الترتيب حسب:
Relevance
Relevance
Date

ليكنِ استقبالُنا للعامِ الجديدِ بعيداً منْ معصيةِ اللهِ

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الخطبة الدينية

قال الله تعالى سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: }يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ{[آل عمران: 30]. صدق الله العظيم.

ساعات قليلة ونودِّع سنة مضت، ونستقبل سنة جديدة ستضاف إلى سني عمرنا في رحلة الحياة الَّتي نعيشها، وقد جرت العادة أن تكون رأس السنة الميلاديّة مناسبة لإقامة السّهرات والحفلات واللّقاءات الّتي تجري في الأماكن العامَّة والبيوت، وقد لا يكون في ذلك أيّ مانع دينيّ ما دامت هذه اللّقاءات والحفلات والسّهرات تحافظ على الحدود والضَّوابط الشرعيَّة، بل قد يكون الإنسان بحاجة إلى مساحة فرح تعزّز لديه الأمل في كلّ هذا الجوّ القاتم الذي نعيشه على كلّ الصّعد.

توديعُ العامِ

لكن يبقى السؤال: ما هو الرابط بين كلّ الأجواء التي نشهدها في رأس السنة، والّتي تصل إلى حدّ أن يفقد الكثير من الناس توازنهم، وحتى وعيهم إلى مستوى هستيري، بين انتهاء سنة وقدوم سنة جديدة؟!

فمناسبة رأس السّنة، لو أردنا تحليلها، لرأينا أنها لا تنسجم مع كلّ هذا الجوّ الصاخب واللاهي، وحتى مع جوّ الفرح الهادئ، والّذي يأخذ في الاعتبار الجانب الشّرعيّ، لأنها تعني في مضمونها خسارة الإنسان لسنة من عمره، فَقَدَ معها رصيداً من هذا العمر الَّذي منحه الله له، أمّا بالنّسبة إلى المؤمن، فيصبح معها أقرب إلى أن يقف بين يدي ربّه ليواجه مسؤوليّته.

هذه المسؤوليّة التي أشار إليها رسول الله (ص) عندما قال: "لا تَزُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَدَمَا عَبْدٍ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ"، وكلّ هذا لا يدعو إلى الجوّ اللّاهي العابث أو إلى الفرح.

وإذا كان البعض قد يفلسف هذا الجوّ بأنّه يعود إلى الدخول في سنة جديدة، فهذا لا يدعو إلى كلّ ما نشاهده في رأس السنة، لأنّ الإنسان في هذه المناسبة يعيش قدراً من القلق، فهو لا يدري ما الَّذي تخبّئه له السنة القادمة، وهل ستكون سنة خير كما يحبّ، أو أنها ستحمل معها الآلام والمعاناة والمصاعب والمشقّات، الأمر الذي يدعونا إلى التخطيط لسنة قادمة، حتى تكون خالية من كلّ ما قد يخشى منه، وأن يتوجَّه الإنسان إلى ربِّه، حتى يقيه أحزانها وآلامها، وما قد يجري عليه فيها من شرور، وأن تكون خيراً من السنة الفائتة.

المراجعةُ المطلوبةُ

إنّنا انطلاقاً من هذا الوعي لحقيقة نهاية سنة وبداية سنة جديدة، ومن وحي أنّنا لا نريد أن نكون صدى للجوّ الّذي نعيشه في كيفيّة إحياء رأس السنة، والّذي تساهم في تعزيزه وسائل الإعلام والإعلان والشَّركات التجاريّة التي تريدها مناسبةً لتسويق منتجاتها، نريد لمناسبة رأس السّنة أن تكون محطّة من محطّات المراجعة المطلوبة من الإنسان دائماً، والّتي يحتاج إليها حتى يتأكَّد أنه قد أدَّى مسؤوليّاته وسيؤدّيها، وأنه لن يخضع في أيّ مرحلة من مراحل حياته لتسويلات الشيطان، ولا لنفسه الأمَّارة بالسّوء، أو للأجواء السيّئة التي تحيط بها، والتي تدعوه إلى الوقوع في مهاوي الانحراف والرّذيلة، وليتأكَّد أنّ خطواته توصله إلى رضوان الله وجنَّته، وهذه المراجعة هي الّتي حثّنا الله سبحانه عليها عندما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا الله وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[الحشر: 18].

