الإسلام أول من تصدى للعنف ضد المرأة

الإسلام أول من تصدى للعنف ضد المرأة

لأن الأمن الاجتماعي من أبرز أهدافه ومقاصده:
الإسلام أول من تصدى للعنف ضد المرأة


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :

العدل في العلاقات الإنسانية:

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكّرون}. من الخطوط العامة في العلاقات الإنسانية في الإسلام هو أن على الإنسان أن يتوخى العدل في علاقته بكل الناس، والعدل هو أن يعطي لكل ذي حق حقه، فلا يظلم أحداً حقه في أيّ جانب من الجوانب، سواء كان ذلك في ما يتصرّف به في المال أو في النفس والعرض وغير ذلك من الأمور، فالمسلم هو الذي يمارس العدل مع كل إنسان، سواء كان قوياً أو ضعيفاً، غنياَ أو فقيراً، فكل الامتيازات الطبقية والطاقات المتنوّعة لا تسمح له أن يعتدي على حقوق الآخرين، حتى أن الإسلام جعل من علامات الإيمان أن لا يستغل المؤمن قدرته لظلم الناس، حيث قال(ص): "إنما المؤمن الذي إذا رضي لم يُدخله رضاه في إثم ولا في باطل - لم يعطِ من يحبه أكثر من حقه - وإذا غضب لم يُخرجه غضبه عن قول الحق، وإذا قَدِر لم يتعاطَ ما ليس له بحق".

فعلى الإنسان عندما يعادي أن لا تُخرجه عداوته عن قول الحق لمصلحة عدوّه إذا كان له حق، وإذا كانت له القدرة الجسدية أو العسكرية أو الاقتصادية فلا يجعل من إحساسه بالقوة والقدرة سبيلاً لأن يتعاطى مع الآخر ما ليس له بحق، وإذا فعل ذلك سُلبت صفة الإيمان عنه حتى لو كان صائماً مصلياً، لأن الإيمان ليس في استقامة الإنسان مجرد كلمة يقولها في الشهادتين أو مجرد عبادة يعبد بها ربه، ولكن الإيمان يتمثّل في سلوكه مع الناس، بحيث إذا عاش معهم كان العدل فيهم.

تكريم الناس وإيتاء ذي القربى:

والله تعالى يأمر بالإحسان، والإحسان هو أن تعطي من نفسك الخير الذي لا يستحقه الآخرون عليك، بحيث تكرّم الناس وتقول لهم التي هي أحسن وتدعمهم وتقوّيهم وتعلّمهم وتقضي حوائجهم وتدخل السرور عليهم، وما إلى ذلك. كما يأمر الله تعالى بإيتاء ذي القربى، وهو أن يصل الإنسان قرابته، وقد فُسّرت بقرابة النبي (ص)، وينهى عن الفحشاء، وهي كل عمل يتجاوز الحد، وغالباً ما يُطلقه الناس على الأعمال المتصلة بالجانب الجنسي، وينهى عن المنكر، وهو كل معصية ينكرها الله تعالى، وينهى عن البغي، وهو العدوان على الناس بغير الحق، بأن يعتدي إنسان على الناس فيظلمهم حقوقهم، أو يعتدي على المجتمع كله فيثير فيه الفتنة والنزاع والخلاف.

العنف ضد المرأة:

وفي هذا الإطار، أحبّ أن أتحدث عن مشكلة إنسانية اجتماعية، يهتم بها العالم، وتتحدث عنها أغلب المؤتمرات في العالم، وهي قضية "العنف ضد المرأة"، باعتبار أن المرأة في أغلب المجتمعات هي العنصر الضعيف - جسدياً واجتماعياً وسياسياً - ولا سيما في المجتمعات الشرقية والإسلامية خصوصاً، وهي تُعتبر - من حيث نريد أو لا نريد، أو نشعر ولا نشعر - إنساناً من الدرجة الثانية. الواقع الموجود بالنسبة إلى المرأة يبدأ في اضطهاد الأب أو الأم أو الأخ للفتاة، بأن تُجبر على الزواج ممّن لا تريد، وإذا امتنعت عن ذلك فإنها تُهدد بالضرب والحرمان من كثير من حقوقها، فالذين يتولون زواج البنات هم الآباء والأمهات، أما الفتاة فليس لها رأي - غالباً - في الزواج، هذا نوع من العنف المعنوي والذي قد يتحوّل إلى عنف جسدي.

