tabindex="-1">
فضل الله في تكريمِ المكلَّفاتِ في ثانويَّة الرَّحمة:
مسؤوليَّتنا نشر العدالة في عالم يمتلئ بالظلم
كرّمت ثانويَّة الرّحمة في النبطية فتياتها اللَّواتي بلغن سنَّ التكليف الشرعي في احتفال حاشد أقيم في قاعة الاحتفالات في الثانويَّة، برعاية العلَّامة السيِّد علي فضل الله، وحضور مديرة ثانوية الرحمة الحاجة سولاف هاشم، مديرة مبرة الرضا (ع) الحاجة رابعة الفقيه، وفضيلة الشيخ فؤاد خريس، ومدراء مدارس ومعاهد وجمعيَّات وفاعليَّات تربويَّة وثقافيَّة واجتماعيَّة وذوي المكلَّفات.
استهلَّ الحفل بآيات بيّنات من القرآن الكريم، فالنشيد الوطني، تلاه عرض فيلم يوثّق التحضيرات للاحتفال، بعدها دخلت الزهرات وسط جوّ من البهجة والفرح، ثم قدَّمن فقرات فنيَّة من وحي المناسبة، ومن ثمَّ أنشدن نشيد "تاج على رأسي".
وبعد كلمة الزَّهرات ومديرة الثانويَّة، ألقى العلَّامة السيِّد علي فضل الله كلمة قال فيها: نلتقي في كلّ سنة لنقدِّم كوكبة من زهراتنا اللَّواتي قرَّرن السير على طريق القيم والعدالة، وبناء الحياة على القواعد الإيمانيَّة والأخلاقيَّة والرساليَّة والروحيَّة التي بدأنا نفقدها في مجتمعنا، في ظلّ سيطرة منطق الفساد وعقليَّة المصالح والعصبيَّات.
وأضاف سماحته: فتياتنا وهنَّ يحملن كلَّ هذا الصَّفاء والنَّقاء والطَّهارة، يتقدَّمن بكلّ فخر وقوَّة ليؤكّدن استعدادهنَّ لتحمّل المسؤوليَّة والأمانة والتكليف، التزاماً منهنَّ بأمر الله سبحانه وتعالى، وحجابهنَّ هو مظهر وتعبير عن هذه الطاعة، بينما نرى في هذا الوطن من سقط في امتحان الأمانة، ولم يكن على قدر الثّقة به، حيث أوصلنا إلى قعر الهاوية والانهيار.
وأكَّد سماحته أنَّ زهراتنا قرَّرن باختيارهنَّ ارتداء الحجاب، فهو لم يفرض عليهنَّ، بل رأين أنَّه يطلقهنَّ في فضاء الحريَّة الحقيقيَّة التي لا تقيّدها أغلال الشهوات والعصبيَّات والأنانيات التي باتت تسيطر على ساحتنا، ذلك أن هذا الحجاب يدعوهنَّ إلى عدم التقوقع ضمن إطار ضيِّق وخاصّ، بل إلى التواصل ومدّ الجسور مع الآخر، بعيداً من أيِّ اعتبارات طائفيَّة أو مذهبيَّة أو سياسيَّة.
وتابع سماحته: إنَّ زهراتنا على ثقة بأنَّ الله لم يأمرهنَّ بالحجاب حتى يقيِّدهنَّ، بل ليكون عنواناً لإنسانيَّتهنَّ، وليظهرن في المجتمع بهذه الإنسانيَّة، لا بأنوثتهنَّ الَّتي تبقى في إطارها الَّذي حدَّده الله.
وتحدَّث سماحته عن قيم العدل والمساواة، ولا سيَّما ونحن نحتفل بولادة الإمام المهدي (ع)، وهي مناسبة لنجدِّد العهد له من خلال حرصنا على اتّباع خطّ العدل، حيث بتنا في عالمٍ العدالة مفقودة أو مجتزأة، مؤكّداً أنَّه لا يمكن أن نبني وطناً إلا بالعدالة والمساواة وتطبيق القانون على الجميع، وتعزيز ثقافة المواطنة، ومواجهة الفساد والمفسدين، أيّاً كانت انتماءاتهم.
وتوجَّه سماحته بالشّكر والتَّقدير للأهل على ما بذلوه من رعاية وتربية وتوجيه، والَّذين زرعوا في زهراتنا حبّ الله والشعور بالمسؤوليّة تجاهه والطاعة له، ولم يتركوهنَّ تتلاعب بهنَّ مواقع الإعلام والتَّواصل وكلّ من يريد الإساءة إلى فكرهنّ وقلوبهنّ وحياتهنّ.
ورأى سماحته أن هناك تحديات كثيرة سوف تعترض طريقهنَّ من أجل إسقاطهنّ في وحول الشَّهوات والماديَّات. لذلك، مسؤوليَّتنا جميعاً أن نعمل على تحصينهنَّ وتدعيم ثقافتهنَّ وتجربتهنَّ، وأن نعزِّز الثقة لديهنّ، حتى يستطعن مواجهة كل الهزات التي تسعى لضرب مفاهيم القيم والمعاني الأخلاقيّة لديهنّ، من أجل السيطرة على المجتمع وحرفه عن قضاياه الكبرى. ونحن من جهتنا، علينا أن نزرع لديهنَّ الإيمان بأنَّ جمالهنَّ الحقيقيَّ ليس جمال الجسد، كما تسعى إلى تكريسه وسائل الإعلام والشركات والأجهزة والاحتكارات، بل الجمال الحقيقيّ والقيمة الحقيقيَّة والحريَّة الحقيقيَّة تتجلَّى في أخلاق الفتاة وفي عقلها ووعيها وامتلاكها لقرارها، وفي سلوكها وتحرّرها من الشَّهوات والاستهلاك، وفي حضورها ودورها الاجتماعي والسياسي والثقافي.
وختم سماحته قائلاً: علينا أن لا ننسى الدَّور الكبير للمؤسَّسات التعليميَّة التي أخذت على عاتقها دور التربية والتنشئة والتوجيه، والتي تبني العقول، ولا سيَّما ثانوية الرحمة. فشكراً من كلِّ القلب للمديرة، وللمعلِّمين والمعلّمات، والمربين والمربيات، على ما بذلوا وما قدَّموا، وهو ما نشهده في هذا الحصاد الَّذي زرعوه فأثمر وعياً ونضوجاً وتحمّلاً للمسؤوليَّة.
***