فقد ورد في الحديث: "الْكَيِّسُ - يعني الذي يحسن تدبير أموره ــ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، ثُمَّ تَمَنَّى عَلَى الله".

وهذا ما أشارت إليه الأحاديث الشّريفة، فقد ورد في الحديث عن رسول الله (ص): "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسَبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتجهّزوا للعرض الأكبر".

وفي الحديث عن الإمام زين العابدين (ع): "ابن آدم، إنَّك لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وما كانت المحاسبة من همّك".

وقد ورد عن الإمام الصّادق (ع): "يا بن جندب، حقٌّ على كلِّ مسلمٍ يَعرِفُنا أن يَعرضَ عملَهُ في كلّ يومٍ وليلة على نفسه وفي كلّ وقت، فيكونَ محاسبَ نفسِه، فإنْ رأى حسنةً استزادَ منها، وإن رأى سيّئةً استغفرَ منها، لئلّا يخزى يوم القيامة".

وقد بيَّنت الأحاديث كيفيَّة هذا الحساب، فقد ورد في الحديث عن أمير المؤمنين (ع): "جاهد نفسك وحاسبها محاسبة الشَّريك شريكه، وطالبها بحقوق الله مطالبة الخصم".

وفي حديث آخر عنه (ع)، أنّه كان في كلّ مساء يجلس مع نفسه ليقول لها: "يا نفس، وما الَّذي عملت فيه؛ أذكرت الله أم حمدتيه، أقضيت حقَّ أخٍ مؤمنٍ؟ أنفَّست عنه كربته؟ أحفظته في ظهر الغيب؟ أحفظتيه بعد الموت في مخلّفيه، أكففت عن غيبة أخٍ مؤمنٍ بفضل جاهك، أأعنْتِ مسلماً؟ ما الّذي صنعت فيه؟ فيذكر ما كان منه، فإن ذكر أنَّه جرى منه خير، حمد الله عزَّ وجلَّ وكبَّره على توفيقه، وإن ذكر معصيةً أو تقصيراً، استغفر الله وعزم على ترك معاودته".

استقبالُ العامِ بالصَّلاةِ

ومن هنا أيُّها الأحبَّة، نحن مدعوّون في هذه اللَّيلة إلى أن نتفرَّغ فيها بعيداً من كلّ هذا الضّجيج الّذي حولنا، لنجلس مع أنفسنا جلسة حساب عمَّا مضى، وتخطيط لما بقي، ولنا في ذلك أسوة برسول الله (ص)، حيث ورد أنَّ رسول الله (ص) كان يقف في هذه اللّيلة ليصلّي ركعتين، ويقول كما جاء في الحديث: "ما عملت في هذه السَّنة من عمل نهيتني عنه ولم ترضه، ونسيتُه ولم تنسه، ودعوتني إلى التَّوبة بعد اجترائي عليك، اللّهمّ فإنّي أستغفرك منه فاغفر لي، وما عملت من عمل يقرّبني إليك فاقبله منّي، ولا تقطع رجائي منك يا كريم".

وعندما تبدأ السَّنة الجديدة، كان (ص) يصلِّي أيضاً ركعتين، ثم يقول: "اللّهمَّ أنت الإله القديم، وهذه سنة جديدة، فأسألك فيها العصمة من الشَّيطان، والقوَّة على هذه النَّفس الأمَّارة بالسوء، والاشتغال بما يقرّبني إليك، يا كريم، يا ذا الجلال والإكرام.. الله لا إله إلا هو، عليه توكَّلت، وهو ربّ العرش العظيم، آمنا به، كلٌّ من عند ربّنا، وما يذكر إلّا أولو الألباب، ربَّنا لا تزغ قلوبنا وهب لنا من لدنك رحمةً إنَّك أنت الوهَّاب".