الاهتمام بتعليم المرأة:

وهناك بعض البنات يرغبن بإكمال تحصيلهن العلمي ضمن الشروط الأخلاقية التي نؤكد عليها للرجل والمرأة، ولكن بعض الآباء يمنعن بناتهن من ذلك، مع أن العلم قيمة يرفع عقل الإنسان ويطوّر موقعه، وإنني أعتقد أننا لا بد أن نهتم بتعليم المرأة كما نهتم بتعليم الرجل وربما أكثر، لأن المرأة هي التي تربي الأولاد، وليس المطلوب من الأم أن تربي الولد جسدياً فقط، بل أن تربي له عقله. حتى أن المرأة التي تملك ديناً وأخلاقاً وثقافة تعرف كيف تدير علاقتها مع زوجها، ولذلك اهتم الإسلام بجانب الدين في المرأة والرجل معاً، فقال (ص): "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"..

العنف ضد الأولاد:

فممارسة العنف ضد الأولاد - لا سيما البنات - ليس من حق الأب، فالله تعالى جعل الولاية للأب على الولد - ذكراً أو أنثى - قبل البلوغ والرشد من أجل أن يؤهل إنسانيته، ولم يجعله قطعة من قطع الأثاث ليجرّب عضلاته به.. فالأب الذي يُجبر ابنته على أن تتزوّج من لا تريد هو مأثوم، وإذا أجبر الأب أو الأم أو الأخ البنت على أن توكّل لإجراء عقد زواجها بالقوة، فالزواج باطل وعلاقتها بزوجها الذي أُجبرت عليه هي علاقة زنى، وتستطيع من ناحية شرعية أن تخرج من جلسة العقد وتتزوّج من أيّ شخص تريد، لأن العقد الذي يتم من خلال الإكراه والإجبار هو عقد كأنه لم يكن، فلا يجعل هذه الفتاة زوجة للرجل ولا يجعل الرجل زوجاً للفتاة، وهذا هو الحكم الشرعي الذي أجمع عليه كل المسلمين.

أما على مستوى العنف مع الأولاد المتمثل بالضرب، فنقول: لا فرق بين أن تضرب ابنتك أو أختك بغير حق، وبين أن تضرب بنات الجيران، فأبوّتك لا تسمح لك بأن تضرب أولادك إلا في الحالات فوق العادة. وهناك كثير من الحالات التي يتوفّى فيها الزوج، وتريد أرملته بعد ذلك أن تتزوّج، فتثور ثائرة أهل الزوج مستنكرين ذلك، والله تعالى يقول: {والذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً - وهي عدّة الوفاة - فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليهم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير}.. أو التي تُطلّق فلا يحق للزوج أن يرجعها إذا كان هدفه التعسف عليها أكثر، والله تعالى يقول: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه}، والظلم هو المحرّم الذي ارتكبه من خلال ذلك..

في حقوق الزوجية:

وهناك العنف الزوجي، ماذا يعطي الإسلام للزوج من حق؟ الحق الطبيعي للزوج هو جانب الحق الجنسي، فليس لها أن تمنعه من نفسها في الحالات الطبيعية عندما لا تكون فيها الزوجة مريضة أو تعاني من مشكلة نفسية أو غير ذلك، والله تعالى يقول: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}، فالزوجة لها الحق الجنسي عندما تحتاج إلى ذلك كما الرجل، نعم إذا منعته حقه فإن الله يأمرنا بالموعظة أولاً ثم الهجران في المضاجع ومن ثم الضرب غير المبرح، ولا يجوز للزوج في غير هذه الحالة أن يضرب زوجته، وإلا فإنه يعاقب معاقبة الظالمين عند الله، وقد ورد في الحديث الشريف: "إياك وظلم من لا يجد عليك ظالماً إلا الله".

كذلك لا يجوز للزوج أو الزوجة أن يسبّا بعضهما البعض، ولا يجوز للزوج أن يسب أهلها، ولا يجوز له أن يطردها من بيته، لأن إسكان الزوجة في بيتها حق لها على الزوج لأنها جزء من النفقة، حتى أن من حق الزوجة في العدّة الرجعية أن تسكن في بيت زوجها إلى حين انتهاء العدّة.. والجريمة الكبرى هي عندما يضرب الزوج زوجته أمام أولاده وبناته، وكم من البنات اللاتي يعانين من عقد نفسية ضد الرجال والزواج نتيجة ما رأينه من معاملة الأب لزوجته.

الإحسان إلى العيال:

وهناك نوع من العنف المالي، كما إذا أراد الزوج أن يطلق زوجته فإنه يضربها ويضطهدها من أجل أن تتنازل عن مهرها أو عن الشقة إذا كانت باسمها، فلو تنازلت الزوجة عن الشقة أو المهر أو غير ذلك تحت الضغط فإن ذلك غصب، ويبقى كل ذلك في ذمته ليُطالب بها يوم القيامة، هناك حالة الطلاق الخلعي التي تستطيع الزوجة فيها أن تتنازل عن حقها فيما إذا كرهت زوجها وأرادت أن تُنهي هذه العلاقة..

