في الخطوط العامَّة في مجال التّربية، على الأهل أنْ لا يعتبروا الولد جزءاً من
أملاكهم، فالإنسان الصَّالح هو بالنّسبة إلى المجتمع عاملٌ صالح وقائد صالح..
إنَّ المفهوم الإسلامي للتربية يستدعي أنْ يعتبر الأبوان ولدهما أمانة الله بين
أيديهم، وهو أمر يتحقَّق من خلال إثارة محبَّته، والاستماع إليه، واحترام عقله،
والإيحاء إليه بأنّ باستطاعته الوصول إلى الحقائق بجهده وفكره، ثمّ تعليمه كيف ينقد
ويناقش ويقبل أو يرفض، فإنَّ ذلك يمثّل احتراماً للآخر، ولأنَّ مَنْ لا يحترم فكر
غيره لا يناقشه فيه، لأنَّ في نفس هذه المناقشة اعترافاً به.
واحترام الطفل وتعليمه احترام الآخر، يأتي ضمن سياسة تربوية متكاملة، حيث يتقبَّل
الأهل ما يطرحه الطّفل من أفكار، حتّى إذا طرح فكرة سخيفة، لم يبادروا إلى السّخرية
من هذه الفكرة، بل يحاولون إعطاءه الدَّليل أو الحجّة على خطئها، ويشجّعونه على
التفكير من جديد، وبطريقة أفضل، دون أن يحملوه على اليأس من نفسه، لأنَّ السخرية من
قدرات الطفل قد تحمله على الحكم على نفسه بالغباء والعجز والقصور وما إلى ذلك من
أحكام سلبيَّة ومحبطة، كما هي حال كثيرٍ من الأطفال الذين يحبطون من جرّاء الحكم
القاسي الذي يطلقه عليهم الآباء أو المعلِّمون عندما يخطئون في التفكير أو في
اتّخاذ القرارات.
ولتفادي ذلك، يجب إحاطة خطأ الطفل في التفكير ببعض الأجواء التي توحي إليه بأنّ
مصدر خطئه لا يكمن في شخصه، بل في سطحيَّة معالجته، أو في الأدوات التي استعملها في
الوصول إلى النَّتائج، فنقول له على سبيل المثال، إنَّ هذا التفكير سطحيّ، ولا يقول
به أحد، وإنّك لم تتبع المنهج الَّذي يوصلك إلى الحقيقة ـــ طبعاً بلغته الطفوليَّة
ـــ فكرّر المحاولة من جديد، فلعلّك تنجح في المرّة الثانية.
* من كتاب "دنيا الطّفل".