افتتح المعهد الشرعي الإسلامي ومعهد "اقرأ" دورة الخطابة الحسينيّة، برعاية
العلامة السيد علي فضل الله، وذلك في قاعة الشيخ محمود هيدوس، بحضور عدد من العلماء
وحشد من طلاب المعهد.
وألقى العلامة فضل الله كلمةً جاء فيها: "نلتقي بالقيمة التي نتطلَّع إليها دائماً
ونحن نخطو خطواتنا إلى الله، حتى نقوم بمسؤوليّتنا الرساليّة في مواجهة التحديات
التي تواجه الإسلام بفكره ومفاهيمه وحركته"، مشيراً إلى أهمية الدور الذي ينبغي أن
نقوم به لمواجهة التحديات المتنوّعة، وخصوصاً التحديات الفكرية.
ولفت سماحته إلى أنّنا نعاني ضعفاً على مستوى الإرشاد والتبليغ والمبادرات الثقافية،
داعياً إلى إعادة النظر في الأسلوب والوسائل التي نستخدمها في توجيه الناس وإرشادهم
إلى أهمية بناء الشخصية الرسالية.
وأشار سماحته إلى أنّه من وحي مناسبة ولادة الرسول(ص)، لا بدَّ من التأكيد أنَّ من
يعمل في مجال التبليغ، ليس حراً في أن يكون انفعالياً أو ارتجالياً أو خاضعاً
لمزاجه، بل أن تكون كلّ خطواته مدروسة، وأن يقدّم نموذجاً وقدوةً في عمله الرسالي،
فواقعنا بحاجة إلى هذه النماذج، ولا سيّما أننا غرقنا في الشكليات الطقوسية على
حساب المضمون الرسالي والأخلاقي، معتبراً أنّ مهمّتنا ودورنا أن نعيد لهذا الدّين
الصفاء والإشراق والطهارة والأصالة.
وتطرّق سماحته إلى مشكلة نعانيها، وهي هذا الضخّ الإعلاميّ في تناقلنا للأحاديث
والسير والروايات الإسلامية، والاستسلام لها من دون أيّ تدقيق أو تنقية، ومن دون أن
نتأكَّد من صدق مصدرها أو انسجامها مع النص القرآني.
وأكّد ضرورة القيام بما يشبه الثورة الثقافيّة التي تعيد إنتاج فكرنا الإسلاميّ على
أسس سليمة، وبعيدة عن كلّ الخرافات والغلوّ الذي أصبح يحمل عناوين مقدَّسة لدى
البعض، مع أنّه لا يملك أصلاً في الدين والشّريعة.
وشدَّد سماحته على التمسّك بأصالتنا الدينيّة والفكريّة، من دون أن نكون صدى للتراث،
أو أن نقع في فخّ الانبهار والاستسلام لكلّ ما تقدّمه الحداثة. وأضاف: "إنَّنا نريد
بناء الخطيب الحسيني المثقّف الواعي الناقد، الذي لا يفكّر فقط في استثارة عواطف
الناس ودموعهم، بل يعمل أولاً على أن يستثير فكرهم ووعيهم ومنطقهم وتطلّعاتهم".
وتابع: "في ذكرى رسول الله، نلتقي هنا لنطلق هذه الدّورة، آملين أن يكون هذا المعهد
موقعاً أساسياً من مواقع العمل الرسالي، ومنبراً للإسلام الصافي والنقي الذي يقدّم
الصورة الحقيقة والصحيحة لهذا الدين".
وفي الختام، تحدَّث سماحته عن فنّ الخطابة، مؤكّداً أهميتها، لأنّ الأمّة تتربّى
على يد الخطباء والواعظين، ما يطلب منا أن نحسن تأهيلهم ثقافياً وتربوياً وأخلاقياً
وفنياً، ليقوموا بدورهم على أحسن وجه.