أوصاف المستحق

أوصاف المستحق

قد تبين مما ذكرناه أنَّ الخمس مورد مالي ضخم إذا التزم به جميع المكلفين ودفعوه، ومثل هذه الأموال الطائلة لا تسدّ حاجة الفقراء وتغنيهم فحسب، بل إنها تفيض عن ذلك بكثير لتصبح مورداً مهماً للدولة يغني خزينتها ويعينها على تمويل العديد من المشاريع الحيوية وسد ثغرات مهمة.  لذا فإنه قد لوحظ في توزيع الخمس على موارد الإستحقاق والحاجة كلّ من جانب الدولة كجهاز له مصارفه وجانب الأفراد المحتاجين إلى من ينفق عليهم ويعينهم، وقد اصطلح في الفقه على تسمية الحصة من الخمس بـ "السهم" فكان المجموع ستة سهام توزع كما يلي:

أ ـ نصيب الدولة:
فجانب الدولة له ثلاثة أسهم، هي سهم اللّه تعالى وسهم الرسول (ص) وسهم ذي القربى، وهو الإمام المعصوم عليه السَّلام خاصة.  ففي حال وجود الرسول الأعظم صلى اللّه عليه وآله وسلم فإنه هو الذي يتولى سهم اللّه تعالى وسهم الإمام المعصوم مضافاً لسهمه، وفي حالة فقدان الرسول فإنَّ الإمام هو الذي يتولى سهم اللّه تعالى وسهم الرسول مضافاً لسهمه، وفي حال غيبة الإمام فإنَّ الذي يتولى هذه السهام الثلاثة هو النائب العام للإمام، وهو الفقيه العادل المصطلح عليه بـ (الحاكم الشرعي)، كذلك فإنَّ الفقهاء يصطلحون على هذه السهام بـ (سهم الإمام) ويُراد به هذه السهام الثلاثة مجتمعة.
ومن الواضح أنَّ هذا القسم من الخمس لا يعطى للرسول أو الإمام بصفته العادية الشخصية، بل بماله من موقع ومسؤولية تستلزم أن يكون لها مخصصات يستعين بها في تدبير شؤون المنصب وإدارة الدولة بالنحو الذي يراه المعصوم مناسباً.  لذا فإنه عندما لا يكون المعصوم موجوداً وكانت ولاية هذا المال للحاكم الشرعي فإنه يجب أن يلحظ في صرف (سهم الإمام )رضا الإمام (ع) المقدَّر والمعلوم من خلال طبيعة التشريع وسيرة الإمام المعصوم في المسلمين حال حياته ونوع ومقتضيات موقع الإمامة واحتياجاتها، فيلحظ الحاكم الشرعي في مصارفه تلك الأولويات التي كان يهتم بها الإمام (ع) لو كان موجوداً، ثُمَّ يسير في سياسة توزيع سهم الإمام على ضوء تلك الأولويات التي تختلف وتتنوّع باختلاف كلّ ظرف، وباختلاف مساحة سلطة الفقيه العادل ومدى حاكميته.


ويمكن القول: إنَّ هذه الأولويات تندرج في دائرتين مترتبتين في الأهمية:

الأولى: بذل سهم الإمام في كلّ ما فيه نشر لتعاليم الإسلام وترسيخها، بما في ذلك حماية الإسلام وأوطانه من الاعتداء.
فيدخل فيها تمويل مراكز الدعوة والتبليغ، وإعداد العلماء والمبلغين والدعاة، وإنشاء الجامعات والمعاهد الدينية، وطباعة الكتب.  كذلك تشمل أعمال الدفاع عن بلدان المسلمين ومنجزاتهم في حالات السلم والحرب بالنحو اللازم عند أهل الخبرة في هذا المجال، وكذا البذل من أجل تقوية الكيان الإسلامي واستقلاله وسيادته وإقامة شريعة العدل فيه ورد غائلة الظلم عنه.


الثانية: بذل سهم الإمام في إقامة المشاريع الحيوية للمسلمين من مدارس ومستشفيات ومعاهد علمية ومشاريع إقتصادية ضرورية، مثل مشاريع الري واستصلاح الأراضي ونحوها مما يعجز عنه الأفراد ويحتاجه النّاس، وكذا مساعدة الضعفاء والفقراء بالمال والمؤسسات التي ترعى شؤونهم وتيسر أمورهم، وغير ذلك من الأمور الكثيرة التي تدخل في هذا المجال.
هذا ومن المعلوم أنه لو صار للفقيه العادل حكومة ودولة فإنَّ مجالات صرف سهم الإمام (عجل اللّه فرجه) تتسع باتساع صلاحيات الدولة واهتماماتها.