فرحُ المسؤوليّةِ

إنَّ من حقِّنا أن نفرح في بداية السنة ونحن ندعو إليه، ولكن فرحنا لا ينبغي أن يكون إلَّا بعد أن نضمن أننا قد طوينا صفحة الماضي على خير، وأننا سنكون أكثر إحساساً بالمسؤوليّة في مستقبل أيامنا، وهذا هو الفرح الحقيقيّ، فرح الواعين الّذين يعون حقيقة الفرح وعمقه، وهم الَّذين أشار الله سبحانه إليهم عندما قال: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس: 58].

وهو الفرح الذي تحدّث عنه أمير المؤمنين (ع) لابن عمّه ابن عباس، عندما قال له: "فَلَا يَكُنْ أَفْضَلَ مَا نِلْتَ فِي نَفْسِكَ مِنْ دُنْيَاكَ بُلُوغُ لَذَّةٍ أَوْ شِفَاءُ غَيْظٍ، وَلَكِنْ إِطْفَاءُ بَاطِلٍ أَوْ إِحْيَاءُ حَقٍّ، وَلْيَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا قَدَّمْتَ وَأَسَفُكَ عَلَى مَا خَلَّفْتَ".

فلا فرح في حياتنا وبعده النّار، وقد ورد في الحديث: "مَا خَيْرٌ بِخَيْرٍ بَعْدَهُ النَّارُ، وَمَا شَرٌّ بِشَرٍّ بَعْدَهُ الْجَنَّةُ".

إنَّ من أسوأ ما قد يحصل للإنسان، أن يبدأ سنةً هو أحوج ما يكون فيها إلى الله سبحانه الَّذي بيده أمر الحياة، وهو الممسك بكلِّ مفاصلها وكلِّ ما يجري فيها، أن يبدأها بمعصية الله، أو أن لا يذكر الله فيها ولا يتوجَّه فيها إليه، ليقيه من شرورها وآلامها وحزنها، وليعينه على القيام بمسؤوليّاتها.

لذلك، نسأل الله أن نعي موقفنا في هذا اليوم، وفي هذه السّنة، فرحين بطاعة الله ورضوانه، بعيدين من معصيته وما لا يرضيه.

الخطبة السياسية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما قاله رسول الله (ص): "يُفتَحُ لِلعَبدِ يَومَ القِيامَةِ عَلى كُلِّ يَومٍ من أيّامِ عُمُرِهِ أربَعٌ وعِشرونَ خِزانَةً عَدَدَ ساعاتِ اللَّيلِ والنَّهارِ؛ فَخِزانَةٌ يَجِدُها مَملُوءَةً نوراً وسُروراً، فَيَنالُهُ عِندَ مُشاهَدَتِها مِنَ الفَرَحِ وَالسُّرورِ ما لَو وُزِّعَ عَلى أهلِ النّارِ لأَدهَشَهُم عَنِ الإِحساسِ بِأَلَمِ النّارِ، وهِيَ السّاعَةُ الَّتي أطاعَ فيها رَبَّهُ، ثُمَّ يُفتَحُ لَهُ خِزانَةٌ أُخرى فَيَراها مُظلِمَةً مُنتِنَةً مُفزِعَةً، فَيَنالُهُ مِنها عِندَ مُشاهَدَتِها مِنَ الفَزَعِ والجَزَعِ ما لَو قُسِمَ عَلى أهلِ الجَنَّةِ لَنُغِّصَ عَلَيهِم نَعيمُها، وهِيَ السّاعَةُ الَّتي عَصى فيها رَبَّهُ، ثُمَّ يُفتَحُ لَهُ خِزانَةٌ أُخرى فَيَراها خالِيَةً لَيسَ فيها ما يَسُرُّهُ ولا ما يَسوؤُهُ، وهِيَ السّاعَةُ الَّتي نامَ فيها أوِ اشتَغَلَ فيها بِشَيءٍ مِن مُباحاتِ الدُّنيا، فَيَنالُهُ مِنَ الغَبنِ وَالأَسَفِ عَلى فَواتِها، حَيثُ كانَ مُتَمَكِّناً مِن أن يَملأَها حَسناتٍ ما لا يوصَفُ، ومِن هذا قَولُهُ تَعالى: {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ}"..

