إنَّ موضوع الاستغلال الجنسي للأطفال، هو أحد تجلّيات المبالغة في
التعويل على لذّة الجنس في المجتمع المادّي، بحيث يتقدَّم إرواء ظمأ الشَّهوة على
كلّ الاعتبارات الأخرى.
في هذا الإطار، يأتي تشريع الغرب للشّذوذ الجنسي، إلى درجة الاعتراف بزواج طرفين من
الجنس نفسه، أي زواج الذكر بالذكر، وزواج الأنثى بالأنثى، ممّا يتنافى مع طبيعة ما
أعدَّ له الجسد البشريّ من وظيفة جنسيَّة، كلّ ذلك بعنوان حريّة الفرد في إشباع
حاجاته الجنسيَّة بالطَّريقة التي يراها هو مناسبة، حتّى بما يخالف الطبيعة.
إنَّ هذا الجموح الجنسيّ، من الطبيعي أن يتحوَّل في كثير من الحالات إلى حالة
عدوانيَّة ضدّ الآخر، ولا سيّما إذا كان الآخر ضعيفاً، لهذا نجد انتشار ظاهرة
اغتصاب النساء الضعيفات خصوصاً، واستغلال حاجتهنَّ الماديَّة، والاتجار بأجسادهنّ
في سوق الرقيق الأبيض. هذه الحالة الاستغلاليَّة طالت أيضاً الأطفال، سواء أكانوا
ذكوراً أم إناثاً. إنَّ سبب كلّ ذلك، فقدان العمق الإنساني الذي يستدعي احترام
الطفولة في ضعفها وفي حاجتها إلى النموّ الطبيعي، وهو أمر يعكس حالة عنف بشري شائع،
حيث يمارس القويّ الوحشيّة ضدّ الضّعيف، عندما تغيب القِيَم الَّتي تردعه عن
استخدام قوّته بشكلٍ ظالم جسدياً أو روحياً.
أمَّا الإسلام، فقد حرَّم على الإنسان من حيث المبدأ، كلَّ أشكال الممارسة
الجنسيَّة غير الطبيعيّة، وحلَّل له الجنس الطبيعي فقط في دائرة الزواج، وحكم على
مَنْ يمارس الجنس خارج دائرة الزواج، أو بطريقة شاذَّة كاللّواط أو السّحاق، بحدّ
شرعيّ يصل إلى درجة الإعدام، ذلك أنَّ مَنْ يزني، رجلاً كان أو امرأة، وهو غير محصن،
يجلد مئة جلدة، أمَّا المحصن فيعدم، كما يعدم أيضاً مَنْ يمارس اللّواط أو السّحاق،
لأنَّ هذه الممارسات من الكبائر الَّتي قد تدمّر حياة الإنسان إذا ما تحوَّلت إلى
ظاهرة عامَّة.
من هنا، فإنَّ استغلال الأطفال جنسياً يُعتبر جريمة مزدوجة في هذا المجال، لذلك وضع
الإسلام حواجز ماديّة تحول دونها، ومن هذه الحواجز، العقوبات الحاسمة التي لا مجال
للتساهل فيها، إضافةً إلى القِيَم الروحية التي أكَّد غرسها في نفس الإنسان، من
عفّة ورحمة، واحترام الطفولة، واحترام الإنسان الآخر، وعدم استغلاله في أيِّ أمر
مادّيّ أو شهوانيّ.
* من كتاب "دنيا الطّفل".