ب ـ نصيب الأفراد:
وهو ثلاثة سهام أيضاً، وتعطى للفقراء وبالأخص للمساكين منهم، ولليتامى، ولأبناء السبيل، والأمر هنا على خلاف ما كان في الزكاة، فإنَّ كلاً من الفقراء وأبناء السبيل في مستحق الزكاة يعمّ كلّ فقير من المسلمين، سواء كان هاشمياً أو غير هاشمي، أمّا هنا فإن الإجماع قد انعقد على تخصيص هذه السهام الثلاثة بالفقراء وأبناء السبيل والأيتام من بني هاشم، وهو القسم الذي يصطلح عليه بـ (سهم السادة) مقابل نصيب الدولة الذي يصطلح عليه بـ (سهم الإمام)، وهذا التقسيم ملحوظ ومراعى من حيث المبدأ، لكنَّه قد يعطى الهاشمي من سهم الإمام في بعض الأحيان.

وخلاصة ما تقدّم: أنَّ الآية الكريمة قد نصت على توزيع الخمس كما في قوله تعالى: وأَعْلمُوا أَنَّما غَنمْتُم منْ شيء فأنَّ للَّهِ خُمُسَه ولِلرَّسُولِ ولذِي القُربىَ واليتَامى والمساكينِ وابنِ السَّبيل ..الخ، فهي ستة سهام: ثلاثة منها اصطلح عليها بـ (سهم الإمام) وهي: سهم اللّه تعالى وسهم رسوله (ص) وسهم ذي القربى، وهـو خصوص الإمـام المعصوم (ع)، وهي نصف الخمس الذي بيناه تحت عنوان  نصيب الدولة.  وثلاثة منها اصطلح عليها بـ (سهم السادة)، وهي سهم الفقراء واليتامى وأبناء السبيل من بني هاشم خاصة، وهي النصف الثاني من الخمس الذي بيناه تحت عنوان "نصيب الأفراد".


وهنا مسائل:
م ـ 1165: قد سبق الكلام في مبحث الزكاة عن أوصاف الفقير وابن السبيل والهاشمي وكيفية التعرّف على الهاشمي والفقير، وكذلك اشتراط أن لا يكون المستحق واجب النفقة على المعطي، ولا يختلف الأمر في الخمس عنه في الزكاة فليرجع إليه.  وزيادة على ذلك وتأكيداً لبعض ما سبق فإنه يشترط في المستحق لسهم السادة ما يلي:

أولاً: الإيمان بالعقائد الحقّة، ولا تشترط العدالة والالتزام التام بأحكام الشريعة، وإن كان الأحوط وجوباً عدم إعطاء تارك الصلاة والمتجاهر بالمعاصي وشارب الخمر.

ثانياً: المراد باليتيم من فقد أباه وكان دون سن البلوغ، فإن بلغ لم يعتبر يتيماً شرعاً ولو كان ما يزال غير رشيد وغير قادر على الإستقلال بأموره.
ولا يكفي مجرّد اليتم بل لا بُدَّ من كونه فقيراً لا يملك مؤنة سنته، فاليتيم الذي ورث عن أبيه مالاً أو عقاراً يمكن الإستغناء به لمدة سنة على الأقل لا يعدّ فقيراً فلا يعطى من سهم السادة من الخمس.

م ـ 1166: إذا كانت الزوجة هاشمية، وكان زوجها غير هاشمي، فإنها لا تعطى من سهم السادة إذا كانت غنية بزوجها، وذلك بأن كان قادراً على القيام بشؤونها على مدار السنة، ولو بالاستدانة.  أمّا إذا كان غير قادر على ذلك، أو كان ما تحتاج إليه مما لا يجب بذله على الزوج، كقضاء دينها مثلاً، فإنه يجوز ـ حينئذ ـ إعطاؤها من سهم السادة، فإن أخذته ملكته وجاز لها صرفه على زوجها وأولادها وغيرهم.

م ـ 1167: قد قلنا في الزكاة: إنَّ الهاشمي يجوز له أخذ زكاة الهاشمي فقط.  وهذا غير مشترط في الخمس، فإنَّ الهاشمي يأخذ نصيبه من الخمس سواء كان دافع الخمس هاشمياً أو غير هاشمي.

م ـ 1168: يجوز أن يعطى فرد واحد من السادة ما يكفيه لمؤنة سنة لا أكثر من ذلك، ويجوز توزيع المبلغ على الأصناف الثلاثة بأي نحو رغبه الدافع، وكذا مصارف سهم الإمام.