إن الله تعالى يأمر بالعدل والإحسان، ومن أفضل الإحسان أن يحسن الإنسان إلى عياله وزوجته، وقد ورد في حديث الإمام الصادق (ع): "اتقوا الضعيفين، اليتيم والنساء"، وورد في حديث النبي (ص): "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله"، فخير الناس من يعيش أهله معه في كرامة وعزة. وعلينا كمسلمين أن نكون السبّاقين إلى كل مؤتمر يرفع شعار العنف ضد المرأة، لأن الإسلام كان السبّاق في رفض العنف كله ضد المرأة، وعلينا أن نتقي الله في ذلك، لأننا سنقف أمام الله يوم القيامة من أجل أن يحكم بين العباد، وشعار يوم القيامة: "لا ظلم اليوم".

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله.. اتقوا الله عندما تزدحم الضغوط والتحديات لتقهر المستضعفين، ولتتحدى المسلمين في كل قضاياهم وأوضاعهم ومصالحهم في العالم كله، وكونوا أمة واحدة ترفع صوتاً واحداً، صوت العزة والكرامة والحرية والعدالة، صوت الدفاع عن المسلمين والمستضعفين في كل العالم، علينا أن لا نعيش ذاتياتنا، شخصية كانت أو حزبية أو قومية أو إقليمية، بل علينا أن ننفتح على المسلمين والمستضعفين كلهم بما نستطيع، فالله تعالى لا يُكلّف نفساً إلا وسعها، فقد يستطيع بعض الناس ذلك بالكلمة أو الجهاد أو بالمقاطعة وما إلى ذلك، فتعالوا لنعرف ماذا هناك، لنحدد موقفنا بكل ما نستطيع.

انحياز استكباري مطلق لإسرائيل:

لا تزال الانتفاضة مستمرة بالرغم من التدخّل الأمريكي والأوروبي الذي تبنى كلمة "العنف" الصهيونية، تماماً كما لو كانت المسألة مسألة شعب يدخل بشكل متكافئ في صراع مع شعب آخر، وليست مسألة شعب يطالب بحريته واستقلاله، ويحتجّ على الاحتلال بطريقة سلمية، فيبادله المحتل بالقصف والتدمير بمختلف الأسلحة الثقيلة من الدبابات والطائرات والصواريخ. وينطلق الغرب للمطالبة بشكل حادّ للشعب المضطَهَد المقتول المجروح والمدمَّرة بيوته بإيقاف العنف، بعيداً عن مطالبة جيش الاحتلال بالانسحاب بدون قيد أو شرط، كما تنص على ذلك شرعة الأمم المتحدة، حتى أن المؤتمر الأوروبي - الشرق أوسطي لم يستنكر الوحشية الإسرائيلية، بل ساوى بين المجرم والضحية، ما جعل سورياولبنان تمتنعان عن حضوره..

إن حقوق الإنسان التي يطالب بها الغرب، والحضارة التي يتحدث عنها، تفرضان المطالبة بإنهاء الاحتلال لفلسطين من دون قيد أو شرط، وإذا كانت أمريكا تريد العودة إلى المفاوضات كما يتحدث وزير الحرب الأمريكي "كوهين" في جولته في البلاد العربية، فإن السؤال: ما هي الضمانة السياسية للشعب الفلسطيني في إجبار إسرائيل على الانسحاب من المستوطنات التي لا شرعية لها في قرارات الأمم المتحدة، أو من القدس، الذي يفرضه قرارا مجلس الأمن 242 و338؟ ولماذا بدّلت أمريكا حديثها عن الأرض المحتلة إلى الحديث عن الأراضي المتنازع عليها، وقرارها في اعتبار القدس الموحَّدة "عاصمة أبدية لإسرائيل"؟؟

إننا نسأل الإدارة الأمريكية التي تقف مع إسرائيل بالمطلق، وتضغط على الفلسطينيين لتقديم التنازلات: هل كانت في موقف المحايد في موقعها في المفاوضات، أو كانت في الموقع المضاد الذي يريد تنفيذ الاستراتيجية الإسرائيلية، ما جعلها تمتنع عن أيّ ضغط على إسرائيل في تمردها على قرارات مجلس الأمن؟ أيّ مفاوضات هي هذه المفاوضات، وما هي الضمانة لسلامتها من الضغوط؟.. حتى أن الدول العربية والإسلامية الخاضعة في غالبيتها لأمريكا، لم تمارس أي ضغط سياسي واقتصادي على إسرائيل، لمصلحة رفع العدوان عن الشعب الفلسطيني، والسير به نحو الاستقلال بكل قوة، ولم تتحرك للتخطيط والضغط على المصالح الأمريكية من أجل أن تشعر بالحاجة إلى الاتّزان في سياستها مع الموقف العربي!!