الحياة، أيُّها الأحبَّة، فرصتنا، فلنملأها بما يرضي الله، حتى تكون كلّ خزائننا مملوءةً نوراً وسروراً، وبذلك نكون أكثر وعياً ومسؤوليّةً وقدرةً على مواجهة التحديات.

العامُ الأسوأُ للّبنانيّين

نودّع اليوم سنة كانت من أسوأ السنوات التي مرَّت على اللّبنانيّين، وقد صنِّفت بالأسوأ في العالم، فقد شهد اللّبنانيون في خلالها طوابير الذّلّ أمام محطات المحروقات، حيث كان عليهم أن يقضوا الساعات الطوال لتعبئة خزّانات سياراتهم من الوقود، وهي لم تنته إلَّا عندما تم رفع الدّعم عنها، والذي تسبب في ارتفاع سعرها، وعانوا الارتفاع غير المسبوق في سعر صرف الدولار، ما أدَّى إلى ارتفاع أسعار السِّلع والموادّ الغذائية عشرات الأضعاف، ووصل الأمر إلى الدَّواء وكلفة الاستشفاء والنقل والتّدفئة واشتراك الكهرباء، فيما تدنَّت قيمة الرَّواتب التي يقبضها معظم اللّبنانيّين بالعملة الوطنيّة، ولم تعد قادرة على أن تلبّي أدنى حاجاتهم، ما جعل الغالبيّة العظمى من اللّبنانيّين تقع تحت خطّ الفقر، فيما بقيت محاولات الإنقاذ من جانب الدَّولة والمصرف المركزي قاصرةً، وليست بذات جدوى، وهي أقرب إلى المسكِّنات.

وقد جاء ذلك في ظلّ تأزّم بين أركان الدّولة، أدّى إلى شلل على صعيد مجلس الوزراء، في حين كان المطلوب أن تتضافر جهود القوى السياسيّة من أجل إنقاذ البلد ومعالجة أزماته، والتخفيف من وقعها على اللّبنانيّين، وكان من الطبيعي أن ينعكس ذلك التأزّم على كلّ مفاصل الدّولة ومؤسَّساتها، وقد يصيب الاستحقاقات القادمة التي تنتظر الوطن.

العامُ الجديدُ.. هل من أملٍ؟!

إنَّنا نأمل أن يحمل العام الجديد الأمل للّبنانيّين بالخروج من كلّ هذا الوضع الصَّعب، ولكن هذا لن يحصل إن لم تقم القوى السياسية بمراجعة أسلوب أدائها السياسي، وإن لم تخرج من حساباتها الخاصة والفئوية، وترَ أنَّ الطريق الأسلم لإنقاذ البلد لا يبنى بالاستئثار أو بغلبة طائفة على طائفة، أو مذهب على مذهب، أو فريق على فريق، بل يتمّ بالتوافق على مشروع وطني واحد يتلاقى عليه الجميع ويعملون له، بدلاً من أن يكون لكلّ طائفة مشروعها الخاصّ.

ومن هنا، فإننا نقف مع أيّ دعوة إلى الحوار تؤدّي إلى الوصول إلى هذا المشروع، بصرف النظر عمَّن يدعو إليها أو ما هي خلفياته، وتعالج من خلاله الهواجس المختلفة للطوائف والمذاهب، شرط أن يكون جدّياً وموضوعياً، ولا يقف به كلٌّ على قراره أو رأيه، بل من خلال تنازلات متبادلة نريدها دائماً لمصلحة الوطن، ووضعه على سكَّة الإصلاح والتعافي.