قد تبين مما ذكرناه أنَّ الخمس مورد مالي ضخم إذا التزم به جميع المكلفين ودفعوه، ومثل هذه الأموال الطائلة لا تسدّ حاجة الفقراء وتغنيهم فحسب، بل إنها تفيض عن ذلك بكثير لتصبح مورداً مهماً للدولة يغني خزينتها ويعينها على تمويل العديد من المشاريع الحيوية وسد ثغرات مهمة.  لذا فإنه قد لوحظ في توزيع الخمس على موارد الإستحقاق والحاجة كلّ من جانب الدولة كجهاز له مصارفه وجانب الأفراد المحتاجين إلى من ينفق عليهم ويعينهم، وقد اصطلح في الفقه على تسمية الحصة من الخمس بـ "السهم" فكان المجموع ستة سهام توزع كما يلي:

أ ـ نصيب الدولة:
فجانب الدولة له ثلاثة أسهم، هي سهم اللّه تعالى وسهم الرسول (ص) وسهم ذي القربى، وهو الإمام المعصوم عليه السَّلام خاصة.  ففي حال وجود الرسول الأعظم صلى اللّه عليه وآله وسلم فإنه هو الذي يتولى سهم اللّه تعالى وسهم الإمام المعصوم مضافاً لسهمه، وفي حالة فقدان الرسول فإنَّ الإمام هو الذي يتولى سهم اللّه تعالى وسهم الرسول مضافاً لسهمه، وفي حال غيبة الإمام فإنَّ الذي يتولى هذه السهام الثلاثة هو النائب العام للإمام، وهو الفقيه العادل المصطلح عليه بـ (الحاكم الشرعي)، كذلك فإنَّ الفقهاء يصطلحون على هذه السهام بـ (سهم الإمام) ويُراد به هذه السهام الثلاثة مجتمعة.
ومن الواضح أنَّ هذا القسم من الخمس لا يعطى للرسول أو الإمام بصفته العادية الشخصية، بل بماله من موقع ومسؤولية تستلزم أن يكون لها مخصصات يستعين بها في تدبير شؤون المنصب وإدارة الدولة بالنحو الذي يراه المعصوم مناسباً.  لذا فإنه عندما لا يكون المعصوم موجوداً وكانت ولاية هذا المال للحاكم الشرعي فإنه يجب أن يلحظ في صرف (سهم الإمام )رضا الإمام (ع) المقدَّر والمعلوم من خلال طبيعة التشريع وسيرة الإمام المعصوم في المسلمين حال حياته ونوع ومقتضيات موقع الإمامة واحتياجاتها، فيلحظ الحاكم الشرعي في مصارفه تلك الأولويات التي كان يهتم بها الإمام (ع) لو كان موجوداً، ثُمَّ يسير في سياسة توزيع سهم الإمام على ضوء تلك الأولويات التي تختلف وتتنوّع باختلاف كلّ ظرف، وباختلاف مساحة سلطة الفقيه العادل ومدى حاكميته.


ويمكن القول: إنَّ هذه الأولويات تندرج في دائرتين مترتبتين في الأهمية:

الأولى: بذل سهم الإمام في كلّ ما فيه نشر لتعاليم الإسلام وترسيخها، بما في ذلك حماية الإسلام وأوطانه من الاعتداء.
فيدخل فيها تمويل مراكز الدعوة والتبليغ، وإعداد العلماء والمبلغين والدعاة، وإنشاء الجامعات والمعاهد الدينية، وطباعة الكتب.  كذلك تشمل أعمال الدفاع عن بلدان المسلمين ومنجزاتهم في حالات السلم والحرب بالنحو اللازم عند أهل الخبرة في هذا المجال، وكذا البذل من أجل تقوية الكيان الإسلامي واستقلاله وسيادته وإقامة شريعة العدل فيه ورد غائلة الظلم عنه.


الثانية: بذل سهم الإمام في إقامة المشاريع الحيوية للمسلمين من مدارس ومستشفيات ومعاهد علمية ومشاريع إقتصادية ضرورية، مثل مشاريع الري واستصلاح الأراضي ونحوها مما يعجز عنه الأفراد ويحتاجه النّاس، وكذا مساعدة الضعفاء والفقراء بالمال والمؤسسات التي ترعى شؤونهم وتيسر أمورهم، وغير ذلك من الأمور الكثيرة التي تدخل في هذا المجال.
هذا ومن المعلوم أنه لو صار للفقيه العادل حكومة ودولة فإنَّ مجالات صرف سهم الإمام (عجل اللّه فرجه) تتسع باتساع صلاحيات الدولة واهتماماتها.