الانتفاضة ـ الثورة.. السبيل إلى التحرير

لقد أدرك الشعب الفلسطيني أن الانتفاضة- الثورة في خط التحرير - لا التحريك - هي السبيل للحصول على الاستقلال، متجاوزاً كل التهديدات الصهيونية بتصعيد الحرب.. وهكذا، ارتفعت الانتفاضة إلى مستوى الثورة، ما جعلها تُدخل العدو في أصعب مأزق أمني وسياسي يستهدف أمنه واستقراره وصورته أمام العالم.. وإننا نريد لقيادة الانتفاضة أن تبقى مع نبض شعبها المجاهد، وأن لا تلتفت إلى كل كلمات التعقّل والاعتدال التي لم تعد تمثّل الخط الذي يصل بالشعب إلى أهدافه، عندما تحوّل التعقل إلى عقل أمريكي، والاعتدال إلى استسلام للمحتل والمستكبر..

التكامل مع الانتفاضة:

إننا - بهذه المناسبة - نجدد دعوتنا للشعوب العربية والإسلامية أن تتابع انتفاضتها السياسية، التي تتكامل مع الانتفاضة الجهادية الفلسطينية، حتى تمثل قوة الضغط على الأنظمة، وتجعل العالم كله يدرك أن الانتفاضة ليست انتفاضة محلية في فلسطين، بل هي انتفاضة عربية وإسلامية في امتداد العالم العربي والإسلامي.. كما ندعو المسلمين في كل أنحاء العالم - من موقعنا الفقهي الإسلامي - إلى مقاطعة إسرائيل في العالم كله، وإلى مقاطعة أمريكا اقتصادياً حسب الإمكان، فإن ذلك أمر واجب شرعاً على كل مسلم ومسلمة، وهذا هو أضعف الإيمان..

وفي جانب آخر، نلاحظ قرار مجلس الأمن الدولي الذي يتصل بالوضع على الحدود في لبنان، والذي يطالب لبنان بحماية أمن الحدود للعدو، بدلاً من المطالبة بانسحاب العدو من بعض المواقع وراء "الخط الأزرق" ومن "مزارع شبعا" التي لا تزال تحت الاحتلال، ما يجعل الحق للبنان - جيشاَ وشعباً ومقاومة - في مقاومة الاحتلال لإكمال الانسحاب.. وبهذه المناسبة، فإن العملية التي قامت بها المقاومة الإسلامية في منطقة المزارع ضد العدو هي عملية جهادية مشروعة، حتى على أساس القرار 425، لأن شرطه الانسحاب الكامل الذي لم يحصل..

الأمم المتحدة..خضوع للسياسة الأمريكية

إن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة سوف يشجّع إسرائيل على العدوان على لبنان، لا سيما أنها تطلق التهديدات لسوريا ولبنان في كل وقت، ولذلك فإننا نأسف أن يكون هذا الأمين العام خاضعاً للسياسة الأمريكية في قراراته ونظرته للأمور.. وإننا نسأله: لماذا لم يعترض على إسرائيل عن عدم تطبيقها لقرارات مجلس الأمن 242 و338 و194 التي تنكّرت لها، وفي اختراقات إسرائيل للبنان براً وبحراً وجواً، وهل أخذ الدرس من "بطرس غالي" الأمين العام السابق للأمم المتحدة؟؟

وفي هذا الجو نتساءل: ما هي مناسبة زيارة وزير الدفاع الأمريكي للمنطقة، في هذه الظروف التي تطالب بها شعوبها بانسحاب القوات الأمريكية من الخليج لأنها عدوّة العرب والمسلمين؟ هل هي للتأكيد على أن القوات الأمريكية سوف تبقى في الخليج بحجة الحفاظ على أمنه؟ ونقول له: إن أمن الخليج تحميه دول الخليج - كما قالت إيران - وإن المصالحات السياسية بين دول المنطقة هي التي تؤكد الأمن لا القوات الأمريكية، ولكن أمريكا تمنع التقارب بين هذه الدول لتبقى لها الحجة في البقاء، للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

يجب تجاوز هذه المرحلة:

وختاماً، إن علينا أن نعرف بأننا أمام مرحلة صعبة وخطيرة، تتزايد فيها الضغوط على لبنان وسوريا للسير في الركب الأمريكي والإسرائيلي للتسوية، الذي يُراد إطلاقه من جديد وبأساليب جديدة، ولذلك علينا أن نطرح كل هذه المسائل في دائرة التفاهم حول كيفية تأكيد الوحدة الداخلية، ومع المحيط العربي والإسلامي، ريثما نتجاوز هذه المرحلة، ولأن العنوان العام يبقى الأصل أمام التفاصيل التي تستطيع الانتظار، أو يعمل المخلصون على بحثها في الدوائر الداخلية لا في الهواء الطلق..

إن البلد بحاجة إلى عقل يفكر بهدوء، ويخطط باتزان، وينفتح على المستقبل بالحل الواقعي للمشاكل الاقتصادية والسياسية والتربوية، لتكون الوحدة من أجل الحلّ، بدلاً من الانقسام الذي يهدد البلد كله، ويستعيد أجواء الحرب..

