إنَّهم المسنّون، كبارنا، حقٌّ لهم وهم من غمرونا بوهج صدورهم صغاراً، وأسدلوا علينا فيض حبّهم شباباً، حقٌّ لهم أن نرعاهم وهم في خريف أيّامهم؛ أن نسدِّد لهم بعضاً من عطاءاتهم، ونحفظ كرامتهم، ونؤمِّن حاجتهم في دارٍ قد لا يكون دارهم الّذي عرفوه، لكنّه يختزن في داخله كلّ السَّلام والطّمأنينة. إنّه دار الأمان للمسنّين، الَّذي أرادته جمعية المبرّات الخيريّة إشراقة أمل في درب الاهتمام بالمسنّ.
وللإضاءة على هذه الدّار وخدماتها وتقديماتها، أجرينا لقاءً مع مدير الدّائرة الصّحيّة في جمعية المبرّات الخيريّة، ومدير عام مستشفى دار الأمان لرعاية المسنّين في بلدة العباسيّة في الجنوب، الأستاذ أسعد حيدر.
يقول الأستاذ حيدر: "أنشأت جمعيّة المبرّات الخيريّة هذا المستشفى في بلدة العباسيّة في قضاء صور، ليكون مشروعاً إنسانيّاً يرعى كبار السّنّ الّذين لا يجدون المأوى الآمن والمناخ الأسريّ الدّافئ، فضلاً عن افتقادهم الخدمات الصحيّة الأساسيّة، وهذا سعي خيريّ أراده المؤسِّس العلامة المرجع الرّاحل سماحة السيّد محمد حسين فضل الله(رض) نبضة حبّ للإنسان المسنّ، بما يكفل له صحَّته ونموّه المتوازن".
ويضيف: "المرجع الرّاحل السيّد فضل الله زار هذه الدّار في العام 2007 قبل ثلاث سنوات من رحيله، ليشدِّد على اهتمام المجتمع بالمسنّين واحتضانهم، والتحدّث إليهم حول مشكلاتهم وقضاياهم وما يأملون من الحياة في خريف العمر".
وعن خدمات المستشفى، يقول حيدر: "في المستشفى 80 مسنّاً، نقدِّم لهم الخدمات الصّحيَّة المركَّزة والمشدَّدة، والخدمات العلاجيَّة، والرحلات الترفيهيَّة، وزيارة الأماكن والمقامات الدينيَّة، كما نوفِّر لهم الغرف التي تتوافر فيها التّجهيزات اللازمة الّتي يحتاج إليها المسنّ، وهناك طبيبة مختصَّة تشرف على الغذاء اليوميّ وتراعي ما يطلبه الطّبيب المختصّ، بحسب الملفّ الصّحّيّ لكلّ شخص".
وحول أبرز مرافق الدّار، يشير حيدر إلى "وجود وحدة للعناية الملطّفة تضمّ 4 أسرّة لمرضى الحالات الحرجة، ومركز للتشخيص يتضمَّن: الأشعّة، وتصوير الثّدي (Mamogram)، والتّصوير الصّوتي، والتّخطيط، والاختبارات النفسيّة. كما يضمّ الدّار مركزاً للعلاج الفيزيائي، والعلاج النّفسي، والعلاج المائي، ونادياً رياضيّاً وصيدليّة، وهناك أيضاً قسم لمكافحة العدوى يشرف عليه اختصاصي في الأمراض المعدية".
وهل من خدمات يقدِّمها الدّار خارج مركزه؟ يجيب حيدر: "نوفِّر للمسنّين الخدمة داخل بيوتهم، لناحية الرعاية الصحية الأوليّة، وتقديم الأدوية والغذاء، والمساعدات الماليّة والعينيّة، ويقوم طبيب وممرّضة ومساعدة اجتماعيّة ومساعدة نفسيّة، بالمعاينة والإرشاد الصحّي والاجتماعيّ والنفسيّ للمسنّين وللأقارب حول كيفيّة التّعامل مع المسنّ. وقد بلغ عدد المستفيدين من هذه الخدمة أكثر من 120 مسنّاً، موزَّعين على 11 بلدة في قضاء صور".
وحول معايير قبول المسنّ في الدّار، يقول: "يخضع المسنّ الَّذي بلغ 64 عاماً لتحقيق اجتماعيّ للتعرّف إلى الأحوال الاجتماعيّة والمعيشيّة التي يعيش فيها، والتعرّف إلى عائلته لأخذ المعلومات الكافية عن وضعه، وتحصيل موافقتهم على دخول الدّار. كما يتمّ التحقّق من الوضع الصحّي للمسنّ، عبر تدوين التّاريخ الطبي وما يتداوى به من الأدوية اللازمة خلال فترة حياته، وتقويم حالته النفسيّة، وكلّ ذلك للمساعدة في تأمين العلاجات اللازمة وتأمين البيئة السَّليمة الآمنة له".
وحول الواقع المالي للدّار، يلفت مدير الدائرة الصّحّيّة إلى أنَّ "مواردنا الماليّة تتكوّن من المعونات من داخل لبنان وخارجه، والمساعدات والتّقديمات الحكوميّة وغير الحكوميّة، وكذلك التبرّعات والهبات والصّدقات والحقوق، فضلاً عن العائدات المشروعة والحقوق المترتبة للمركز لدى الغير. ولا يطلب من المسنّ أو من أهله دفع أي بدل مالي لقاء الإقامة في المركز، ولكن يُطلب منهم تأمين الأدوية الضروريـة الخاصـة. ولا بدّ من الإشارة إلى أن الدار يستقبل جميع أنواع التبرعات المالية والعينية، وغالباً ما يتم المساهمة بكفالة المسنّين بقيمة 1.000 دولار أميركي سنوياً".
وفي سؤال عن الاحتضان المجتمعي لدار الأمان، يجيب مدير الدار: "هناك لجنة تطوّعية مؤلّفة من 18 عضواً من فاعليّات المجتمع، تقوم بنشاطات خارج المركز، يعود ريعها لتقديمات المركز، كما تقوم بنشاطات اجتماعيّة متعدّدة. ولهذه اللّجنة هيئة إداريّة مكوّنة من ستّة أعضاء برئاسة رئيس بلديّة العباسيّة، وتهدف إلى مساندة الدّار ومساعدتها معنويّاً وماديّاً من أجل تنميـة مواردهـا وتطويرها. كذلك يستقبل الدّار بشكلٍ دائمٍ الوفود الدّاعمة من المجتمع المحلّي ومن القرى، فضلاً عن الطلاب الجامعيّين وطلاب المدارس، وهناك العديد من المغتربين ورجال الأعمال الّذين يتبرّعون دوريّاً من أجل ديمومة عمل الدّار في خدمة المسنّين، وحتى لا يصبحوا في عداد المنسيّين".
*جمعيّة المبرّات الخيريّة، الدّائرة الإعلاميّة