نظمت "رابطة النشاط الإنمائي"، بالاشتراك مع "منتدى التنمية والثقافة والحوار"، وبالتعاون مع اتحاد بلديات بعلبك، لقاءً حواريّاً في قاعة الاتحاد في مدينة بعلبك، تحت عنوان: "دور الحوار في بناء المواطنة الفاعلة"، في حضور النائب غازي زعيتر، ورؤساء بلديات ومخاتير ورجال دين وفاعليات ثقافية واجتماعيّة.
صلح
استهلّ اللقاء، بكلمة للدكتور ناصر صلح، الذي شدّد على "أهمية الحوار والتواصل بين الناس جماعات وأفراداً، لتقريب وجهات النظر، والتخفيف من النزاعات في المجتمع، ولتعزيز السّلم الأهلي وقبول الاختلاف".
الطفيلي
وألقى المهندس ناصر الطفيلي كلمة الرّابطة، معتبراً أن "مثل هذه اللقاءات، والحوار البنّاء، يغنيان المجتمع اللبناني، ويمتّن الوحدة بين أبناء الوطن، وينشر المحبة ويعزّز التلاقي حول القضايا العامة، ويغني في لبنان ثقافة الحوار وتنمية الفكر الإنساني".
الهاشم
ورأى مدير فرع الجامعة الأنطونيّة في أبلح، الأب ريمون الهاشم، أنه "إن كان الدين في التصور الماركسي الضيّق، هو أفيون الشعوب، فالخطاب الديني هو، حكماً، الأداة التي يشحن بها هذا المخدّر في عقول المؤمنين وشرايينهم، الذين ائتمنوا المسؤولين الروحيّين على حياتهم الزمنية، كما الأبدية".
وقال: "نحن طبعاً لا ندين بالعقيدة الماركسية، ولا بمبادئها، ولا بتقييدها لدور الدين وحصره بألقاب لا تليق به، إنما نحن نعي طبعاً، أنّ التخوّف من الدين كمادة سلبيّة، يعود إلى حقبات عدة من تاريخ البشرية، وحتى يومنا هذا، جاء فيها الخطاب الدّيني بمثابة قنبلة موقوتة، انفجارها ولّد دماراً لا حساب لحجمه".
أضاف: "الخطاب الديني هو سيف ذو حدّين، حدّ يبني ويحرّر ويوحّد ويؤسّس للعدالة السماوية على الأرض، وحدّ يهدم ويأسر ويشرذم ويؤسّس لشريعة الغاب".
وختم مؤكّداً أنّ "قوام الخطاب الديني النّاجح، هو تقبل الآخر، وتنظيم علاقة المؤمن بأخيه الإنسان".
فضل الله
بدوره، اعتبر السيّد جعفر فضل الله، أن "موضوع الدين والتدين وعلاقته بالمواطنة، أمر يشغل بال المفكرين، في مجال الاجتماع السياسي، وهو في الوقت عينه، خاضع للكثير من الالتباسات، عندما نريد أن نفكر عملياً في صوغ الحلول لمشاكلنا، التي لانزال نعيش فيها القلق وعدم الاستقرار في أنظمتنا السياسيّة".
وقال: "الدين هو الطريقة والمنهج والمفردات التي تضبط علاقة الإنسان مع ربّه ومع الناس والحياة، والدين في بعده الفكري الاعتقادي، ليس وحياً فردانياً لكلّ شخص منا، بل هو تعاليم تم إبلاغها لأنبياء أوصلوها إلى البشر؛ وهنا دخل استكشاف الدين في ظروف البشر، بحيث تؤثر فيه كلّ العوامل المؤثرة في تشكّل المعرفة؛ لنخلص في نهاية المطاف إلى أنّ الدين هو ما تمثله اعتقادات المتدينين وقناعاتهم، بتصوّرات أفكارهم عن العالم والوجود، وما يريده الله تعالى منهم، استناداً إلى أدبيات الدين واجتهادهم في فهمها".
أضاف: "أما المواطنة، فهي الصيغة المرتبطة بالعيش في مجال جغرافي محدَّد يسمى وطناً، يعيش فيه مجموعة من الناس يشكّلون مواطنين، وهي خاضعة لرؤية وجوديّة، تنبثق منها مجموعة من البناءات النظرية تشكّل الدستور، وتالياً القوانين، التي تضمن تحقيقها في حياة الناس".
ياغي
وتناول الباحث أكرم ياغي دور العمل الحزبي في لبنان، فقال: "الحياة الحزبيّة في لبنان مرت بثلاث مراحل: الأولى بدأت سنة 1920، وهدفها تحقيق الاستقلال، والمرحلة الثانية بعد الاستقلال، حيث تطوّرت الحياة الحزبية، أما المرحلة الثالثة، فتمتدّ منذ العام 1990، وهي مرحلة تراجع الحياة الحزبيّة، عندما تحوّلت الأحزاب إلى أحزاب دينيّة وشخصانيّة، فيها صعوبة بالنقاش السياسي، بسبب تمسّك الحزبيّين بمواقفهم دون قبول الرأي الآخر".
حسن
وقدّم رئيس اتحاد بلديات بعلبك، الدكتور حمد حسن، نماذج من تجاربه في الحياة العامّة والعمل البلدي، فقال: "هناك نموذج في إحدى مدارس بعلبك، تمّ فيها الاتفاق على اعتماد صيغة مشتركة في التعليم الديني، تقضي بتعليم مبادئ القرآن الكريم والإنجيل المقدَّس، بما يتضمنان من قيم وفضائل، فتتعرف الأجيال إلى معاني الأخوّة والتسامح والمحبة والتكامل الإنساني".
وأضاف: "نموذج آخر في بعلبك، جسّد وحدة التلاقي بين المسيحية والإسلام، عندما كانت الحرب الظالمة على الشعب السوري في العام 2013، حيث كانت تدمَّر الكنائس في معلولا وتدمَّر الآثار في تدمر، وكان الجميع مهدَّد بمعتقده، مسلماً كان أو مسيحيّاً، فيما كانت المبادرة بإقامة ساحة في بعلبك باسم السيّدة مريم، بالتعاون مع جمعية التنمية والتعايش، تجسيداً للوحدة بين جميع الأديان".
وأكّد أن "العديد من قرى اتحاد بلديات بعلبك، يعيش أهلها الوحدة الحقيقيّة والعيش المشترك الواحد، مسلمين ومسحيّين، حيث نرى الانصهار الاجتماعي بين مكوّنات أبناء البلدة".
ولفت إلى أنه "بالقرب من معابد بعلبك التاريخية، وبالقرب من الكنائس الثلاث في المدينة، شيِّد مقام السيدة خولة، ويجتمع في هذا المشهد، المئذنة وجرس الكنيسة، وتقام احتفالات وقداديس عيد ميلاد السيّد المسيح والمولد النبوي الشّريف، في مكان وزمان واحد، في حضور الأب والمطران والشيخ من أبناء بعلبك".
وختم: "من الإنجازات الحضارية الثقافية في بعلبك، مبادرة البلدية بترميم منزل الشاعر خليل مطران، وتحويله إلى منتدى ثقافي، بدعم كلّ الجمعيات الثقافية، إضافةً إلى المشاريع المتنوعة في ميادين الرياضة والثقافة والفنّ والعمران".
وختاماً، دار حوار بين المشاركين.