لأن الأمن الاجتماعي من أبرز أهدافه ومقاصده:
الإسلام أول من تصدى للعنف ضد المرأة


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :

العدل في العلاقات الإنسانية:

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكّرون}. من الخطوط العامة في العلاقات الإنسانية في الإسلام هو أن على الإنسان أن يتوخى العدل في علاقته بكل الناس، والعدل هو أن يعطي لكل ذي حق حقه، فلا يظلم أحداً حقه في أيّ جانب من الجوانب، سواء كان ذلك في ما يتصرّف به في المال أو في النفس والعرض وغير ذلك من الأمور، فالمسلم هو الذي يمارس العدل مع كل إنسان، سواء كان قوياً أو ضعيفاً، غنياَ أو فقيراً، فكل الامتيازات الطبقية والطاقات المتنوّعة لا تسمح له أن يعتدي على حقوق الآخرين، حتى أن الإسلام جعل من علامات الإيمان أن لا يستغل المؤمن قدرته لظلم الناس، حيث قال(ص): "إنما المؤمن الذي إذا رضي لم يُدخله رضاه في إثم ولا في باطل - لم يعطِ من يحبه أكثر من حقه - وإذا غضب لم يُخرجه غضبه عن قول الحق، وإذا قَدِر لم يتعاطَ ما ليس له بحق".

فعلى الإنسان عندما يعادي أن لا تُخرجه عداوته عن قول الحق لمصلحة عدوّه إذا كان له حق، وإذا كانت له القدرة الجسدية أو العسكرية أو الاقتصادية فلا يجعل من إحساسه بالقوة والقدرة سبيلاً لأن يتعاطى مع الآخر ما ليس له بحق، وإذا فعل ذلك سُلبت صفة الإيمان عنه حتى لو كان صائماً مصلياً، لأن الإيمان ليس في استقامة الإنسان مجرد كلمة يقولها في الشهادتين أو مجرد عبادة يعبد بها ربه، ولكن الإيمان يتمثّل في سلوكه مع الناس، بحيث إذا عاش معهم كان العدل فيهم.

تكريم الناس وإيتاء ذي القربى:

والله تعالى يأمر بالإحسان، والإحسان هو أن تعطي من نفسك الخير الذي لا يستحقه الآخرون عليك، بحيث تكرّم الناس وتقول لهم التي هي أحسن وتدعمهم وتقوّيهم وتعلّمهم وتقضي حوائجهم وتدخل السرور عليهم، وما إلى ذلك. كما يأمر الله تعالى بإيتاء ذي القربى، وهو أن يصل الإنسان قرابته، وقد فُسّرت بقرابة النبي (ص)، وينهى عن الفحشاء، وهي كل عمل يتجاوز الحد، وغالباً ما يُطلقه الناس على الأعمال المتصلة بالجانب الجنسي، وينهى عن المنكر، وهو كل معصية ينكرها الله تعالى، وينهى عن البغي، وهو العدوان على الناس بغير الحق، بأن يعتدي إنسان على الناس فيظلمهم حقوقهم، أو يعتدي على المجتمع كله فيثير فيه الفتنة والنزاع والخلاف.

العنف ضد المرأة:

وفي هذا الإطار، أحبّ أن أتحدث عن مشكلة إنسانية اجتماعية، يهتم بها العالم، وتتحدث عنها أغلب المؤتمرات في العالم، وهي قضية "العنف ضد المرأة"، باعتبار أن المرأة في أغلب المجتمعات هي العنصر الضعيف - جسدياً واجتماعياً وسياسياً - ولا سيما في المجتمعات الشرقية والإسلامية خصوصاً، وهي تُعتبر - من حيث نريد أو لا نريد، أو نشعر ولا نشعر - إنساناً من الدرجة الثانية. الواقع الموجود بالنسبة إلى المرأة يبدأ في اضطهاد الأب أو الأم أو الأخ للفتاة، بأن تُجبر على الزواج ممّن لا تريد، وإذا امتنعت عن ذلك فإنها تُهدد بالضرب والحرمان من كثير من حقوقها، فالذين يتولون زواج البنات هم الآباء والأمهات، أما الفتاة فليس لها رأي - غالباً - في الزواج، هذا نوع من العنف المعنوي والذي قد يتحوّل إلى عنف جسدي.

الاهتمام بتعليم المرأة:

وهناك بعض البنات يرغبن بإكمال تحصيلهن العلمي ضمن الشروط الأخلاقية التي نؤكد عليها للرجل والمرأة، ولكن بعض الآباء يمنعن بناتهن من ذلك، مع أن العلم قيمة يرفع عقل الإنسان ويطوّر موقعه، وإنني أعتقد أننا لا بد أن نهتم بتعليم المرأة كما نهتم بتعليم الرجل وربما أكثر، لأن المرأة هي التي تربي الأولاد، وليس المطلوب من الأم أن تربي الولد جسدياً فقط، بل أن تربي له عقله. حتى أن المرأة التي تملك ديناً وأخلاقاً وثقافة تعرف كيف تدير علاقتها مع زوجها، ولذلك اهتم الإسلام بجانب الدين في المرأة والرجل معاً، فقال (ص): "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"..

