لمراجعة حقيقيّة من كلّ الأطراف على أبواب العام الميلاديّ الجديد
فضل الله: لا بديل من حوارٍ يقدِّم رؤية للإنقاذ قبل الانتخابات
رأى العلّامة السيّد علي فضل الله، أنَّ على الجميع في لبنان القيام بمراجعة ذاتيّة، وإعادة النظر حيال الأداء السياسي والخطاب وطريقة التّعاطي مع الآخرين، مشيراً إلى أنّ البلد يعيش حالة تشبه التحدّي الوجوديّ الّتي تستدعي استنفاراً حواريّاً وطنيّاً، وتنسيقاً بين مختلف الأطراف لإعادة إحياء البلد، وإن استغرق ذلك بعض الوقت.
وقال سماحته ردّاً على سؤال في درس التّفسير القرآنيّ حول توقّعاته لمصير لبنان على أبواب السنة الميلادية الجديدة:
لقد جرى استهلاك الكثير من الوقت، واستنزاف الكثير من الجهود في الأشهر والسنوات الأخيرة بلا طائل، كما جرى حرق للمراحل، واستنفاد للإمكانيات التي كانت لا تزال ضمن نطاق الاحتياط الوطنيّ، والتي كان يمكن من خلالها تأمين الحدّ الأدنى على صعيد الصّمود المعيشيّ والاقتصاديّ، ولكن توافق الأطراف المعنيّين غير المباشر على الاستمرار في سياسة التّدمير الذاتيّ، أوصل البلاد إلى هذا المستوى الّذي يشعر فيه معظم اللّبنانيين بأنّ مصيرهم بات مهدَّداً، وأنَّ بلدهم لم يعد قادراً على الاستمرار أو على حمايتهم وضمان مستقبل أولادهم.
أضاف: لم يكن الفساد وحده هو المسؤول عن كلّ هذه النّتائج، فحتّى بعد أن عرف كلّ من هم في مواقع المسؤوليّة بأنَّ دائرة الانهيار تتّسع، أعلنوا عن عجزهم في المواجهة، وتركوا البلد يعيش تجربة الموت البطيء التي تتوالى فصولاً، لأنّ أحداً منهم لم ينبرِ للقيام بمبادرة حقيقيّة تدفع الآخرين للسير على خطاه، ولأنه لا توجد رؤية حقيقيّة موحَّدة يمكن الاستفادة منها كسفينة نجاة مؤقّتة، أو كمحطة يمكن التّأسيس عليها للمراحل المقبلة، وقد دفعنا جميعاً ثمن انعدام هذه الرؤية، وإصرار كلّ فريق على أن يكون خادماً لمصالحه على حساب مصلحة البلد.
وتابع: إنّنا على أبواب العام الميلاديّ القادم، وبعدما انكشف البلد في شكل خطير، لا بدَّ من مراجعة نقديّة وذاتيّة من الأطراف جميعاً، ومراجعة حقيقيّة أمام الناس، فلا يكفي استعراض العضلات السياسيّة وإثارة العصبيات على أبواب الانتخابات، ولا يكفي أن نوحي للدّول بأننا ملتزمون بإجراء الانتخابات في وقتها، إذ لا بديل من حوار وطني يُفضي إلى تقديم رؤية إنقاذية للوطن، أو يمهّد لذلك، ولا بدّ من تهدئة الخطاب، وأن يسري ذلك على القيادات والمناصرين.
وختم: آن الأوان للّجوء إلى الحوار الهادف والكلمات الهادئة الّتي يمكن أن تمهِّد لرؤية جامعة، أو لبداية توافقٍ على ملاقاة المرحلة المقبلة بأقلِّ مستوى من الخسائر، وإلَّا فإنَّ القوى السياسيَّة قد تخسر حتّى مناصريها في سباق الانتخابات الَّتي لا ندري إن كان سيبقى للنّاس بعض من طاقة تمكّنهم من الوصول إليها بعد كلّ هذا التداعي المعيشي والاقتصاديّ، ووسط هذا الوحل السياسي الّذي قد لا يتيح للغرقى الخروج من دوّامته.
مواضيع متعلّقة