فضل الله في درس التَّفسير القرآنيّ:
لمقاربةٍ لبنانيَّةٍ وحوارٍ داخليٍّ قبل انتظار مساعدة الآخرين
دعا العلّامة السيّد علي فضل الله إلى حوار لبنانيّ داخليّ تجتمع فيه كلّ الطّاقات، بعيداً من كلّ الحسابات الطائفية والمذهبية والحزبية، مؤكّداً ضرورة وجود مقاربة لبنانيّة داخليّة للخروج من النفق.
جاء ذلك في درس التَّفسير القرآنيّ الأسبوعيّ الّذي أجاب في بدايته عن سؤالٍ حولَ آفاق الحلول الداخليَّة، فقال:
لعلَّ أخطر ما نواجهه في لبنان هو حالة التوتّر النّاشئة من أسباب عديدة، ليس أقلّها شعور النَّاس ــ على اختلاف طوائفهم ومكوِّناتهم ــ بأنّه ليس هناك سلطة يمكن الوثوق بها أو أنها توحي بشيء من المصداقيّة، حتى يشعر الناس بأنّ مستقبلهم لا يزال أمامهم، وإن عاشوا الآلام والجوع لفترة زمنيّة معيّنة.
أضاف: إنّني أخشى من هذا التوتّر المتصاعد من جهة، ومن خوف كلّ فريق وكلّ جهة على نفسها وشعورها بالاستهداف، لأنَّ هذا الخوف وهذا التوتّر يولّد المزيد من المشاكل والأزمات، ويجعل كلَّ فئةٍ تنظر إلى الآخرين نظرةً فيها الكثير من التَّعقيد، وربما تحميلها المسؤوليَّة عن كلّ ما يصيب البلد، مع أنّنا ندرك جميعاً أنّ مشاكل البلد ليست وليدة هذه السّاعة أو هذه المرحلة السياسيّة فحسب.
وأكّد الدّعوة إلى حوار لبنانيّ تجتمع فيه كلّ الطاقات الحيّة والواعية، وبعيداً من كلّ الحسابات الطائفية والمذهبية والحزبية، لصياغة مشروع للخروج التّدريجيّ من أزمة التوتر واللا ثقة، وصولاً إلى إيجاد رؤية في كيفيّة تجاوز هذه المرحلة الصّعبة والخطيرة، لأنّنا في نهاية المطاف، سوف نقف أمام صدمة الواقع التي تؤكِّد أن لا خيار إلا بتفاهم اللّبنانيّين بعضهم مع بعض، وفق قاعدة التّوازن التي لا تستثني أحداً ولا توحي باستئصال أحد.
وفي جواب عن سؤال حول تطوّرات المنطقة، قال:
يبدو أنّ الجميع في المنطقة ينتظر كيف ستقارب الإدارة الأميركيّة الجديدة الملفّات العديدة التي تتّصل بالقضيّة الفلسطينيّة والصّراع مع العدوّ، وكذلك ما يتّصل بنفوذ هذه الدولة أو تلك، والعلاقات بين دول المنطقة وغيرها.
أضاف: ونحن نرى أنَّ الإدارة الجديدة سوف تكون حريصةً أكثر على معالجة أزمات المجتمع الأميركي الداخليّة، وموقع أميركا في مواجهة الصّين وغيرها، ليكون لذلك الأولويّة على الملفّات الأخرى. ولذلك، علينا أن نتواضع في النّظرة إلى ما قد تقدم عليه هذه الإدارة حيال المنطقة، وإن كنَّا لا نستبعد أن تكون المقاربة مختلفةً من حيث الأسلوب الذي يحتِّم تهدئة بعض السَّاحات، والتّفاهم مع مواقع دوليّة وإقليميّة حول ساحات أخرى، ولكن ضمن الحفاظ على تفوّق العدوّ وحماية أمنه ومصالحه، وقد تتمّ مقاربة الملفّ اللّبنانيّ من هذه الزاوية ومن زوايا أخرى. ولذلك، فإنّنا نؤكّد أهمية أن تكون لدينا مقاربة ذاتيّة أوّلاً كلبنانيّين للخروج من النفق، لأنّنا إن لم نضع استراتيجيّة داخليّة لمواجهة الكوارث القادمة، فلن نجد من يقف إلى جانبنا للمساعدة.