العنف ضد الأولاد:

فممارسة العنف ضد الأولاد - لا سيما البنات - ليس من حق الأب، فالله تعالى جعل الولاية للأب على الولد - ذكراً أو أنثى - قبل البلوغ والرشد من أجل أن يؤهل إنسانيته، ولم يجعله قطعة من قطع الأثاث ليجرّب عضلاته به.. فالأب الذي يُجبر ابنته على أن تتزوّج من لا تريد هو مأثوم، وإذا أجبر الأب أو الأم أو الأخ البنت على أن توكّل لإجراء عقد زواجها بالقوة، فالزواج باطل وعلاقتها بزوجها الذي أُجبرت عليه هي علاقة زنى، وتستطيع من ناحية شرعية أن تخرج من جلسة العقد وتتزوّج من أيّ شخص تريد، لأن العقد الذي يتم من خلال الإكراه والإجبار هو عقد كأنه لم يكن، فلا يجعل هذه الفتاة زوجة للرجل ولا يجعل الرجل زوجاً للفتاة، وهذا هو الحكم الشرعي الذي أجمع عليه كل المسلمين.

أما على مستوى العنف مع الأولاد المتمثل بالضرب، فنقول: لا فرق بين أن تضرب ابنتك أو أختك بغير حق، وبين أن تضرب بنات الجيران، فأبوّتك لا تسمح لك بأن تضرب أولادك إلا في الحالات فوق العادة. وهناك كثير من الحالات التي يتوفّى فيها الزوج، وتريد أرملته بعد ذلك أن تتزوّج، فتثور ثائرة أهل الزوج مستنكرين ذلك، والله تعالى يقول: {والذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً - وهي عدّة الوفاة - فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليهم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير}.. أو التي تُطلّق فلا يحق للزوج أن يرجعها إذا كان هدفه التعسف عليها أكثر، والله تعالى يقول: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه}، والظلم هو المحرّم الذي ارتكبه من خلال ذلك..

في حقوق الزوجية:

وهناك العنف الزوجي، ماذا يعطي الإسلام للزوج من حق؟ الحق الطبيعي للزوج هو جانب الحق الجنسي، فليس لها أن تمنعه من نفسها في الحالات الطبيعية عندما لا تكون فيها الزوجة مريضة أو تعاني من مشكلة نفسية أو غير ذلك، والله تعالى يقول: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}، فالزوجة لها الحق الجنسي عندما تحتاج إلى ذلك كما الرجل، نعم إذا منعته حقه فإن الله يأمرنا بالموعظة أولاً ثم الهجران في المضاجع ومن ثم الضرب غير المبرح، ولا يجوز للزوج في غير هذه الحالة أن يضرب زوجته، وإلا فإنه يعاقب معاقبة الظالمين عند الله، وقد ورد في الحديث الشريف: "إياك وظلم من لا يجد عليك ظالماً إلا الله".

كذلك لا يجوز للزوج أو الزوجة أن يسبّا بعضهما البعض، ولا يجوز للزوج أن يسب أهلها، ولا يجوز له أن يطردها من بيته، لأن إسكان الزوجة في بيتها حق لها على الزوج لأنها جزء من النفقة، حتى أن من حق الزوجة في العدّة الرجعية أن تسكن في بيت زوجها إلى حين انتهاء العدّة.. والجريمة الكبرى هي عندما يضرب الزوج زوجته أمام أولاده وبناته، وكم من البنات اللاتي يعانين من عقد نفسية ضد الرجال والزواج نتيجة ما رأينه من معاملة الأب لزوجته.

الإحسان إلى العيال:

وهناك نوع من العنف المالي، كما إذا أراد الزوج أن يطلق زوجته فإنه يضربها ويضطهدها من أجل أن تتنازل عن مهرها أو عن الشقة إذا كانت باسمها، فلو تنازلت الزوجة عن الشقة أو المهر أو غير ذلك تحت الضغط فإن ذلك غصب، ويبقى كل ذلك في ذمته ليُطالب بها يوم القيامة، هناك حالة الطلاق الخلعي التي تستطيع الزوجة فيها أن تتنازل عن حقها فيما إذا كرهت زوجها وأرادت أن تُنهي هذه العلاقة..

