تحقيق..
ضعف الإرادة والتّفكير السَّلبي سببان قد يقفان سدّاً منيعاً في طريق التقدّم في الحياة بكلّ تفاصيلها، وهو ما تسعى دائماً نجود أحمد إلى الابتعاد عنه، من خلال قراءتها الدّائمة في مجال شحن الطّاقة الإيجابيّة والتّفكير الإيجابيّ، الّذي يبعدها عن الإحباط وضعف الإرادة.
وتفسّر أحمد ذلك من خلال ما مرّت به خلال دراستها الثانويّة، فلم تكن تؤمن بقدراتها ونجاحها على الرّغم من مثابرتها، فكانت دائماً ما تقف لأيّام دون دراسة، بسبب تفكيرها السّلبي وضعفها الّذي يهاجمها بين الحين والآخر، إلا أنّ وجود من حولها من أشخاص إيجابيِّين، كوالدتها، جعلها تعود إلى النّشاط من جديد، إلى أن تخطَّت تلك المرحلة، وها هي الآن تدرس ما ترغب فيه في الجامعة.
وتعتبر العديد من الدّراسات في هذا الشّأن، أنَّ "التفكير السّلبي من العقبات الّتي تعيق الإنسان عن البناء والتّقدّم، وهو نوع من الإيحاء الذاتي يقوم به الإنسان حيال نفسه، حيث يهمس لها ويؤكّد أنه عاجز أو فاشل أو غير محبوب، وغيرها من القائمة التي لا تنتهي من الأفكار والمشاعر السلبيّة".
كما بيَّنت دراسة أجريت في جامعة أوكسفورد البريطانيَّة، أنَّ الرّياضة والتفكير الإيجابيّ يساعدان في التغلّب على التّعب المزمن، ووجدت الدّراسة الّتي تابعت حالات المئات من الأشخاص الّذين يعانون التّعب المزمن منذ سنتين، أنَّ هؤلاء الَّذين تمّ تحفيزهم على العمل بنشاطٍ أكثر وتغيير طريقة تفكيرهم، كانوا أقلّ تعباً، وأكثر قدرةً على التّعامل مع مشكلاتهم اليوميَّة بطريقة أيسر.
وعلى الرّغم من نجاحها في حياتها العائليَّة والعمليَّة، إلا أنَّ لينا رؤوف، وهي ربّة منزل، لا تنفي أنها مرّت في حياتها بالكثير من المواقف التي جعلتها تشعر بالإحباط، وكانت تشعر آنذاك بعدم قدرتها على التّعامل مع الظّروف المحيطة، وتعتقد أنَّ أيّ إنسانٍ معرّض لحصول تلك المواقف معه، إلا أنها تختلف في نتائجها بحسب طبيعة الشَّخص وقدرته على التّكيّف وتخطّي الصِّعاب.
ومن المواقف التي تستذكرها رؤوف في هذه النّاحية، عدم قبولها في التخصّص الجامعي الّذي ترغب في دراسته، بسبب سوء الاختيار، ما جعلها تتوقَّف عن دراستها الجامعيّة بعد ذلك لمدّة فصل كامل، إلى أن رأت زميلاتها يتوجَّهن إلى الجامعة بكلّ رضا. وبسبب عدم قبول أهلها بموقفها السّلبيّ، أرادت أن تثبت لنفسها العكس، وأكملت دراستها، وتقول: "تخرَّجت ووجدت وظيفة تلائمني، وأريد لأطفالي الآن أن يفكّروا بايجابيّة طوال الوقت".
ويجمع خبراء علم النّفس على أنَّ الإنسان في الحياة معرَّض لضعف الإرادة والتّفكير السّلبيّ بسبب ظروف الحياة المتقلّبة، بيد أنَّ الثّقة بالنَّفس والإرادة القويّة، هما السّلاح لتخطّي عقبات الحياة.
ويعتقد اختصاصي علم الاجتماع الدكتور سري ناصر، أنّ الحالة العامة للمجتمع قد تنعكس بالفعل على طبيعة تفكير الأشخاص وإرادتهم وتفكيرهم، سواء بشكل سلبيّ أو إيجابيّ.
يؤكّد ناصر أنّه كلّما زاد عدد السّكّان، زادت المشاكل المختلفة باختلاف أطيافهم، وهذا يخلق نوعاً من التّخوّف لدى النَّاس الّذين يعانون ظروفاً معيشيَّة صعبة وغير ملائمة، وهذا سبب كافٍ لإيجاد مساحة للسّلبيَّة في بعض التّفكير والعلاقات الاجتماعيّة.
وتعليق..
إنَّ على الإنسان أن يكون صاحب عزيمة وإرادة وتفكير إيجابيّ، فبذلك يستطيع أن يكمل طريق الحياة، وأن يتخطَّى العقبات الّتي تواجهه وينتصر عليها، متسلّحاً بالأمل والتوكّل على الله تعالى.
وفي هذا السِّياق، يقول سماحة المرجع السيِّد فضل الله(رض): "على الإنسان ألا يستسلم لحالة اليأس عندما تحتلّ داخله، ويحاول في سبيل الوصول إلى مواقع الأمل، الانطلاق في حالةٍ تجريديّةٍ، بل ينبغي له أن يتحرّك على الأرض، ويحرّك الإمكانات المتوفّرة لديه، ليصل إلى الأمل الكبير من خلال الحركة المتّصلة بالحياة المتحركة من حوله. وبذلك، يتخلَّص الإنسان من عوامل اليأس النفسيّة بخطوات العمل الواقعيّة، لتنعكس المسألة عنده، فإذا كان التصوّر الأسود يجمِّد أمام الإنسان حركة الحياة، فإنَّ الحركة تحوّل الحالة النفسيّة المظلمة إلى حالة مشرقة، من خلال المقولة التي تجعل التّجربة في خدمة الفكرة، بدلاً من أن تكون الفكرة حاجزاً أمام التجربة".[تفسير من وحي القرآن، ج 12، ص 256].
المصدر: جريدة الغد الأردنيّة، بتصرّف وتعليق من موقع بيّنات
*إنَّ الآراء الواردة في هذا التَّحقيق، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.