في ذكرى أسبوع الحاج وجيه عيسى في رامية الجنوبية
فضل الله: إنجاز الاستحقاقات الدستورية يمنع الفوضى ويحبط أهداف العدوّ
أكَّد سماحة العلَّامة السيِّد علي فضل الله أن لا خيار أمام اللبنانيين إلَّا الإسراع في إنجاز الاستحقاقات الدستورية، لأن الوطن لا يتحمل أيّ فراغ، داعياً الأطراف السياسيّين إلى تحمّل مسؤولياتهم والخروج من مصالحهم الخاصة، محذّراً من خطورة عودة المنطق القديم المتجدِّد الذي لا يعتبر العدوّ الصهيوني يمثّل خطراً على لبنان، مؤكِّداً أنّنا لسنا هواة حرب، لكننا سنصرّ على استعادة حقوقنا النفطية والغازية، ولن نسمح لهذا العدوّ بأن يحقِّق أهدافه.
كلام سماحته جاء في كلمته في ذكرى أسبوع الحاج وجيه عيسى في قرية رامية الجنوبية، وجاء فيها:
يعزّ عليَّ أن اقف اليوم بينكم في ذكرى أسبوع الأخ العزيز الحاج وجيه عيسى الَّذي ربطتني به علاقة أخوَّة ومحبَّة وصداقة متينة، وعملنا سويّاً لفترات طويلة من الزمن، وحتى في آخر أيّامه، كنا نفكر في آفاق عمل جديد يعزِّز الوعي، ويقدِّم الخدمة إلى الناس والتخفيف عنهم، ولا سيَّما في ظلّ التحدّيات التي يعيشها الوطن وينهض بالمجتمع على مختلف المستويات...
وقال سماحته: علينا أن نكون في موقع المسؤوليَّة في أيّ مكان نتحرك فيه، فالفكر الذي نحمله يجب أن يكون مبنيّاً على قواعد صحيحة ودقيقة وقناعات واضحة، حتى لا تتسلَّل إلى عقولنا أفكار بعيدة من واقعنا مغلَّفة بعناوين معيَّنة، تهدف إلى ضرب مجتمعنا ومفاهيمنا وقيمنا، وتسقطنا من الداخل وتجهض أحلامنا وقضايانا.
وتطرَّق سماحته إلى ضرورة وعي الكلمة المسؤولة في حياتنا، فلا نطلقها إلَّا بعد دراسة تداعياتها الإيجابية والسلبية، حتى لا نسقط هذا الواقع الَّذي نعيش فيه، ونصنع الفتن وتسقط معها كلّ قضايانا، فنحن عندما نؤيِّد أو نصفِّق لهذا الفريق أو ذاك، علينا أن نسأل عن المعايير التي دفعتنا إلى ذلك؛ هل هو المعيار الطائفي أو المذهبي أو العشائري أو غيره؟
وأضاف سماحته: إنَّ قيمة المؤمنين تكمن في أنهم يحوِّلون الابتلاء إلى فرصة لاختبار إيمانهم وامتحان صبرهم وثباتهم وتحمّلهم للآلام، حيث الفوز في الآخرة من خلال الرِّضا بقضاء الله والعمل بطاعته، مؤكِّداً أنَّ الحاج وجيه لم يفكّر يوماً في حياته الخاصّة، بل كان جلّ همه الوطن وإنسانه، فكان ركناً من أركان جمعية أسرة التآخي في النبعة، حيث نهل من معين المرجع فضل الله (رض)، وتربى على أفكاره ومواقفه، ووعى أهمية دور المسجد في تنشئة جيل رساليّ وتربيته على الروح الإيمانيَّة، فعاش القيم والمفاهيم الإسلاميَّة والأخلاقيَّة والإنسانيَّة، وعمل على زرعها ونشرها في من حوله وفي البيئة والمحيط الَّذي عاش فيه، كما كان دوره رائداً في لجنة أصدقاء المسجد، وفاعلاً في المنتديات الثقافية والفكرية والتربوية والسياسية، فكان محاوراً أساسياً مدافعاً عن الإسلام بعقلانيَّة وانفتاح، وحريصاً على الوقوف مع قضايا أمَّته.
وأوضح سماحته أنَّ الوطن الذي عمل لأجله فقيدنا، استطاع ان يكسر هذا الاحتلال، ويحرِّر هذه الأرض المباركة بفعل تلاحم مقاومته وجيشه وشعبه، ويسقط كلّ المؤامرات التي تسعى للنيل منه، وتعمل على تقسيمه، وتهدف إلى إضعاف كلّ مواقع القوَّة فيه، من خلال حصار اقتصادي واجتماعي ومالي يهدف إلى النَّيل من كرامة البلد وعزَّته، ويسعى لفرض شروط العدوّ عليه.
وحيَّا سماحته رامية؛ هذه البلدة الوديعة، ومعها البلدات الجنوبية التي عانت الكثير من احتلال العدوّ ومن اعتداءاته، ودفعت الشهداء والجرحى والغالي من الممتلكات والمنازل، محذِّراً من خطورة عودة المنطق القديم المتجدِّد الذي لا يعتبر العدوَّ الصهيوني يمثّل خطراً على الوطن، بل هناك من يعمل في السرِّ والعلن، وتحت شعارات متعدِّدة، لنزع صفة العداء عنه، والتَّعتيم على عنصريته وأطماعه ومشاريعه للسيطرة على هذا البلد، وثمة من يسعى إلى الترويج للتَّطبيع معه تحت حجج واهية.
وتابع سماحته: لقد جرَّب البعض في الوطن التحالف مع هذا العدوّ، فماذا كانت النَّتيجة غير الويلات والمصائب، من حروب وفتن وتفتيت، من خلال العبث بمكونات الوطن، وتحريض طوائفه بعضها على بعض؟! فحذار من أن يعيد أحد المحاولة ثانيةً وتخدعه أحلامه وأمانيه غير الواقعيَّة.
وأكَّد سماحته ضرورة أن يكون الموقف اللبناني واحداً في مواجهة كلِّ محاولات العدوّ منع لبنان من حقِّه في استخراج ثروته الغازية والنفطية، من خلال محاولات المماطلة والتسويف وتقطيع الوقت، لافتاً إلى أننا لن نقبل بأن يصادر أحد مستقبلنا وثرواتنا، أو يعمل لتبديد عناصر القوَّة في مجتمعنا، والهادفة إلى إسقاط هذا النموذج المقاوم، والَّذي من دونه لن نحرِّر أرضاً أو نستعيد حقاً أو ثروة، مشيراً إلى أنَّنا لسنا هواة حرب، ولكننا لن نقبل بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ولن نسمح لهذا العدوّ بأن يحقق أهدافه.
وختم سماحته بالقول: لا خيار أمامنا بين الفراغ الذي يؤدي إلى الفوضى والمجهول ويخدم أهداف العدوّ، وبين تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية، إلا الإسراع في إنجاز هذه الاستحقاقات الدستورية في أسرع وقت، فالوطن لا يتحمَّل أيّ فراغ. ومن هنا، ندعو الأطراف السياسيّين الى تحمل مسؤولياتهم، والكف عن المناورات، والابتعاد عن لغة الاتهامات وتسجيل النقاط، والخروج من مصالحهم الخاصَّة وأنانياتهم، فالبلد لم يعد يتحمَّل انهياراً، ويكفي إنسانه ما يعانيه من أزمات وذلّ.