جاء عن الإمام الحسين (ع) أنَّه قيل له يوماً: ما أعظم خوفك من ربِّك؟
قال: "لا يأمن يوم القيامة إلَّا من خاف الله في الدّنيا" ، فإذا أردت أن
تكون الآمن يوم القيامة، فإنَّ عليك أن تخاف الله في الدنيا:
{وَأَمَّا
مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ
هِيَ الْمَأْوَى}[النَّازعات: 40 – 41]، أن تخافه، بأن لا تعمل ما لا
يرضيه أو ما يسخطه.
وقال (ع): "البكاء من خشية الله نجاة من النَّار" ، أن تجلس بين يدي ربِّك
لتتذكَّر ذنوبك وسيّئاتك، لتبكي من خشية الله، من قلبك وعقلك، ليشهد الله عليك أنّك
نادم على ما فرط منك، عازم على أن لا تفعل في المستقبل شيئاً.
ويقول بعض الرواة: سُئِل الإمام الحسين (ع): كيف أصبحت يابن رسول الله؟ قال: "أصبحت
ولي ربٌّ فوقي، والنار أمامي، والموت يطلبني، والحساب محدق بي - فالحساب محدق بي من
جميع الجهات: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم
مَّسْئُولُونَ}[الصَّافَّات: 24] {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ
عَلَيْكَ حَسِيبًا}[الإسراء: 14] {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ
عَلَيْنَا حِسَابَهُم}[الغاشية: 25 – 26] - وأنا مرتهنٌ بعملي -
{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}[المدّثّر: 38]
- لا أجد ما أحبّ، ولا أدفع ما أكره - لأني لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضرّاً -
والأمور بيد غيري - فهي بيد الله - فإن شاء عذَّبني، وإن شاء عفا عني، فأيّ فقير
أفقر مني؟!" .
كيف أصبحنا؛ هل نفكر بهذه الطريقة؟! هل نتذكَّر في صباحنا ربَّنا لنتّقيه ولنطيعه
ولنحسب حسابه؟! هل نتذكَّر الموت والحساب وموقعنا في لقاء الله؟!
أيّها الأحبَّة، لننطلق من هذه الروحانية الأخلاقيّة الحسينيَّة.
هذا هو الحسين، فإذا حضرتم مجالسه، فتذكَّروه في مواقع إمامته، حتى نكون في خطّه،
في واقعنا وسلوكنا وإيماننا في الحياة، ولنكون معه يوم القيامة، في مقعد صدق عند
مليك مقتدر، وتلك هي قيمة عاشوراء، أن تنشىء جيلاً إسلامياً، ورعاً، تقياً، محباً
لله، خائفاً منه، مستقيماً على خطّ الله، تلك هي عاشوراء الَّتي نتحرَّك فيها
بالعمق في الفكر والرّوح وليست كالتي نتحرك فيها ومعها بالشَّكليّات.
* من خطبة جمعة لسماحته، بتاريخ: 9 محرَّم 1421هـ/ الموافق: 14 نيسان 2000م.
***
بحار الأنوار، العلَّامة المجلسي، ج44، ص 192.
مستدرك الوسائل، الميرزا النووي، ج11، ص 245.
بحار الأنوار، ج 75، ص 116.