إن الله تعالى يأمر بالعدل والإحسان، ومن أفضل الإحسان أن يحسن الإنسان إلى عياله وزوجته، وقد ورد في حديث الإمام الصادق (ع): "اتقوا الضعيفين، اليتيم والنساء"، وورد في حديث النبي (ص): "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله"، فخير الناس من يعيش أهله معه في كرامة وعزة. وعلينا كمسلمين أن نكون السبّاقين إلى كل مؤتمر يرفع شعار العنف ضد المرأة، لأن الإسلام كان السبّاق في رفض العنف كله ضد المرأة، وعلينا أن نتقي الله في ذلك، لأننا سنقف أمام الله يوم القيامة من أجل أن يحكم بين العباد، وشعار يوم القيامة: "لا ظلم اليوم".

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله.. اتقوا الله عندما تزدحم الضغوط والتحديات لتقهر المستضعفين، ولتتحدى المسلمين في كل قضاياهم وأوضاعهم ومصالحهم في العالم كله، وكونوا أمة واحدة ترفع صوتاً واحداً، صوت العزة والكرامة والحرية والعدالة، صوت الدفاع عن المسلمين والمستضعفين في كل العالم، علينا أن لا نعيش ذاتياتنا، شخصية كانت أو حزبية أو قومية أو إقليمية، بل علينا أن ننفتح على المسلمين والمستضعفين كلهم بما نستطيع، فالله تعالى لا يُكلّف نفساً إلا وسعها، فقد يستطيع بعض الناس ذلك بالكلمة أو الجهاد أو بالمقاطعة وما إلى ذلك، فتعالوا لنعرف ماذا هناك، لنحدد موقفنا بكل ما نستطيع.

انحياز استكباري مطلق لإسرائيل:

لا تزال الانتفاضة مستمرة بالرغم من التدخّل الأمريكي والأوروبي الذي تبنى كلمة "العنف" الصهيونية، تماماً كما لو كانت المسألة مسألة شعب يدخل بشكل متكافئ في صراع مع شعب آخر، وليست مسألة شعب يطالب بحريته واستقلاله، ويحتجّ على الاحتلال بطريقة سلمية، فيبادله المحتل بالقصف والتدمير بمختلف الأسلحة الثقيلة من الدبابات والطائرات والصواريخ. وينطلق الغرب للمطالبة بشكل حادّ للشعب المضطَهَد المقتول المجروح والمدمَّرة بيوته بإيقاف العنف، بعيداً عن مطالبة جيش الاحتلال بالانسحاب بدون قيد أو شرط، كما تنص على ذلك شرعة الأمم المتحدة، حتى أن المؤتمر الأوروبي - الشرق أوسطي لم يستنكر الوحشية الإسرائيلية، بل ساوى بين المجرم والضحية، ما جعل سورياولبنان تمتنعان عن حضوره..

إن حقوق الإنسان التي يطالب بها الغرب، والحضارة التي يتحدث عنها، تفرضان المطالبة بإنهاء الاحتلال لفلسطين من دون قيد أو شرط، وإذا كانت أمريكا تريد العودة إلى المفاوضات كما يتحدث وزير الحرب الأمريكي "كوهين" في جولته في البلاد العربية، فإن السؤال: ما هي الضمانة السياسية للشعب الفلسطيني في إجبار إسرائيل على الانسحاب من المستوطنات التي لا شرعية لها في قرارات الأمم المتحدة، أو من القدس، الذي يفرضه قرارا مجلس الأمن 242 و338؟ ولماذا بدّلت أمريكا حديثها عن الأرض المحتلة إلى الحديث عن الأراضي المتنازع عليها، وقرارها في اعتبار القدس الموحَّدة "عاصمة أبدية لإسرائيل"؟؟

إننا نسأل الإدارة الأمريكية التي تقف مع إسرائيل بالمطلق، وتضغط على الفلسطينيين لتقديم التنازلات: هل كانت في موقف المحايد في موقعها في المفاوضات، أو كانت في الموقع المضاد الذي يريد تنفيذ الاستراتيجية الإسرائيلية، ما جعلها تمتنع عن أيّ ضغط على إسرائيل في تمردها على قرارات مجلس الأمن؟ أيّ مفاوضات هي هذه المفاوضات، وما هي الضمانة لسلامتها من الضغوط؟.. حتى أن الدول العربية والإسلامية الخاضعة في غالبيتها لأمريكا، لم تمارس أي ضغط سياسي واقتصادي على إسرائيل، لمصلحة رفع العدوان عن الشعب الفلسطيني، والسير به نحو الاستقلال بكل قوة، ولم تتحرك للتخطيط والضغط على المصالح الأمريكية من أجل أن تشعر بالحاجة إلى الاتّزان في سياستها مع الموقف العربي!!

