضعِ الأمنيّ

أما على صعيد الوضع الأمني، والذي نخشى أن يزداد سوءاً في ظلّ تفاقم الوضع الاقتصادي الصعب وتزايد وطأته، فإننا نقدر الجهود التي تبذلها القوى الأمنية في ملاحقة كل من يسيء إلى حياة الناس وحريتهم وممتلكاتهم، وهي تقوم بذلك رغم كلّ الظروف العصيبة التي تعانيها، وندعو في هذا المجال كل القوى السياسية الفاعلة على الأرض إلى التعاون معها لتؤدِّي دورها كاملاً، وإزالة العقبات التي قد تمنعها من أن تقوم بهذا الدور.

عملان مدانان

ونتوقف عند الاعتداء الذي مسَّ مشاعر المسلمين جميعاً، بإحراق نسخة من القرآن الكريم في السويد، والذي، مع الأسف، جرى بحماية الشرطة السويدية، بذريعة حرية التعبير عن الرأي، من دون أن يؤخذ في الاعتبار تداعيات ذلك في ضوء ردود الفعل عليه الَّتي حدثت في الماضي، وما قد تؤدي إليه في الحاضر أو المستقبل.

إننا نندِّد بهذا العمل المشين، وندعو الحكومة السويدية إلى تحمل مسؤوليتها لاستصدار قرار حاسم يمنع التعرض للمقدَّسات الدينية، والتي يخشى أن يدخل على خطها من يريد الإساءة إلى أمن هذا البلد والتعايش الموجود فيه.

في الوقت الذي ندعو المسلمين إلى أن يكونوا واعين من ردود فعلهم، فلا تخدم الهدف الذي يسعى إليه من يقوم بهذا الفعل المشين ومن وراءه، وهو إظهار خطر الإسلام ووجود المسلمين في هذا البلد وفي البلدان الأخرى، لتثبيت فكرة عدم إمكان التعايش معهم.

وليس بعيداً من ذلك، الاعتداء الآثم الذي ذهب ضحيته عشرات الضحايا والمصابين، والّذي استهدف المصلين في مزار شريف في شهر رمضان المبارك، إننا في الوقت الذي ندين هذا العمل الإجرامي الذي مسّ بقدسيّة هذا الشهر المبارك وبحرمة بيت من بيوت الله، ندعو إلى تضافر جهود كل المسلمين والعلماء والمرجعيات الدينية للوقوف في وجه استباحة الدماء البريئة وهذا المنطق التكفيري الإرهابي، كما ندعو الحكومة الأفغانيَّة إلى اتخاذ أقصى الإجراءات لمنع ذلك، بعدما تكرر مثل هذا الاعتداء في أوقات سابقة.

بطولةُ الشّعبِ الفلسطينيّ

وأخيراً، إننا نحيّي الوقفة الشجاعة المستمرّة للشعب الفلسطينيّ، وهذه الروح البطولية من المرابطين في المسجد الأقصى والنساء الَّذين يواجهون الآلة الصهيونية بصدورهم، وندعو الشعوب العربية والإسلامية إلى الوقوف مع هذا الشعب، ورفده وإسناده بكلّ إمكانات الصمود، ليبقى المسجد الأقصى أولى قبلة المسلمين، وثالث الحرمين الشريفين، عزيزاً وحراً، وعنواناً للشموخ والإباء، وإدانة لكلّ المطبّعين ودعاة الاستسلام والتخاذل.

مواضيع متعلّقة

تعليقات القرّاء

ملاحظة: التعليقات المنشورة لا تعبّر عن رأي الموقع وإنّما تعبر عن رأي أصحابها

أكتب تعليقك

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو الأشخاص أو المقدسات. الإبتعاد عن التحريض الطائفي و المذهبي.

تويتر يحذف حساب عهد التميمي تويتر يحذف حساب عهد التميمي الاحتلال يعتقل 3 فتية من الخليل الشيخ عكرمة صبري: من يفرط في القدس يفرط في مكة والمدينة شيخ الأزهر يؤكد أهمية تدريس القضية الفلسطينية في مقرر دراسي حماس تدين جريمة كنيسة مارمينا في القاهرة الهيئة الإسلامية المسيحية: الاعتداء على كنيسة حلوان إرهاب يجب اجتثاثه الحكم على محمد مرسي بالحبس 3 سنوات بتهمة إهانة القضاء الحكم على محمد مرسي بالحبس 3 سنوات بتهمة إهانة القضاء منظمات أممية تدعو لوقف الحرب في اليمن داعش تتبنى هجوم الأربعاء على متجر بسان بطرسبورغ الميادين: مسيرات حاشدة في مدن إيرانية رفضاً للتدخل الخارجي بالبلاد بنغلاديش تستعد لترحيل 100 ألف لاجئ من الروهينغا إلى ميانمار فى يناير/ كانون الثاني وزير ألماني محلي يدعو للسماح للمدرسات المسلمات بارتداء الحجاب صحيفة أمريكية: الولايات المتحدة تفكر فى قطع مساعدات مالية عن باكستان مقتل 3 عمال في إطلاق نار في ولاية تكساس الأميركية بوتين يوقع قانوناً لإنشاء مختبر وطني لمكافحة المنشطات مسلح يقتل عمدة مدينة بيتاتلان المكسيكية علماء يبتكرون لقاحاً ضد الإدمان على المخدرات منظمة الصحة العالمية: السكري سابع مسببات الوفاة في 2030 دراسة: تلوث الهواء يقتل 4.6 مليون شخص كل عام المشي 3 كيلومترات يومياً يحد من تدهور دماغ كبار السن ضعف العلاقات بين المهاجرين ندوة في بعلبكّ: دور الحوار في بناء المواطنة الفاعلة شهرُ رجبَ شهرُ الرَّحمةِ وذكرِ الله لمقاربةٍ لبنانيَّةٍ وحوارٍ داخليٍّ قبل انتظار مساعدة الآخرين السَّبت أوَّل شهر رجب 1442هـ مناقشة رسالة ماجستير حول ديوان شعريّ للمرجع فضل الله (رض) الحجاب واجبٌ وليس تقليدًا اجتماعيًّا في عصر الإعلام والتّأثير.. مسؤوليَّة تقصّي الحقيقة قصّة النبيّ يونس (ع) المليئة بالعبر المرض بلاءٌ وعذاب أم خيرٌ وثواب؟! فضل الله في درس التفسير الأسبوعي
يسمح إستخدام المواضيع من الموقع شرط ذكر المصدر