إننا نرى أنَّ هذا هو السبيل للخروج بالبلد من النفق المظلم الَّذي دخل فيه وتحريك عجلة المؤسَّسات، حيث لا يمكن أن يتمَّ ذلك باستمرار التّنافر بين القوى السياسيّة والمماحكات الّتي تجري بينها، والّتي تنعكس على كلّ مؤسّسات الدولة.. وإذا كان البعض من الداخل والخارج يرى أنَّ البديل من ذلك هو الانتخابات، فعلى الرّغم من أننا نراها ضروريّة لتجديد الحياة السياسيّة، ولمحاسبة من أساؤوا إلى اللّبنانيّين وإلى مقدّراتهم، إلّا أننا لا نرى أنها ستأتي بالحلّ إن استمرّ الجوّ المتوتر والاحتقان الذي نشهده، والذي سيزداد حدّة مع الانتخابات، حيث سيكون العامل الأساس فيها لكسب المزيد من الأصوات، استثارة الغرائز الطائفية والمذهبية، لا المشاريع والخطط التي تخرج البلد من الانهيار وتعيده إلى العافية.. وما قد يزيد الأمور تعقيداً، هو رهانات العديد من القوى الدوليّة على التّغيير من خلال صناديق الاقتراع، وهي، بالطبع، تريد ذلك لحسابها، ما يفضي إلى جعل البلد مسرحاً للصّراع في ما بينها ويزيد الانقسام فيه.

الحوارُ.. والتئامُ الحكومةِ

ومن هنا، فإننا نأمل أن تلقى دعوات الحوار صدى إيجابيّاً في هذا البلد، بعد أن تعطَّلت كلّ البدائل الأخرى، وبعدما لم تعد المؤسَّسات قادرة على أن تؤدّي هذا الدّور.. وإلى أن يتحقَّق ما نصبو إليه وندعو، فإننا نجدِّد دعوتنا للعمل الجادّ من أجل الإسراع بإزالة كلّ العوائق التي تقف أمام عودة الحكومة إلى الالتئام، حيث لا بديل منها لمعالجة الأزمات الاجتماعية والمعيشية والصحية والأمنية، والتي تزداد يوماً بعد يوم، والتي يبشِّر اللبنانيون بها في قادم الأيام، ولن يكون البديل منها الجهود الفردية للوزراء، أو القرارات التي يتخذها مجلس الدفاع الأعلى على أهميتها.

في الوقت نفسه، نعيد دعوة وزارة الاقتصاد والبلديات إلى تعزيز الرقابة على الأسعار، وعلى نوعيّة الموادّ الغذائيّة والسّلع والدّواء الّذي يطرح في السّوق، والذي أصبح خاضعاً لاستغلال التجَّار وجشعهم، حرصاً على قدرات المواطنين الشرائيّة وسلامة غذائهم ودوائهم.

أهميّةُ التقيُّدِ بالإجراءاتِ

وفي مجال آخر، فإنّنا أمام الارتفاع الخطير في أعداد المصابين بالكورونا، والمرشَّح للازدياد، نجدِّد دعوتنا إلى اللّبنانيّين بالتقيد التامّ بالإجراءات الوقائية والصحية، حتى لا يدخل البلد في مرحلة هو غير قادر على تحمّل تبعاتها، لعدم قدرة المستشفيات والمواطنين والدّولة على تحمّل أعبائها، في ظلّ الواقع الصعب الذي يعانونه.. في الوقت نفسه، ندعو الدولة إلى عدم التهاون في الإجراءات التي اتخذتها، وأن لا تدخل في ذلك حسابات تمنع تنفيذ هذه الإجراءات.

الوضعُ العراقيُّ

ونبقى على صعيد العراق، فإننا نأمل بعد طيّ صفحة الانتخابات، أن يتمّ التوافق بين المكوِّنات السياسية العراقية على حكومة تضمّ كلّ أطراف الطيف العراقيّ، لمعالجة الأزمات التي يعانيها الشعب العراقي، ومواجهة التحدّيات من الداخل والخارج، وهي كثيرة.