الانتفاضة ـ الثورة.. السبيل إلى التحرير

لقد أدرك الشعب الفلسطيني أن الانتفاضة- الثورة في خط التحرير - لا التحريك - هي السبيل للحصول على الاستقلال، متجاوزاً كل التهديدات الصهيونية بتصعيد الحرب.. وهكذا، ارتفعت الانتفاضة إلى مستوى الثورة، ما جعلها تُدخل العدو في أصعب مأزق أمني وسياسي يستهدف أمنه واستقراره وصورته أمام العالم.. وإننا نريد لقيادة الانتفاضة أن تبقى مع نبض شعبها المجاهد، وأن لا تلتفت إلى كل كلمات التعقّل والاعتدال التي لم تعد تمثّل الخط الذي يصل بالشعب إلى أهدافه، عندما تحوّل التعقل إلى عقل أمريكي، والاعتدال إلى استسلام للمحتل والمستكبر..

التكامل مع الانتفاضة:

إننا - بهذه المناسبة - نجدد دعوتنا للشعوب العربية والإسلامية أن تتابع انتفاضتها السياسية، التي تتكامل مع الانتفاضة الجهادية الفلسطينية، حتى تمثل قوة الضغط على الأنظمة، وتجعل العالم كله يدرك أن الانتفاضة ليست انتفاضة محلية في فلسطين، بل هي انتفاضة عربية وإسلامية في امتداد العالم العربي والإسلامي.. كما ندعو المسلمين في كل أنحاء العالم - من موقعنا الفقهي الإسلامي - إلى مقاطعة إسرائيل في العالم كله، وإلى مقاطعة أمريكا اقتصادياً حسب الإمكان، فإن ذلك أمر واجب شرعاً على كل مسلم ومسلمة، وهذا هو أضعف الإيمان..

وفي جانب آخر، نلاحظ قرار مجلس الأمن الدولي الذي يتصل بالوضع على الحدود في لبنان، والذي يطالب لبنان بحماية أمن الحدود للعدو، بدلاً من المطالبة بانسحاب العدو من بعض المواقع وراء "الخط الأزرق" ومن "مزارع شبعا" التي لا تزال تحت الاحتلال، ما يجعل الحق للبنان - جيشاَ وشعباً ومقاومة - في مقاومة الاحتلال لإكمال الانسحاب.. وبهذه المناسبة، فإن العملية التي قامت بها المقاومة الإسلامية في منطقة المزارع ضد العدو هي عملية جهادية مشروعة، حتى على أساس القرار 425، لأن شرطه الانسحاب الكامل الذي لم يحصل..

الأمم المتحدة..خضوع للسياسة الأمريكية

إن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة سوف يشجّع إسرائيل على العدوان على لبنان، لا سيما أنها تطلق التهديدات لسوريا ولبنان في كل وقت، ولذلك فإننا نأسف أن يكون هذا الأمين العام خاضعاً للسياسة الأمريكية في قراراته ونظرته للأمور.. وإننا نسأله: لماذا لم يعترض على إسرائيل عن عدم تطبيقها لقرارات مجلس الأمن 242 و338 و194 التي تنكّرت لها، وفي اختراقات إسرائيل للبنان براً وبحراً وجواً، وهل أخذ الدرس من "بطرس غالي" الأمين العام السابق للأمم المتحدة؟؟

وفي هذا الجو نتساءل: ما هي مناسبة زيارة وزير الدفاع الأمريكي للمنطقة، في هذه الظروف التي تطالب بها شعوبها بانسحاب القوات الأمريكية من الخليج لأنها عدوّة العرب والمسلمين؟ هل هي للتأكيد على أن القوات الأمريكية سوف تبقى في الخليج بحجة الحفاظ على أمنه؟ ونقول له: إن أمن الخليج تحميه دول الخليج - كما قالت إيران - وإن المصالحات السياسية بين دول المنطقة هي التي تؤكد الأمن لا القوات الأمريكية، ولكن أمريكا تمنع التقارب بين هذه الدول لتبقى لها الحجة في البقاء، للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

يجب تجاوز هذه المرحلة:

وختاماً، إن علينا أن نعرف بأننا أمام مرحلة صعبة وخطيرة، تتزايد فيها الضغوط على لبنان وسوريا للسير في الركب الأمريكي والإسرائيلي للتسوية، الذي يُراد إطلاقه من جديد وبأساليب جديدة، ولذلك علينا أن نطرح كل هذه المسائل في دائرة التفاهم حول كيفية تأكيد الوحدة الداخلية، ومع المحيط العربي والإسلامي، ريثما نتجاوز هذه المرحلة، ولأن العنوان العام يبقى الأصل أمام التفاصيل التي تستطيع الانتظار، أو يعمل المخلصون على بحثها في الدوائر الداخلية لا في الهواء الطلق..

إن البلد بحاجة إلى عقل يفكر بهدوء، ويخطط باتزان، وينفتح على المستقبل بالحل الواقعي للمشاكل الاقتصادية والسياسية والتربوية، لتكون الوحدة من أجل الحلّ، بدلاً من الانقسام الذي يهدد البلد كله، ويستعيد أجواء الحرب..

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير