وضع الإسلام نظاماً كاملاً لحماية الإنسان، ذكراً وأنثى، من تفتّح
الأحاسيس الجنسيَّة قبل أوانها، ومنها ما يمثِّل حواجز معنويَّة بين الإنسان
والإنسان، كالفصل بين الأطفال في المضاجع ما قبل سن تفتُّح الإثارة بقليل "وفرِّقوا
بينهم في المضاجع" .
والمراد من التفريق بينهم في المضاجع، عدم التصاق بعضهم ببعض بالنَّوم في فراشٍ
واحد في السنّ التي تستيقظ فيها الأحاسيس الجنسيَّة، حذراً من الانحراف المبكر
واحتياطاً للأخلاق.
كما أنّه منع الكبار من تقبيل الأنثى أو احتضانها إذا ما اقتربت من سنّ البلوغ، كما
وضع نظام الفصل بين الجنسين في كثيرٍ من الأماكن المثيرة، سواء عند الصغار أو
الكبار، كالحمّامات أو المسابح وما أشبه ذلك.
إنّ الإسلام عندما حدَّد إشباع الغريزة الجنسية في إطار الزواج، حاول وضع الحواجز
النفسيَّة والماديَّة التي تحمي الإنسان من نفسه ومن الآخرين. وأمَّا ما يقوله
البعض عن فعالية الأخلاق في حماية الإنسان من الانحراف، فجوابنا على هؤلاء أنَّ
حالات التماس المباشر بين الذَّكَر والأنثى، قد تحمل الرغبة في اقتحام الجسد، بحيث
تسقط القِيَم أمام شدَّة الجوع والظَّمأ الذي يتحدّى إرادة الإنسان في حاجاته، وهذا
ما نلاحظه في موقف الإنسان حيال كثير من الرغبات المادية التي تشدّه الأهواء إلى
تلبيتها، بحيث تضعف إرادته أمامها.
ومن هنا، وضع الإسلام الحواجز المادية، إلى جانب الحواجز الروحية، كوسيلة لحماية
الإنسان من نفسه، حتّى لا يضعف أمام المؤثّرات الخارجيَّة، لما نعرفه من أنّ
التأثير الخارجيّ قد يكون أقوى من المناعة الداخليَّة التي يحملها الإنسان.
* من كتاب "دنيا الطّفل".