بعيدًا من الرّصاصِ والمفرقعاتِ

وأخيراً، ونحن نستقبل سنة ميلاديّة جديدة، ندعو الله أن تكون هذه السّنة سنة خير ويمن وبركة، تحمل إلينا تباشير الأمل بالصحّة والأمن والسّلام الَّذي يحتاجه اللّبنانيون والعالم.

وللتّذكير، فإنّنا نريد لليلة رأس السّنة أن تكون ليلة خالية من المفرقعات والرّصاص، ليلة هادئة تسمح بالتَّفكير والتأمّل، في وقتٍ نحن أحوج ما نكون إلى التَّفكير والتأمّل والدّراسة والتَّخطيط لمستقبلنا، وكلّ عام وأنتم بخير.

مواضيع متعلّقة

تعليقات القرّاء

ملاحظة: التعليقات المنشورة لا تعبّر عن رأي الموقع وإنّما تعبر عن رأي أصحابها

أكتب تعليقك

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو الأشخاص أو المقدسات. الإبتعاد عن التحريض الطائفي و المذهبي.

تويتر يحذف حساب عهد التميمي تويتر يحذف حساب عهد التميمي الاحتلال يعتقل 3 فتية من الخليل الشيخ عكرمة صبري: من يفرط في القدس يفرط في مكة والمدينة شيخ الأزهر يؤكد أهمية تدريس القضية الفلسطينية في مقرر دراسي حماس تدين جريمة كنيسة مارمينا في القاهرة الهيئة الإسلامية المسيحية: الاعتداء على كنيسة حلوان إرهاب يجب اجتثاثه الحكم على محمد مرسي بالحبس 3 سنوات بتهمة إهانة القضاء الحكم على محمد مرسي بالحبس 3 سنوات بتهمة إهانة القضاء منظمات أممية تدعو لوقف الحرب في اليمن داعش تتبنى هجوم الأربعاء على متجر بسان بطرسبورغ الميادين: مسيرات حاشدة في مدن إيرانية رفضاً للتدخل الخارجي بالبلاد بنغلاديش تستعد لترحيل 100 ألف لاجئ من الروهينغا إلى ميانمار فى يناير/ كانون الثاني وزير ألماني محلي يدعو للسماح للمدرسات المسلمات بارتداء الحجاب صحيفة أمريكية: الولايات المتحدة تفكر فى قطع مساعدات مالية عن باكستان مقتل 3 عمال في إطلاق نار في ولاية تكساس الأميركية بوتين يوقع قانوناً لإنشاء مختبر وطني لمكافحة المنشطات مسلح يقتل عمدة مدينة بيتاتلان المكسيكية علماء يبتكرون لقاحاً ضد الإدمان على المخدرات منظمة الصحة العالمية: السكري سابع مسببات الوفاة في 2030 دراسة: تلوث الهواء يقتل 4.6 مليون شخص كل عام المشي 3 كيلومترات يومياً يحد من تدهور دماغ كبار السن ضعف العلاقات بين المهاجرين ندوة في بعلبكّ: دور الحوار في بناء المواطنة الفاعلة شهرُ رجبَ شهرُ الرَّحمةِ وذكرِ الله لمقاربةٍ لبنانيَّةٍ وحوارٍ داخليٍّ قبل انتظار مساعدة الآخرين السَّبت أوَّل شهر رجب 1442هـ مناقشة رسالة ماجستير حول ديوان شعريّ للمرجع فضل الله (رض) الحجاب واجبٌ وليس تقليدًا اجتماعيًّا في عصر الإعلام والتّأثير.. مسؤوليَّة تقصّي الحقيقة قصّة النبيّ يونس (ع) المليئة بالعبر المرض بلاءٌ وعذاب أم خيرٌ وثواب؟! فضل الله في درس التفسير الأسبوعي
يسمح إستخدام المواضيع من الموقع شرط ذكر المصدر