22 شعبان 1444هـ
/
14/03/2023
ليس لنوع العمل الَّذي يمكن للمرأة القيام به مقياس محدَّد، فأنْ تتولّى المرأة وظيفةً ما تحتاج إلى مجهودٍ جسديٍّ أو عقليٍّ، أمر يتعلَّق بطاقة المرأة نفسها، لأنَّ أداءها في بعض الأحيان قد يكون أفضل من أداء الرَّجل.
ولكن ما نستطيع تأكيده، أنَّ دور المرأة كأمّ هو دور أساسيّ في حياتها، أمّا تحديد الأدوار الأخرى الَّتي تختار تأديتها، فأمرٌ يعود إليها شخصيَّاً، ومُناطٌ بطاقاتها وإمكاناتها وقدراتها الخاصَّة.
إنَّ اضطلاع المرأة بأيِّ وظيفة غير الأمومة، عند توفّر المناخات الَّتي تحفظها كامرأة وكإنسان ملتزم أخلاقيّاً، أمر مفتوح وممكن.
[ممّا تقدَّم، نستطيع الاستنتاج أنّه لا وجود لأعمال محرَّمة على المرأة] إلَّا الأعمال المحرّمة على الرَّجل أيضاً.
وليس هناك شروط خاصَّة تحيط بعمل المرأة إلَّا في نطاق الشروط العامة التي تحيط بوضع المرأة في المجتمع، فالإسلام يفرض على المرأة الحجاب في المجتمع المختلط أو في المجتمع الذكوري، أمّا في المجتمع النسائي، فلا يفرض عليها ذلك، باعتبار أنّه لا داعي لحجاب المرأة أمام المرأة.
ليست هناك شروط خاصَّة خارج نطاق الشروط العامّة التي تفرض على العامل، رجلاً كان أو امرأة، الالتزام الأخلاقيّ، ومراعاة الالتزامات التي يفرضها تعاقده في جوانب أخرى، بحيث لا يكون العمل المتعاقد على أدائه متعارضاً مع أعمال أخرى كان قد تعاقد على أدائها مع آخرين. وهكذا، فإنَّ المرأة عندما تتعاقد مع الرَّجل على أداء التزامات معيَّنة داخل الحياة الزوجيَّة، لا بدَّ من أن تراعي الوفاء بالالتزامات التي وعدت بأدائها داخل البيت الزوجيّ، عندما تريد أن تعِد بأداء التزامات أخرى لإنسانٍ آخر في النطاق العمليّ.
أمّا القول بأنّ المرأة تملك حصانة أخلاقيَّة تفوق حصانة الأخريات، فقد يكون صحيحاً من ناحية مبدئيَّة، باعتبار أنَّ الإيمان ينمّي في الإنسان عنصر الرفض لكلِّ الممارسات والسلوكيّات التي تتنافى وخطّ الإيمان، كما أنَّ التربية تجذِّر ذلك الرَّفض أكثر، ولكن ليس معنى ذلك أنَّ الإيمان يصنع العصمة للمرأة المؤمنة، لأنَّ المرأة المؤمنة، كما الرَّجل المؤمن، إنسان، وهي تملك، بالتَّالي، الكثير من نقاط الضّعف التي قد تحوّلها الضغوط النفسيَّة إلى عامل ضغط على إيمانها يؤدّي بها إلى الانحراف في بعض الحالات، ولكن مستوى انحرافها أقلّ من غيرها. كما أنَّ إيمانها قد يستيقظ فيها بعد أن تنحرف ليعيدها إلى خطِّ الاستقامة، وهذا ما يعبّر عنه القرآن الكريم في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}[الأعراف: 201].
تلك هي حال كلِّ إنسان يملك التزاماً أخلاقياً، سواء أكان مصدره الإيمان ـــ وهو العامل الأهمّ في مسألة الالتزام ـــ أم كان مصدره التربية أو الوعي الخاصّ لدى الشخصيَّة.
* من كتاب "دنيا المرأة".