في مجلس عاشورائي في الحسنين (ع)
فضل الله: نستلهم قيم عاشوراء في مواجهتنا للظّلم والعدوان
ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله كلمة في المجلس العاشورائي في قاعة الزّهراء (ع) في مسجد الحسنين (ع) في حارة حريك، تحدَّث فيها عن الظروف الدقيقة التي نعيشها اليوم، والتي تحمل في مضمونها الكثير من عناوين العزّة والتحدّي والثبات والقوة، مشيراً إلى أنَّ هذه الروح التي نجدها في مجتمعنا وأمّتنا سوف تبقى حاضرة دوماً، ولا يمكن للأيام أو الظروف أو الصعوبات أو التحديات أن تضعفها أو تثنيها عن عزيمتها وإرادتها، لأنَّنا نعرف أنَّ الصعوبات ستبقى تواجهنا في هذه الحياة مادام هناك صراع بين العدل والظلم.
وأضاف سماحته: "هناك من يحاول دوماً العمل على إضعاف كلّ مواقع القوّة التي نمتلكها، ويريد لها أن تعيش الضّعف والوهن والانقسام في داخلها"، لافتاً إلى أنَّ علينا أن نكون على قدر التحدّي والمسؤوليّة، وأن نساهم في صناعة التاريخ الذي لم يتوقَّف فيه الصّراع بين الحقّ والباطل، وبين خطّ العزّة وخطّ الذلّة، وهو صراع مستمرّ منذ أيام النبيّ إبراهيم (ع)، مروراً بكلّ الأنبياء والأئمّة، وصولاً إلى أيامنا هذه.
وتابع: "إذا أردنا أن نفكّر بروح المسؤوليَّة، فعلينا دائماً أن نعدّ أنفسنا من أجل أن نكون قادرين وجاهزين لمواجهة كلّ التحدّيات التي تحيط بنا، ومسؤوليّتنا الشرعيّة أن نحفظ الأمانة التي حمّلنا إيّاها الله ورسوله (ص)، في أن نحفظ قيم هذا الدّين، لتكون هي الموجّهة لنا في كلّ ساحات الحياة. لذا أرادنا الله أن نكون أعزاء، وأن نواجه بكلّ ثقة كلّ الضّغوط والتحدّيات التي تحاك ضدّ بلدنا وضدَّ هذه الأمّة من أجل إضعافها وتفتيتها وشرذمتها".
وقال سماحته: "أراد الله للإنسان أن يكون حراً غير مستعبد من أحد، وأن لا يكون في خدمة مستكبر أو طاغية أو دولة أو موقع يسعى إلى استغلالنا وإضعافنا والسيطرة علينا"، مؤكّداً أنَّ واجبنا أن نعمل على صناعة القوّة لمواجهة أيِّ عدوان، وأن نحافظ على كلّ الطاقات والقدرات التي نمتلكها.
وذكَّر سماحته بالاستراتيجية الدّوليّة التي صنعت الكيان الصّهيونيّ وزرعته في هذه المنطقة لإضعافها وتفتيتها، مؤكّداً أننا، وانطلاقاً من إيماننا ومبادئنا، لا بدَّ أن نواجه كلّ عدوان، من خلال امتلاك كلّ أسلحة الوعي والمواجهة، منطلقين من إيماننا الديني والروحي ومن الثقة بحتميَّة النصر.
ولفت سماحته إلى أنّ عاشوراء تزوّدنا بكلّ عناصر الثبات والقوّة وإرادة التحدّي، فنحن نأتي إلى هذه المجالس لا لنكتفي بذرف الدموع فحسب، بل لنستلهم عِبَر الثورة الحسينيّة ومعانيها النهضويّة والأخلاقيّة والإنسانيّة، وكلّ صور القوة والبطولة والتضحية والإيثار، ونتمثّل كلّ هذا الحبّ والعشق للحسين وأهل بيته (ع) في سلوكنا، وفي مواجهتنا لكلّ الطغاة والظالمين، مشيراً إلى أنَّ حضور المجالس العاشورائيّة ليس تأدية واجب فقط، بل إنَّ قيمتها في هذا الشّحن الوجدانيّ والروحيّ والعاطفيّ الذي نتزوَّد منه حتى نستطيع مواجهة كلّ الظّروف والتّحديات.
وختم: "لا يمكن أن نكون على هامش الحياة، سنواجه كلّ من يحاول أن يعتدي علينا، وندافع عن مجتمعنا وأمّتنا في وجه كلّ الظالمين الذي يريدون أن يعبثوا بأمننا واستقرارنا، ولكنَّنا سنكون حكماء في دراسة أيّ خطوة سوف نقدم عليها بعيداً من الارتجال والانفعال".