علي جابر الفتلاوي
"الأساليب القديمة"، عنوان قصيدة شعريَّة للمجتهد محمَّد حسين فضل الله، نظمها عام 1960 م، ونشرت هذه القصيدة في مجلَّة ( الأضواء ) النجفية في عددها الخامس الصَّادر في 9 آب 1960 م.
وكان السيِّد محمَّد حسين فضل الله (رحمه الله تعالى) عالماً مجدّداً وجريئاً في آرائه وفتاواه، وكان يأبى مجاملة أحد في مواقفه، ويعلن رأيه صريحاً واضحاً، ولا يخشى إلّا الله تعالى في ذلك، وكانت آراؤه الفقهيَّة موضع اهتمام واعتبار من الأوساط الدينية والفكرية في العالم كافة، وقد لاقت أفكاره وآراؤه اهتماماً وترحيباً من قطاع الشباب بخاصّة، وأدَّى دوره (رحمة الله عليه) بمسؤوليَّة عالية، تغمَّده الله تعالى في واسع رحمته.
وإضافةً إلى كونه مفكّراً وفقيهاً مجتهداً، كان أديباً لامعاً وشاعراً يتفاعل مع المواقف الحياتيّة، ويتعامل معها بإحساس شاعر، والبيئة النجفيَّة أنتجت الكثير من الأدباء والشّعراء، أذكر منهم كمثالٍ لا على سبيل الحصر، الشَّاعر الكبير محمَّد مهدي الجواهري.
واليوم نحن نعيش مع أجواء قصيدة المجتهد الشَّاعر النجفي السيِّد محمَّد حسين فضل الله، وقد عبَّر السيِّد محمَّد حسين فضل الله عن آلام الجماهير وآمالها وتطلّعاتها في تلك المرحلة، وكذلك عن تطلّعات الحركات الإسلاميَّة الواعية، حيث كان يقود الحركة الإسلاميَّة في تلك الفترة (حزب الدَّعوة الإسلاميَّة)، وقد احتضن الحزب السيِّد محمَّد حسين فضل الله الَّذي ساهم بشعره بخدمة الحركة الإسلاميّة الواعية.
يقول السيِّد حسن شبَّر في كتابه (التطوّر الثقافي الإسلامي في العراق - من عام 1935 - 1968)، والذي ذكر فيه هذه القصيدة: "كان شعر أبي علي - وهو السيِّد محمَّد حسن فضل الله - الَّذي ينشر في أعداد المجلَّة - يقصد الأضواء - طافحاً بالقوَّة والعزم على المضيّ في الطّريق رغم الحاقدين".
أمَّا القصيدة فهي :
كالأساليبِ القديمة
كحكاياتِ أبي جهل اللَّئيمة
عندما لوّنَتِ الدَّعوةُ أجفانَ الحياة
بالشّعاعِ الوادعِ السَّمحِ بألطافِ الإله
عندما مرَّتْ خطى الإيمانِ في أوّلِ درب
وحنت تحتضنُ الإنسانَ في أطيبِ قلب
و(رسول الله) يدعو القومَ في رفقٍ وحبّ
إنَّها دعوةُ مجنونٍ... وساحر
وتخطَّتْ دعوةُ الإسلام أسوارَ الضَّلالِ
في انطلاقٍ يتحدَّى بالسَّنا زهوَ اللَّيالي
وتوارى في ظلامِ التّيهِ أبطالُ الجريمة
ثمَّ عدْنا وابتدأْنا
دربنا... عبرَ الرّسالاتِ العظيمة
وخطوْنا نحوَها أوَّلَ خطوة
وأثرْنا الوعيَ في عزمٍ وقوَّة
بحكاياتِ (أبي جهل) اللَّئيمة
بتعابير جديدة
وضلالاتٍ عنيدة
إنَّها دعوةُ (رجعيٍّ) مكابر
إنَّهُ (الأفيونُ) قدْ جاءَ لتخديرِ الضَّمائر
غيرَ أنَّا سوفَ ندعو للأساليبِ الكريمة
وستندكُّ - معَ الفجرِ - الأساليبُ القديمة
* المقال منشور بتاريخ 23 – 7 – 2011م.