ب ـ نصيب الأفراد:
وهو ثلاثة سهام أيضاً، وتعطى للفقراء وبالأخص للمساكين منهم، ولليتامى، ولأبناء السبيل، والأمر هنا على خلاف ما كان في الزكاة، فإنَّ كلاً من الفقراء وأبناء السبيل في مستحق الزكاة يعمّ كلّ فقير من المسلمين، سواء كان هاشمياً أو غير هاشمي، أمّا هنا فإن الإجماع قد انعقد على تخصيص هذه السهام الثلاثة بالفقراء وأبناء السبيل والأيتام من بني هاشم، وهو القسم الذي يصطلح عليه بـ (سهم السادة) مقابل نصيب الدولة الذي يصطلح عليه بـ (سهم الإمام)، وهذا التقسيم ملحوظ ومراعى من حيث المبدأ، لكنَّه قد يعطى الهاشمي من سهم الإمام في بعض الأحيان.

وخلاصة ما تقدّم: أنَّ الآية الكريمة قد نصت على توزيع الخمس كما في قوله تعالى: وأَعْلمُوا أَنَّما غَنمْتُم منْ شيء فأنَّ للَّهِ خُمُسَه ولِلرَّسُولِ ولذِي القُربىَ واليتَامى والمساكينِ وابنِ السَّبيل ..الخ، فهي ستة سهام: ثلاثة منها اصطلح عليها بـ (سهم الإمام) وهي: سهم اللّه تعالى وسهم رسوله (ص) وسهم ذي القربى، وهـو خصوص الإمـام المعصوم (ع)، وهي نصف الخمس الذي بيناه تحت عنوان  نصيب الدولة.  وثلاثة منها اصطلح عليها بـ (سهم السادة)، وهي سهم الفقراء واليتامى وأبناء السبيل من بني هاشم خاصة، وهي النصف الثاني من الخمس الذي بيناه تحت عنوان "نصيب الأفراد".


وهنا مسائل:
م ـ 1165: قد سبق الكلام في مبحث الزكاة عن أوصاف الفقير وابن السبيل والهاشمي وكيفية التعرّف على الهاشمي والفقير، وكذلك اشتراط أن لا يكون المستحق واجب النفقة على المعطي، ولا يختلف الأمر في الخمس عنه في الزكاة فليرجع إليه.  وزيادة على ذلك وتأكيداً لبعض ما سبق فإنه يشترط في المستحق لسهم السادة ما يلي:

أولاً: الإيمان بالعقائد الحقّة، ولا تشترط العدالة والالتزام التام بأحكام الشريعة، وإن كان الأحوط وجوباً عدم إعطاء تارك الصلاة والمتجاهر بالمعاصي وشارب الخمر.

ثانياً: المراد باليتيم من فقد أباه وكان دون سن البلوغ، فإن بلغ لم يعتبر يتيماً شرعاً ولو كان ما يزال غير رشيد وغير قادر على الإستقلال بأموره.
ولا يكفي مجرّد اليتم بل لا بُدَّ من كونه فقيراً لا يملك مؤنة سنته، فاليتيم الذي ورث عن أبيه مالاً أو عقاراً يمكن الإستغناء به لمدة سنة على الأقل لا يعدّ فقيراً فلا يعطى من سهم السادة من الخمس.

م ـ 1166: إذا كانت الزوجة هاشمية، وكان زوجها غير هاشمي، فإنها لا تعطى من سهم السادة إذا كانت غنية بزوجها، وذلك بأن كان قادراً على القيام بشؤونها على مدار السنة، ولو بالاستدانة.  أمّا إذا كان غير قادر على ذلك، أو كان ما تحتاج إليه مما لا يجب بذله على الزوج، كقضاء دينها مثلاً، فإنه يجوز ـ حينئذ ـ إعطاؤها من سهم السادة، فإن أخذته ملكته وجاز لها صرفه على زوجها وأولادها وغيرهم.

م ـ 1167: قد قلنا في الزكاة: إنَّ الهاشمي يجوز له أخذ زكاة الهاشمي فقط.  وهذا غير مشترط في الخمس، فإنَّ الهاشمي يأخذ نصيبه من الخمس سواء كان دافع الخمس هاشمياً أو غير هاشمي.

م ـ 1168: يجوز أن يعطى فرد واحد من السادة ما يكفيه لمؤنة سنة لا أكثر من ذلك، ويجوز توزيع المبلغ على الأصناف الثلاثة بأي نحو رغبه الدافع، وكذا مصارف سهم الإمام.


اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير